-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معًا لإنقاذ شبابنا

سلطان بركاني
  • 497
  • 0
معًا لإنقاذ شبابنا
ح.م

لعلّ ممّا يقتل القلب حسرة وكمدا في زماننا وأيامنا هذه أنّه في خضمّ الفتن والأهوال التي تعيشها أمّة الإسلام في هذه السّنوات.. وفي خضمّ الحرب الظّالمة التي أعلنتها الأمم على أمّة خاتمة الرّسالات.. في خضمّ ما يعيشه إخواننا المسلمون في غزّة من حصار جائر يتخلّله بين الحين والآخر عدوان صهيونيّ لا يرحم طفلا ولا امرأة، وما يعيشه المنكوبون في سوريا والعراق والمضطهدون في بورما وتركستان.. في خضمّ هذه المحن ترى جموعا من شباب هذه الأمّة تعيش على هامش الحياة بلا هدف ولا غاية، سوى متعة اللّحظة وملهاة اليوم.. يعيش الواحد منهم يومه ليومه، لا مكان في عقله للتّفكير في حاله ومآله فضلا عن التّفكير في حال أمّة تزداد أنّاتها عاما بعد عام.

طاقات من شباب هذه الأمّة تُضيّع، وعقول “خام” تغتال، بسبب إيثار بعض شبابنا الفرار من مرارة الواقع، إلى واقع أكثر مرارة، وإلى عالم يمنح نشوة اللّحظة وألم الدّهر، إنّه عالم المسكرات والمخدّرات.

هم شباب مخطئون في خيارهم، لكنّهم أيضا ضحايا واقع منكوس تعيشه أمّة الإسلام، وضحايا أسر استقال فيها الأولياء عن أداء الأمانة التي اؤتمنوا عليها.. إنّهم شباب أحوج إلى الرّحمة منهم إلى الرّدع والزّجر، وأحوج إلى قلوب تتألّم لحالهم وألسن تخاطب عقولهم وقلوبهم وتستهدف بذرة الخير التي لا يكاد يخلو منها أحدهم.. فالواجب علينا أن نرحمهم، ويقدّم كلّ منّا أقصى ما يستطيع تقديمه لإنقاذهم من المصير المشؤوم الذي يتّجهون نحوه، وانتشالهم من المستنقع الآسن الذي يسبحون فيه.. مستنقع الانتحار البطيء.. إنّهم وإن كانوا يضحكون ويقهقهون إلا أنّ قلوبهم تبكي وتنتحب.. كثير منهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسبب اليأس، ويتمنّون أن يجدوا أيادي حانية تنتشلهم ممّا هم فيه، وينتظرون من يعيد إليهم الأمل، ويعينهم على أنفسهم.

أسلحة أشدّ فتكا من أسلحة الدّمار الشّامل!

إنّه ليس بعد تعاطي المسكرات والمخدّرات حياة، لذلك فقد أجمع العقلاء في كلّ مكان وكلّ زمان على وجوب الوقوف في طريق تعاطيها والتّرويج لها.. إنّها الإرهاب الحقيقيّ الذي يتهدّد كيان الأمم والمجتمعات.. إنّها الإرهاب الذي تحاربه دول الاستكبار العالمي أمريكا وحلفاؤها على أراضيها وبين شعوبها، بينما يعجبها أن يروج بين شباب المسلمين، لأنّها تعلم أنّ الخمور والمخدّرات والشّهوات أسلحة يفوق خطرها خطر أسلحة الدّمار الشامل.
علينا أن ندرك أنّ معاقرة شابّ من شباب المسلمين للخمر أو تعاطيه للمخدرات، إنّما ينسجم ويخدم أهداف الصّليبيّة والصّهيونيّة في العالم الإسلاميّ، وهو –أي الشابّ- جرح غائر في جسد الأمّة المكلومة، لأنّ انتشار الموبقات والمحرّمات من أسباب زيادة الذلّ والهوان والضياع والحرمان.

