-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معرض طولا.. للعرض

عمار يزلي
  • 425
  • 0
معرض طولا.. للعرض
ح.م

معرض الكتاب التي تعرّض لتأجيل، ربما ليتوافق مع ذكرى أول نوفمبر54.. ولكن ربما ليتواءم مع 5 أكتوبر 88، على اعتبار أنه سينظم مبدئيا من 29 أكتوبر إلى 10 نوفمبر، لا أعتقد أنه سيكون حدثا خارجا عن المألوف، لأنه جزءٌ من حملة ذات منفعة غير عامة.. مثله مثل بقية الحملات حتى حملة الحرث والبذر وحملة النظافة وحملة المياه التي جرفت المدن.

وجدتُ نفسي قبل وقته، أزور مختلف أجنحة وسرادق المعرض. رأيت أن الكتب كانت أكثر من البشر، فهذا شيء طبيعي، بل ومحمود، إنما تعجبت في أني أرى بشرا ولا أرى قراء ولا مشترين، فقد كنت أتوقع أن أرى إقبالا على الكتاب كما كان الإقبال على سوق الخضر والشعب يتفرج على الغلاء ولا يشتري، من المفروض أننا شعب مستهلك، إنما اليوم صرنا شعبا متفرجا. سألت شابا جامعيا وكان يبحث عن كتب علمية حسب قدرته الشرائية، فأجابني أنه لم يجد ما يشتريه.. سألته عن السبب، فقال لي: المشكل، هو أنه لم يجد ما يشتري به رغم أنه وجد ما يشتريه.. الغلاء.. من المفروض أن يتوفر هذا الكتاب وكتب أخرى في المكتبات الجامعية وبأعداد وافرة، إذ أنك قد تجد الكتاب في الأوراق ولا تجده في الرفوف بسبب قلة النسخ وكثرة الطلب. سألت امرأة في الأربعين عما تريد شراءه، فقالت: أبحث عن كتب الطبخ المغربية، لكني وجدتها أغلى من الطبخ نفسه.

 القراءة، عقاب عندنا، وشراء العقاب بالمال من الأمور غير المنطقية والتي لا يمكن أن يفعلها إلا مريض عقليا، والجزائريون والحمد لله، “مجانين عاقلين” (مهبول ويعرف باب داره). لكن كيف السبيل لكي ندفع بالناس العازفين عن القراءة  نحو شراء العلم والثقافة العالمة؟ لماذا لا نطالع الأدب والروايات وخاصة الشعر، حتى أن الأدباء رحلوا إلى الرواية هروبا من الشعر؟.. رأيت فيما بعد أن الناس يهربون من الشعر.. نحو .. الشعير! فالشعر لا يسمن ولا يغني من جوع، بل أنه لا يعكس حتى حقائق أصحابها من الخارج ناهيك عن الدواخل، فأعذب الشعر أكذبه، والناس لم يعودوا يؤمنون بالكذب ولا يكذبون بصدق، والمغاربة يقولون في مثل دارج “كذبة مصحصحة، غير من الصح المبثبت”!.. ثم أن الشعر صار أكذب من أي كذب سياسي، والغاوون صاروا شعراء والشعراء صاروا “خاوين”! (فارغين يعني). أما الرواية فقد صارت تأليفا للبهتان المكذوب، ألعن من الشعر، بهتان تاريخي، يكذب على الجماعة باسم الجماعة والتاريخ والجغرافيا والدين والعلم والفلسفة واللغة.. سمفونية كذب وبناء معماري عالي من رمل، ناطحة كذب بامتياز، لهذا الناس لا يشترون إلا بما فيهم من محبة للكذب.. أما الكتاب العلمي، فالكذب فيه هو سعره، والكتاب الجامعي، الكذب فيه ناشروه فهم يروجون للبعض ويهملون البعض، ويرون فيها خضرة فوق طعام وخسارة مضمونة العواقب. هكذا، القراء، لا يشترون لأنه ببساطة لا يوجد  قراء! ولو وجد القراء لما كان الكتاب يكذب على القارئ باسم الكتاب، فحتى الكتب المقدسة صار يُكذَب عليها ويُحرَّف ما يُكتَب فيها. أما الكتاب الديني، فبالإضافة إلى كذب باعته باسم الدين أحيانا وباسم العقيدة والمذهب والملة والإيديولوجيا، جعل الناس يتجهون نحو شراء “حروز” دينية للرقية الشرعية والأدعية، لتساعدهم على الهداية من ضلال المادة والربح والخسارة والغلاء وقلة الصدق وكثرة المرض والأزمات النفسية التي تولدت مع هذه التحوّلات “الصريعة”، التي تورث الصرع والالتباس والتلبس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!