-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ساهم في تأسيسه ومنحه اللون الأبيض الناصع

من المتسبّب في قتل فريق بن باديس مولودية قسنطينة؟

الشروق الرياضي
  • 1599
  • 4
من المتسبّب في قتل فريق بن باديس مولودية قسنطينة؟
ح.م

احتفل الجزائريون يوم الخميس الماضي بالذكرى الثمانين لوفاة العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي كان له الفضل في بناء الجزائري المعاصر، الذي كان تحت نير الجهل والخرافات فمنحه نور العلم، وانطلق من قسنطينة وقدم علمه من دون إقصاء لكل الجزائريين وكانت رحلاته لا تنقطع ولا توجد منطقة في الجزائر من الغرب إلى بلاد القبائل إلى الصحراء إلى شرق البلاد إلا وحطّ رحاله فيها.

وإذا كان ما قاله الرئيس تبون عن أوامر بترميم جامع الأخضر بقسنطينة الذي شهد شرارة العلم الأولى التي مهدت لشرارة النار في وجه الاستعمار، قد أثلج صدور الكثيرين وخاصة سكان قسنطينة، فإن ما يحز في النفس هو عملية التدمير التي حدثت للفريق الكروي الذي أسّسه عبد الحميد بن باديس إلى درجة انقراضه من الوجود، وحتى الفريق الذي حوّلوه في نهاية ثمانينيات القرن الماضي إلى مولودية قسنطينة وهو في الأصل تابع للجامعة يتواجد حاليا في الدرجة الثالثة، وتتقاذفه أياد لا علاقة لها لا بالرياضة ولا بأسس رائد النهضة الجزائرية.

الرواية الصحيحة لتأسيس فريق مولودية قسنطينة، تقول بأن جماعة من الرياضيين من أهل المدينة، زارت الشيخ في سنة 1939 واقترحت عليه تأسيس فريق ثان في المدينة بعد شباب قسنطينة، فتحمّس الشيخ للفكرة، وقدّم معونة مالية، ثم أصرّ على اختيار اسم المولودية تأسّيا بمولودية العاصمة التي بصم لقب المولودية على الروح الإسلامية للنادي مع المولد النبوي الشريف، خاصة أن للشيخ أخ أكبر يدعى مولود وهو أب الشهيد الدكتور لخضر عبد السلام بن باديس الذي قتلته فرنسا في سنة 1960، كما اختار الشيخ للفريق اللون الأبيض مع كتابة الأرقام بالأزرق.

وتحوّلت مولودية قسنطينة إلى فريق يعشقه أهل جمعية العلماء المسلمين ومنهم مفتي الجزائر الشيخ أحمد حماني الذي كان في كل مباراة تلعبها المولودية في قسنطينة، يضع كرسيا على التماس ويتابع المباراة بحماس كبير، كما شجّع الفريق الصادق حماني وهو أيضا من رؤوس جمعية العلماء المسلمين، وحتى المفكر العالمي مالك بن نبي كان محبا لفريق المولودية، مرّت سنوات الاستقلال الأولى بردا وسلاما على الفريق، الذي بلغ النهائي بعد سنتين من الاستقلال وخسره أمام وفاق سطيف بصعوبة بهدفين مقابل واحد، وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي، أصبح الفريق ظاهرة في الدوري الجزائري بلاعبين من طينة الراحل كروكرو وقموح وخاين ومقري وفندي وبركات، ولكنه لا يحصل على الألقاب بفعل فاعل، حيث بلغ المرتبة الثانية مرتين وخطفوا منه اللقب وأحيانا بطرق غير شرعية، كما بلغ النهائي مرتين متتاليتين وخسر أيضا أمام مولودية وهران ثم أمام مولودية العاصمة بنفس النتيجة بهدفين نظيفين، وحتى عندما لعب في أول مشاركة له في كأس الكؤوس الإفريقية في 1977 أجبروه على اللعب في ملعب 5 جويلية أمام ليووانيون كينيا والاتحاد السكندري المصري.

