-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
هؤلاء "تنافسوا" سرا على خلافة بوتفليقة والحراك غيّر مجرى التاريخ

من حلم الرئاسة إلى كابوس الزنزانة!

من حلم الرئاسة إلى كابوس الزنزانة!
الشروق أونلاين

يتوجّه الجزائريون اليوم لانتخاب رئيسهم التاسع، وسيكون خيارهم أحد الخمسة الذين خاضوا حملة الرئاسيات طيلة ثلاثة أسابيع، بذل فيها الجميع وُسعه السياسي والشعبي والمادي لخطب ودّ الناخبين من أجل التربع على عرش المرادية، خلفا للمستقيل عبد العزيز بوتفليقة الذي عمّر بالقصر 20 عامًا.

غير أنّ أسماء هؤلاء الفرسان الذين سيُتوج أحدهم بثقة الشعب اليوم، تعيد عقارب الزمن إلى الوراء، وتعود بالذاكرة الجماعية إلى عشرة أشهر قبل اليوم، بل ترجع بها إلى سنوات خلت، حينها لم يخطر على بال أحد أن تنحصر المنافسة الفعلية على سدّة الحكم بين هذا الخماسي الصاعد.

وقتها كانت الصالونات ومجالس الساسة وكواليس الإعلام تتداول في السرّ عديد الطامعين في خلافة الرئيس المقعد آنذاك، يتسابقون فيما بينهم ويضرب بعضها بعضا تحت الحزام، حيث يرى كل منهم نفسه الأحق بالسلطة العليا لاعتبارات يقدرها هو أو الزمرة المحيطة به، بعيدا عن حسابات الصندوق الانتخابي أو إرادة الجمهور، لأن الشعب كان خارج محددات التفكير السياسي لمجموعة لم تكتف بالسطو على مصير الوطن وهي تجثم على حاضره، بل بلغ بها الجموح التسلطي إلى الإصرار على تقرير مستقبل الأجيال دون تفويض منها.

لقد شاء هؤلاء السلطة بجنون، وخططوا لها بكل الحيل والمناورات، وشاء الشعب الانعتاق من أغلال الحكم الاحتكاري، فجاءت مشيئة الله على نحو الإرادة الجزائرية في تنفّس نسائم الحرية، لتذهب الأحلام سُدى، ويساق المتقاتلون على السلطة زمرًا إلى الزنزانات، حيث أضحوا في محبس الحراش نزلاء، بعد أن حلموا بدخول القصر بتاج الرؤساء.

شقيق الرئيس.. من القصر إلى الأسر

لن ينسى الجزائريون اليوم، كيف سعى المستشار السعيد بوتفليقة منذ نهاية العهدة الثانية لوراثة الحكم عن شقيقه، حيث تحرك في كافة الاتجاهات لنيل المبتغى في السر والعلن، وانطلقت المناورات بين عامي 2007 و2008 لتأسيس حزب سياسي بديل عن خزان السلطة التقليدي، يكون رافعة شعبية جامعة تحمله إلى رئاسة البلاد.

لم ينجح “السعيد” في بلوغ المرام المأمول، لكنه لم يستسلم للعراقيل، وأعاد الكَرّة مرات أخرى، حتى ظهرت صفحات افتراضية، قبيل العهدتين الرابعة والخامسة المجهضة، تدعمه على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تجرّأ المجتمع المدني على تكريمه علنًا، وكلها كانت وفق مراقبين محاولات لجس النبض، وفصولا من معركة الكرّ والفرّ مع أركان النظام السياسي العتيد والعنيد في مثل هذه المحطات، إلى أن طفح الكيل بانتفاضة 22 فبراير، وحلّت النهاية المأساوية بموظف سامٍ رافق شقيقه الرئيس مساعدا ومستشارا خاصّا له، فتوهّم في لحظة نشوة أنه قادر على كسر تقاليد منظومة حكم سياسية موروثة عن حرب التحرير الكبرى، قبل أن يجد نفسه مرحّلا في لمح البصر من واحة القصر إلى ضيق الأسْر، ليقضي فيه ما بقي من العمر.

سلال.. من نثر المال إلى جبّ النسيان

لم يختلف الأمر كثيرا عن الوزير الأول عبد المالك سلال، حيث حظي بثقة الرئيس 17 عاما بين مباني الوزارة والحكومة، حتى قال في قرارة نفسه “ذَاكَ بوتفليقة يُوصِينِي بِالْجَزائرِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُني إياها”.

وفي غياب “صاحب البوتيكة” الذي ألزمه المرض الكرسيّ والقعود، ظل سلال يرابط في قصر الدكتور سعدان، وفي الآن نفسه يصول ويجول ربوع الوطن، يدشن المشاريع باسم الرئيس المقعد، وينثر المال بسخاء في كل مكان بطموح الرئيس القادم، وبالموازاة أخذ ينشر ثُقاته في كافة المستويات الإدارية، ويصنع رجال المال والأعمال على عينه، آملا الانتقال إلى القصر الأكبر في أقرب الآجال، غير أنّ أجل الحياة السياسيّة رماه قبل الموعد المأمول في جبّ النسيان إلى إشعار آخر، مقداره 12 سنة مما تعدّون.

أويحيى.. نهاية “مهمة قذرة”

واقتضت العدالة الإلهيّة أن يكون القدر واحدا ومشتركا بين غريمين جمعهما حلم الرئاسة، ثمّ ضمّهما سجن الحراش بين جدرانه حفاة غير عراة، مجرّدين من الخدم والحشم، لا سند ولا ظهير يؤازرهما في محنة الهوان، سوى محامون يدفعهم حبّ الدرهم والدينار، ذلك هو حال أحمد أويحيى رفيق درب سلاّل في السرّاء والضراء.

