-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مع الحراك الشعبي بعقلية المواطنة لا بعقلية المغالبة

الشروق أونلاين
  • 622
  • 0
مع الحراك الشعبي بعقلية المواطنة لا بعقلية المغالبة

لا نختلف سلطة وموالاة ومعارضة ومحايدين غير متحزبين في أن الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر حراك عفوي لم تصنعه سلطة ولا موالاة ولا معارضة وإنما صنع نفسه بنفسه لأنه نتاج طبيعي للتراكمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ينبغي أن نتحلى بالحس النقدي الذاتي للقول إنها تراكماتٌ لم يتم التعامل معها بالإيجابية المطلوبة والحكامة المنشودة حتى تحولت إلى حالة مستحكمة وجدت متنفِّسا لها في حراك شعبي سلمي لا يستهدف كيان الدولة ولا كينونتها، ولا يتبنى فيه الشعب خيار الشغب، وإنما يهدف إلى تصحيح مسار سياسي واجتماعي واقتصادي غير متزن يتحمّل وزره من تولوا كبره سواء كانوا من صناع القرار أو ممن هم خارج دائرة صناعة القرار من الأحزاب والجمعيات السياسية وغيرها،كما يتحملها أيضا المواطن وذلك بمقتضى عقد المواطنة الذي يجعل الكل -ولو بنسب متفاوتة- سواسية في تحمل تبعات هذه التراكمات.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر من أجل تصحيح المسار السياسي والاجتماعي والاقتصادي ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة، فهذا الحراك لا يعني شيْطنة الوضع، بل يعني طرح ثقافة ترك الحبل على الغارب، والتوجُّه الجاد لمقاومة مظاهر الفساد وعلاج الخلل السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي ليس بيقين حالة جزائرية استثنائية بل حالة عالمية تحدث في أرقى الديمقراطيات ولا يخلو منها مجتمعٌ من المجتمعات، فليس هناك في القاموس السياسي على المستوى العالمي جمهورية فاضلة، وليس هناك بين متعاطي السياسة سياسيون مثاليون منزَّهون عن الخطأ بل هم كغيرهم من السياسيين “بشر ممن خلق” يستولي عليهم النقص كما يستولي على جملة البشر.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه شكل من أشكال ممارسة السيادة الشعبية التي تقرّها كل الدساتير الديمقراطية التي لا تؤمن بثقافة الإقصاء الشعبي كوسيلة من وسائل الوصول إلى الحكم وممارسة السلطة، بل تجعل الشعب مصدر السيادة التي تتجلى من خلالها سيادة الأمة وسيادة الدولة.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه تجسيد لثقافة المواطنة المسؤولة التي تؤمن بحرية التعبير والحق في المطالبة بالتغيير، ولكنها تؤمن أيضا بحرمة الوطن وواجب تجنبيه مغبة كل فلتان أو عصيان قد يذكيه ويغذيه المهووسون بالحكم بأي ثمن.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه تجسيد لنصوص الدستور التي تجعل الشعب ركنا ركينا في كل عمل سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو غير ذلك. إن الحراك الشعبي هو ترجمة شعبية واعية لبيان أول نوفمبر الذي ينص على الطابع الشعبي الديمقراطي والاجتماعي للدولة الجزائرية، فلا معنى ولا جدوى – وفق هذا التصور- من أي عمل سياسي أو اجتماعي أو غيره يتم خارج الإرادة الشعبية أو بالوصاية أو الوكالة أو النيابة من أيِّ جهة مهما علت.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه شأنٌ جزائري محض، فلا يحق لأيِّ جهة أن تحشر أنفها فيه بدعوات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبل العذاب، أقول هذا لأن هنا وهناك من يذرف دموعا كاذبة ويتظاهر بالتعاطف مع الحراك الشعبي في الجزائر وهو ألدّ الخصام يتربص بالجزائر الدوائر وينتظر سقوطها وتفككها في أيِّ لحظة.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه دعوة شعبية للتغيير وعلاج الخلل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في إطار الحفاظ على مقومات الأمة، وليس دعوة لتقويض أركان الدولة بدعوى التغيير الذي لا يكون في هذه الحالة إلا انقلابا على النظم والقيم التي بُنيت عليها الدولة الجزائرية منذ العهود القديمة إلى مرحلة الدولة الحديثة التي أسَّسها الأمير عبد القادر إلى مرحلة الدولة الجزائرية المعاصرة.
إن الحراك الشعبي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة لا بعقلية المغالبة، وفي هذا الصدد أشجِّب الاستثمار الإعلامي غير البريء الذي يصور هذا الحراك بداية لربيع جزائري متأخر عن ميقاته من خلال التقارير الإعلامية الصاخبة والمحرِّضة التي وصلت من قبل بعض الإذاعات والقنوات الإعلامية إلى حد تصوير المشهد على أنه صورة ثورية مستنسَخة بإذاعة وبث بعض المقاطع الثورية بنيَّة مبيَّتة وكأن ما نشهده من حراك شعبي هو معركة ثورية.
إن الحراك الشعبي في الجزائر ينبغي أن ننظر إليه بعقلية المواطنة لا بعقلية المغالبة، فنحن الجزائريين نؤمن جميعا بأن الوطن ثابت لا يتغير في معادلة التغيير السياسي والاجتماعي، ومن أجل ذلك ينبغي أن نثبت للعالم كله بأن اختلافنا في البرامج والمناهج وليس في القيم والنظم ومن أجل الوطن وليس حول الوطن.
إن الحراك الشعبي في الجزائر ينبغي أن ننظر إليه بعقلية المواطنة التي ترفض فكرة استئثار جماعة بالجمل بما حمل، كما ترفض فكرة التعالي والتمادي في التشنيع على الآخر مع العجز كل العجز عن إيجاد البدائل وعلاج المشاكل والتظاهر بأننا جزءٌ من الحل ونحن في الحقيقة جزء من المشكلة أو كل المشكلة.
إن الحراك الشعبي في الجزائر ينبغي أن ننظر إليه بعقلية المواطنة التي تفرق بين السلطة المتغيرة والدولة الثابتة، ولعل أصدق تعبير على هذا المبدأ مقولة الرئيس الراحل هواري رحمه الله: “نحن نسعى لبناء دولة لا تزول بزوال الرجال”، فما أخطأ فيه السابقون يمكن أن يتداركه أو يصحِّحه اللاحقون وبهذا نضمن استمرارية الدولة وليس استمرارية السلطة.
إن الحراك الشعبي في الجزائري ينبغي أن لا يُنظر إليه بعقلية المغالبة التي تضيق معها دائرة الحوار فنُجرّ – لا قدر الله- إلى صراع سياسي واجتماعي لا يخدم المصلحة العليا للوطن بل يشجع على الفعل والفعل المضاد والحركة والحركة المضادة من غير غائية معلومة وغايات محددة.
إن الحراك الشعبي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة التي تقوم على مبدأ “الجزائر خط أحمر”، وما عداها خطوط يمكن تجاوزها أو تجاهلها أو محوها أو نسخها من أجل تأسيس أقوى وتصوّر أشمل لمستقبل الجزائر وخاصة في ظل التحديات الراهنة الإقليمية والعالمية.
إن الحراك الشعبي السلمي في الجزائر ينبغي أن يُنظر إليه بعقلية المواطنة على أنه تجسيد لنصوص الدستور التي تجعل الشعب ركنا ركينا في كل عمل سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو غير ذلك. إن الحراك الشعبي هو ترجمة شعبية واعية لبيان أول نوفمبر الذي ينص على الطابع الشعبي الديمقراطي والاجتماعي للدولة الجزائرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!