وفي نفس السنة جاءت الطعنة في ظهر المولودية في أول أيام الإصلاح الرياضي عندما تم رمي الفريق في أحضان البلدية المنشغلة بالسياسة وبامتيازات أهلها، ثم كتبوا شهادة وفاة فريق الشيخ عبد الحميد بن باديس في مؤامرة محبوكة بدقة. وتمر الآن ثمانون سنة عن وفاة الشيخ، فلا نجد الجامع الذي كان يدرّس فيه ولا أشياءه ولا مكتبته ولا تفسير القرآن الذي أفنى عشرين سنة من عمره في إنجازه، ولا حتى الفريق الكروي الذي ساهم بقوة في تأسيسه.

لم تبق مولودية قسنطينة سوى صورة جميلة في ذاكرة الناس، فقد كان لباسها الأبيض وأخلاق لاعبيها وعشرات الآلاف من أنصارها في كامل أنحاء الوطن بصمة رائعة في الكرة الجزائرية، وكان أنصارها لا يتغنون بالفريق إلا بذكر اسم الشيخ وبحمل صوره والتذكير بفكره، ولكن الذين حوّلوا الكرة في السنوات الأخيرة إلى تجارة ومرتع للعنف ولسوء الأخلاق، أرادوا قبر هذا الفريق الكبير ونجحوا، والنتيجة أن أصبحت مباريات الكرة في الجزائر ممنوعا متابعتها عائليا، وبعضها يبلغ درجة الخطر.

ألا تستحق المولودية القسنطينية بعد أكثر من أربعين سنة من التغييب أن تطلّ مرة أخرى؟، ألا يستحق الشيخ بن باديس وفاء، بعودة الفريق الأبيض المولود مع ذكرى مولد نبي الإسلام عليه السلام؟، أسئلة تبقى مطروحة والإجابة تبقى غائبة.
ب.ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • المولودية حياتنا

    صحيح أن الفريق تعرض إلى ظلم كبير و تعتيم طيلة سنوات لكن هذا المقال فيه الكثير من المكر ، الفريق لم و ين يمت و لازال يمتلك قاعدة جماهرية ضخمة و سيبقى مفخرة المدينة إلى ان تفنى الأعمار

  • Karim

    مقال اكثر من رائع.. بوركتم

  • الياس

    أصحاب الشكارة ولإنتهازيون لا علاقة لهم بالرياضة اكتسحوا كل شيىء لمصالحهم الشخصية وكانت الموك ونوادي أخرى و ألعاب أخرى كذلك (غير كرة القدم) هي الضحية الأولى لهولاء المفترسين.
    وبخصوص الموك هناك أبناء فرنسا والحركة وووووو الذين لا يعجبهم نادي رياضي له علاقة بالعلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله.

  • AVANCER LALOUR

    ..العلامة الشيخ ابن باديس كان له الفضل في بناء الجزائري المعاصر، الذي كان تحت نير الجهل والخرافات فمنحه نور العلم .. لا أدري على أي علم ولا على أي جزائري تتحدثون فهل هو ذلك الذي حاول اقناعنا بأن الدعاء سوف يبعد عنا شبح كورونا أو على ذلك الذي نشر أخبارا مفادها أن الصوم يقوي المناعة أو ذلك الذي لا يعتقد أصلا بوجود شيء اسمه وباء كورونا أو ذلك الذي يركض وراء هذا الوباء بعدم احترامه للحجر الصحي..ثم لو أن الجزائري تحرر من الجهل والخرافات لما بقينا متخلفين الى درجة أننا لا نزال نقتات من مستشفيات عمرها تفوق 150سنة ولما صنفت جامعاتنا في ذيل ترتيب الجامعات العالمية بل حتى الافريقية .. وما خفي أعظم