رسالة إلى الآباء والأمّهات

لاشكّ في أنّ أوّل سبب لظاهرة رواجالخمور والمخدّرات ونشاط أسواقها، هو استقالة الآباء والأمّهات عن مسؤوليتهم في تربية أبنائهم تربية إسلامية حقيقيّة مبنيّة على استشعار رقابة الله في كلّ حين وكلّ آن.. سؤال مهمّ أصبح لزاما على كلّ أمّ وعلى كلّ أب أن يطرحه على نفسه: من يربّي أبنائي؟ بمن يقتدون؟ من يصاحبون؟ حاولي أيّتها الأمّ وحاول أيّها الأب أن تجيب عن هذه الأسئلة بينك وبين نفسك.. لعلّك إن كنت صادقا أيّها الأب ستجد أنّك كنت السّبب في انحراف أبنائك وأنت الآن تشكو حالهم إلى كلّ النّاس.. كنت تنهاهم عن التّدخين والسيجارة لا تكاد تفارق شفتيك.. تنهاهم عن التدخين ولا تسألهم عن جلسائهم وأصحابهم وكأنّك لا تعلم أنّ الصّاحب ساحب.. بدل أن تخوّفهم بالله وبغضبه وعذابه كنت تخوّفهم من عقوبتك أنت فصاروا يستخفون منك ولا يستخفون من الله.. لقد صار لا يهمّك أن يسهر أبناؤك خارج البيت لساعات متأخرة ولا يهمّك أين يقضون أوقاتهم.. أما تخشى الله أيّها الأب؟ أما تخافين الله أيّتها الأمّ؟ أما سمعتما قول الله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون))؟ إنّ بداية الانحراف أيّها الأب كثيرا ما تكون صديق سوء يدخّن ولا يصلّي، فتبدأ رحلة الشّقاء بنفس واحد من سيجارة يمدّها رفيق السّوء إلى الضّحية، ثمّ تتوالى الأنفاس وتتعاقب السّجائر، ومن السّجائر إلى المخدّرات الطّريق سريعة ومعبّدة، فيا أيّها الآباء اتّقوا الله في أبنائكم وامنعوهم التّدخين.. امنعوهم رفقاء السّوء.. خذوا بأيديهم إلى المساجد للبحث عن الرّفقة الصّالحة..

نداء إلى شباب المساجد

وأنتم يا شباب المساجد.. يا من أنعم الله عليكم وهداكم لتكونوا من رواد بيوته.. لا تنظروا إلى الشّباب ضحايا الخمور والمخدّرات على أنّهم آفة ينبغي التخلّص منها.. انظروا إليهم بعين الرّحمة والشّفقة.. نعم إنّ تعاطي الخمور والمخدّرات موبقة من أعظم الموبقات وكبيرة من أهلك وأوبق الكبائر.. لكن ليس لنا من بديل في ظلّ الواقع الذي نعيشه إلا أن نسعى في إنقاذ هؤلاء الشّباب.. كم نتمنّى لشباب المساجد أن يفكّروا ويتعاونوا وتكون لهم خرجات تواصل مع شباب المخدّرات.. وإن لم يكن التّواصل في الواقع فعلى الأقلّ على مواقع التواصل.. ينبغي لشباب المساجد أن يحملوا الهمّ ويجتهدوا في إيجاد وسائل تواصل مع شبابنا التائهين.. ابحثوايا شبابنا عن صفحات هؤلاء الشّباب التّائهين على مواقع التواصل وراسلوهم، وابعثوا إليهم بالمقاطع والصّور والكلمات المؤثّرة.. ولا تيأسوا أبدا من هدايتهم، فإنّ الله الذي يهدي النّصارى والملحدين إلى دين الإسلام قادر على أن يهدي العصاة من إخوانكم الشباب المسلمين.

هكذا ينبغي أن ننظر إليهم وهكذا ينبغي أن نخاطبهم

شبابنا مهما حادوا عن الطّريق فإنّ في داخل كلّ واحد منهم بذرة من الخير وبصيصا الإيمان، ويحتاج إلى من يعيد إليه الأمل الذي فقده، ويريه طريق السّعادة الحقيقية التي ينشدها.. ما من شابّ مهما حاد عن الطّريق السويّ إلا وفي قرارة نفسه يقينا بأنّ لهذا الكون خالقا عليما حكيما، لكنّه –أي الشابّ- ربّما ينسى أنّه –سبحانه- جعل السّعادة والرّاحة في طاعته وتقواه، وجعل الشّقاء والتّعاسة في الغفلة والبعد عنه جلّ في علاه. ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)).

