-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرياء الإلكتروني

من “افعل الخير وانساه” إلى “افعل الخير وتصور معاه”

صالح عزوز
  • 7036
  • 1
من “افعل الخير وانساه” إلى “افعل الخير وتصور معاه”
كاريكاتير بريشة: فاتح بارة

 اتسع مجال الأعمال الخيرة في كل المجالات وساهمت بشكل كبير في مساعدة الضعفاء والمحتاجين وأصبحت بمثابة باب يطرقه كثير ممن هزمهم الفقر والعوز ويزيد اتساعها خاصة في المواسم والأعياد، على غرار شهر رمضان والأعياد الدينية.. والحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان أن هذه الجمعيات ساهمت بشكل كبير في إعادة التكاتف الاجتماعي، في ظل الظروف الاقتصادية الشحيحة، والقدرة الشرائية التي تتآكل من سنة إلى أخرى، غير أن كثيرا من هذه الجمعيات أوقعت العديد من الأفراد في حرج، حين أصبحت تنشر مساعداتها لهم على شبكات التواصل الاجتماعي، وتوثق الأحداث بالصور والتعليقات.. لذا، وقع بعضها في ما يسمى بالرياء الإلكتروني اليوم.

من السر والكتمان إلى التشهير

يعتبر مبدأ كتم عمل الخير وعدم الإفصاح عنه أو المجاهرة به، سواء كان فعلا فرديا أم جماعيا، من الأمور المحببة، إن لم نقل الضرورية، لكي لا يقع الفرد في الرياء، والتفاخر أمام الناس بفعله للخير أو مساعدة غيره، مادام الهدف الأسمى من هذه الأعمال الخيرية هو إعادة اللحمة بين الأفراد، ولمّ شمل الأسر وإسعادها، خاصة في المناسبات حين تظهر عورات عوزهم، ودفع ضرر الفقر عنهم، الذي يشتد من سنة إلى أخرى، في ظل الكثير من الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة.. لكن، للأسف، فقد أصبح كل من يقدم مساعدة لأخيه سواء مادية أم معنوية، يذهب مهرولا ويوثقها على صفحات التواصل الاجتماعي.

 أرجوكم… ساعدونا دون أن تحرجونا...

نحن لا ننكر أن كثيرا من الجمعيات الخيرية، تقوم بأعمال جبارة في هذا المجال، بدءا من كيفية الحصول على هذه المساعدات المادية، فليس كل شخص مستعدا لتقديم هذه المساعدة كما يعتقد بعض الناس، فالأمر صعب جدا، لكن، للأسف، عندما تحقق هذه المطالب بعد أشهر من الدعوة إليها، سواء عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، أم الجمعيات المنتشرة في المجتمع، وعند توزيعها، تحرج كثيرا من المعوزين أمام كاميرات الهواتف النقالة، وتوثيقها في فيديوهات وصور، حينما يتلقون هذه المساعدات، من لباس أو أكل وشرب وغيرها من المواد الغذائية، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل توضع صورهم على صفحات الوسائط الاجتماعية المختلفة، من أجل التجاوب معها من طرف الأفراد، كمن يريد مباركة عمل هذه الجمعيات، والدعوة للمساهمين فيها.. غير أن كثيرا من أفراد هذه الجمعيات، يعارض هذه الملاحظات، التي تقدم لهم من طرف الأشخاص، من ضرورة كتم هذه الأعمال الخيرية وعدم الكشف عن وجوه الفقراء والمعوزين في أي مكان، حفاظا على كرامتهم بعد التوسل في الشوارع والطرقات، ويبرر هذه الأعمال بأن الهدف منها ليس التشهير بهم، ولا التشهير للجمعية للتفاخر بين الناس، بل من أجل تقديم أمثلة حية عما تقوم به هذه الجمعيات، وزرع مثل هذه المبادرات في المجتمع، حتى يشارك فيها الجميع دون استثناء، وتصبح سنة حميدة في مجتمعنا، لا تحتاج إلى الدعوة إليها. وفي المقابل، نجد أن بعض من يعارض هذا التشهير للفقراء، يرى أن هذه الجمعيات تستطيع أن تعرض ما تقوم به عبر شبكات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها، لكن بإعطاء الخطوط العريضة فحسب، لما تقوم به، سواء بتقديم الأرقام أم نوع عملها الخيري أم برنامج نشاطها.. وهنا، فهي لا تحتاج إلى أعين الفقراء من كل الفئات، وهي ذابلة أمام الكاميرات ومرمية على شبكات التواصل الاجتماعي.

هي حال كثير من الجمعيات الخيرية، تجتهد في تقديم المساعدات للأفراد والجماعات، لكنها تشهر بهم على صفحات التواصل الاجتماعي.. فلم يكفهم فقرهم وعوزهم، حتى أصبح يشار إليهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • العربي المسلم

    صدق من قال .... فعل الخير ليس عبادة بل متعة ...........