-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من الأولى بالنّصيحة يا وزير الدين؟!

من الأولى بالنّصيحة يا وزير الدين؟!
أرشيف
محمد عيسى

على الأئمة أن يدرجوا فقرات في خطبهم حول خطورة ظاهرة الحرقة غير الشرعية و”لا ينقادوا لهذا الإغراء الآثم”. هذه هي الطريقة التي يقترحها محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف لمعالجة الظاهرة، وهو تسطيح ما كان لهذا الوزير أن يسقط فيه وهو يعلم أن لظاهرة “الحراڨة” أسباب كثيرة على رأسها الطاقم الحكومي الذي هو عضو فيه، والذي فشل في تحقيق التنمية وتوفير ظروف ملائمة لإقناع الشباب ببناء حياتهم في الوطن وعدم المغامرة وخوض أخطار الهجرة غير الشرعية.
كان على الوزير محمد عيسى أن يوجّه نصائحه للفاسدين على كل المستويات الذين تسببوا في “تصحير” بلد يزخر بكل أنواع الثروات من بترول وغاز ومعادن وغيرها، وكان عليه يتكلم على “الإغراء الآثم” الذي يمارسه بارونات المخدرات والحاويات وكبار المهربين الذين ينخرون الاقتصاد الوطني، فهؤلاء أولى بالنصيحة على منابر المساجد وفي خطب الجمعة، من ضحاياهم الذي لم يجدوا حلا غير المغامرة بحياتهم والإبحار نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
المسؤولون على كل المستويات الذين ساهموا في هذه الوضعية الحرجة التي وصلت إليها الجزائر أولى بنصائح الأئمة من العائلات المعدومة التي تفضل الموت في البحر على البقاء في بلد تنعدم فيه الفرص ويسود فيه الفساد والمحسوبية، وهي من تسيير الشأن العام.
وقبل الحديث عن ملء أوقات فراغ الشباب بالأنشطة الثقافية والترفيهية وحتى الدينية، علينا أن نفكر في ملء أوقات فراغه بوظيفة محترمة، أو مشروع استثماري يؤسس به حياة وعائلة ويوفر له العيش الكريم، وعلينا التوقف عن النظرة الدونية إلى هؤلاء فالكثير منهم وصل إلى أوروبا وبدأ حياة قاسية مليئة بالأخطار والتحديات والصعوبات، والبعض منهم حقق أحلامه.
إن أول خطوة لإقناع الشباب بالبقاء في هذا البلد وبناء مستقبلهم، هو وضع حد لمنظومة الفساد التي تتحكم في كل المجالات، وتأسيس ثقافة جديدة ترسخ مفاهيم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والتخلص نهائيا من اقتصاد الرّيع ونمط الاستهلاك الحالي الذي يجعل المواطن يعيش رفاهية مؤقتة مرتبطة ارتباطا وثيقا بأسعار البترول!
أما غض الطرف عن هذه الحقائق، وتحويل القضية كلها إلى “إغراء آثم” يدفع الشّباب والنساء وحتى الأطفال إلى الذهاب إلى أوروبا ولو سباحة، هو محاولة للقفز على الواقع وتجاهل لحقائقه ومحاولة استخدام الدين كمخدر موضعي قد يضع حدا للأعراض، لكنه لا يعالج المشكلة من أساسها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • البشير

    وأنتم ما ذا فعلتم لتوعية هذا الشباب الذي بدلا من أن يحلم بالعيش في أوروبا عليه أن يطالب بحقوقه لبناء مستقبله في وطنه.؟إذا كانت خطبة الامام تساهم في إنقاذ بعض الشباب فلماذا لا؟ولكن هذا لا يكفي وما يجب فعله هو حشد هذه الطاقات الشابة من اجل التغيير لبناء مجتمع ودولة تضمن كرامة المواطن وهذا لن يأتي بدون عمل توعوي لا تقومون به مع الاسف ، بل كل مجهوداتكم تصب في إلهاء الشباب بمسائل تافهة كالهوية والتدين والعلمانية والعروبة والامازيغية وأجور الأئمة ، والمساوة في الميراث ...الى غير ذلك من الترهات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.