ما من شابّ من هؤلاء الشّباب الحائرين.. ونحن إذ نقول إنّهم حائرون لا يعني ذلك أنّنا نزكّي أنفسنا أو نجزم بمصيرنا أو مصيرهم.. ما من شابّ من هؤلاء الشّباب إلا ويجد في داخله ضيقا وهما وغما يكاد يقتله، وربّما يعلم أنّه بسبب بعده عن الله، بل ربّما يحسّ في داخله بداعٍ يدعوه إلى تغيير حياته، ويتمنّى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه شابا يحمل هدفا في هذه الحياة..

ما من شابّ وقع في مستنقع الخمور والمخدّرات إلا ويتمنّى أن يعود إليه الأمل ويخرج من هذا المستنقع ويتوب ويصلح حياته قبل أن يرحل عن هذه الدّنيا كما رحل أولئك الذين أوغلوا في طريق الغفلة والغواية والأوحال، حتى لقوا الله جلّ وعلا على أسوأ الأحوال.. كيف لو سمع بقصص أولئك الشّباب الذين ماتوا على خواتيم لا يتمنّاها مسلم لمسلم آخر.. هذا يموت في المرحاض يتقيّأ تلك السّموم، وذاك يموت في زاوية من الزوايا ولا يعثر على جثّته حتى تبدأ في التحلّل، وآخر يموت بسبب طعنة قاتلة تلقّاها من صديقه بسبب خلاف حول هذه السّموم.. وهكذا… كيف لو علم الشابّ أنّ أكثر من 2,5 مليون إنسان يموتون في هذا العالم سنويا بسبب الخمور، وأكثر من 100 ألف يموتون بسبب المخدّرات؟ كيف لو علم أنّ تعاطي الخمور والمخدّرات سبب لأمراض قاتلة أخطرها السّرطان والسّيدا؟ كيف لو علم أنّه يوجد حولنا في هذا العالم أكثر من 5 ملايين إنسان أصيبوا بوباء السّيدا بسبب تعاطيهم المخدّرات؟ هذا فضلا عن أنّ تعاطي الخمور والمخدّرات سبب لأمراضِ تليّف الكبد، ودرن الجهاز التنفّسيّ، والرّعشة التي تنتج عن عدم القدرة على التحكّم في الجهاز العصبيّ، والأمراض النّفسيّة كالقلق والاكتئاب.. هل يرضى شابّ عاقل أن يفني زهرة شبابه ويهلك جسده ويهدر ماله، طلبا لراحة موهومة مع هذه السّموم؟

فوق هذا وذاك، فإنّ كثيرا من الشّباب الذين أصرّوا على تعاطي الخمور والمخدّرات، قادهم الشّيطان إلى عظائم الأمور وكبائر الموبقات؛ قاد بعض الشّباب إلى بيع أعراضهم لأجل الحصول على الخمور والمخدّرات، وسوّل لبعضهم السّرقة لأجل الحصول على ثمن تلك المهلكات.. بل إنّ هذه السّموم قادت كثيرا من الشّباب إلى خسارة والديهم، بل إنّ الأمر قد وصل ببعض الشّباب إلى قتل والديهم بسبب الخمور والمخدّرات.. نهايات مؤسفة تسيل لها دماء القلوب قبل دموع العيون تحمل الصّحف تفاصيلها كلّ يوم، لشباب ارتكبوا أفظع الجرائم بسبب هذه السّموم.. فمن ذا الذي يرضى هذا الواقع ويقبل بهذه الحال لشباب أمّة الإسلام؟ والله إنّه لا يمكن لمسلم صادق أن يرضى بأن يشمت بشبابنا المتربّصون بهذه الأمّة وبدينها من الصّهاينة والصّليبيين، ومن دعاة التّغريب والعلمنة، ممّن يسعون في تذليل السّبل وتعبيد الطّرق التي تهوي بشبابنا إلى مستنقعات الخمور والمخدّرات والشّهوات، ويوفّرون لهم كلّ التّسهيلات، ليصبحوا عبيدا للخمور والمخدّرات ومواقع الشّهوات، وينسوا أنفسهم ودينهم وأمّتهم وإخوانهم، وينشغلوا عن صفقات بيع الأوطان للغرب الكافر بأبخس الأثمان!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!