لم يستعجل “صاحب المهام القذرة” قدره المنشود مع الرئاسة، وظلّ يعتقد أنّ أوْلى الطامحين في الحكم بالسلطة هو خادم الباب العالي في كل الظروف، مستحضرًا مشوارًا طويلا تنعّم خلاله بكل المسؤوليات، من السفارة إلى الحكومة، مرورا بالوزارة وديوان الرئاسة.

وجعل من شبكة الولاء المتشعبة داخل الأجهزة والمؤسسات والطوائف متكأ للصعود على سلّم الأثغاث، قبل أن تقع رجلاه في الهواء، فيسقط مغشيّا عليه في زنزانة الفساد، بحكم قوامه 15 عامًا وحرمان من الحقوق المدنية والسياسية، لوأد الآمال في العودة ولو بعد زمن طويل.

هامل.. ملاحق المجرمين يقيم إلى جوارهم!

وعلى حين غرّة من الجهوية المقيتة التي استفحلت في عهد الرئيس السابق، لم يعد طموح الرئاسة مقتصرا على ذوي المسارات العموميّة الإدارية، ولا على رؤساء الحكومات من المشتغلين على ملفات الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية والتسيير اليومي لشؤون المواطنين، حتّى طمع فيها الجميع مهما كانت مواقعهم.

كان اللواء عبد الغني هامل يظنّ أنّ مساره العسكري ومنحدره سيجعله صاحب الحظوة في الاستئثار بمنصب القاضي الأول في البلاد، فهو قاسم مشترك بين قلعتين تتصارعان على حكم البلاد، مثلما كان يظنّ.

بذل الرجل جهده في إحاطة نفسه بالهالة الرئاسية، حتى علت صوره في كل مرافق الأمن العمومي، وفرض على الجميع التعامل معه مهنيّا وسياسيّا وإعلاميا من منطق ذلك الحلم غير السعيد.

انتفخ في هامل طموح السلطة الجارف حتّى إنه تحدّى أمام الملأ سلطات الدولة أن تحاسبه عن فساد مشتبهٍ أو تقصير أمني في ملاحقته، بل خاض الهجوم المضادّ بمنطق “من هو الطاهر ابن الطاهر الذي يقاضي الطاهرين”(..)، لكنها كانت آخر كلمات مرتبكة، ينطق بها مغرور مسكون بهوس سلطةٍ لا يحسن مداخلها، فوجد نفسه سريعا عند بوابة الخروج منها، قبل أن ينتهي به المطاف سجينًا بجوار مجرمين طالما طاردهم باسم القانون، في انتظار أن يفضح القضاء قريبًا مكامن المستور.

لوح وبلعيز.. حامي العدالة حراميها!

وحين نزل رهان السباق الرئاسي بين مجموعة تلمسان إلى اللواء هامل تحركت نوازع السلطة الغريزية في وزيري العدل الطيّبين لوح وبلعيز، وبدا لهما أنّ أمر ولاية الأمة من اختصاص رجال السياسة والقانون والحكم، فهم أقدر عليها، وأن يبقى حماة الوطن جنودًا على الحدود يحرسون السلطان وحواريّيه.

فقد جاء كلاهما من مسار حقوقي وقضائي، وعمّرا في قطاع العدالة، أين تعلّما من المهنة أصول الدفاع عن النفس وحظوظها، وكسبا لغة الخطابة والمرافعة، ثمّ مكثا طويلا في دواليب الدولة، ما جعل الرجلين يطمحان بقوّة إلى خلافة وليّ النعمة، لأن تسويق شخصيّة بتلك المواصفات سيكون، وفق المتخيل منهما، أيسر على صناع القرار لو وافقوا على مرور أحدهما.

انقضت ليالي الحلم الجميل سريعا قبل أن يستيقظ حامي القانون على نفسه وسط “الحراميّة”، ويغادر غريمه مبنى حراسة الدستور خائب الأمل، وأمله الكبير النجاة من ذات المصير.

أما اليوم فهو 12 ديسمبر 2019، موعد آخر للجزائريين مع التاريخ، بعد أن هوى صرح العصابة وسقط القناع عن الفساد، فأصبحت رؤوس يانعة وراء القضبان بأحكام قضائية، والبقية تنتظر دورها لتُمسي إلى جوار الرفاق، فلا رئاسة بلغوها ولا شرفًا صانوه ولا أمانة حفظوها، وفي ذلك عبرة لأولي الألباب.

وخلاصتها أنّ ثورات الشعوب تُجري رياح السياسة والسلطة بما لا تشتهيه سفن الواهمين، وأنّ انتفاضة الأحرار تطيح بجبابرة الفساد والاستبداد، وكذلك تكون نهاية الظالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • الشعب

    اليوم أيّها الجزائريون إماّ الانتصار أو الانكسار.. عليكم أن تختاروا بين الكرامة أو المهانة ..و انتهى الكلام

  • ابن الجبل

    فاعتبروا يا أولي الأبصار . الدنيا غدارة ، وعجلة التاريخ دوارة ... !! سيقول الانسان في أخر المطاف : ما أغناني عني مالى ، ولم يدم لي سلطاني ... !! لم ينج من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، الا من جاء بقلب سليم نظيف طاهر ...!! توبوا أيها المسؤولون قبل أن يأتيكم الموت بغتة فتندمون !، وحيث لا ينفعكم الندم ؟؟؟!!!! .

  • صحراوي

    والله نحير فيكم ؟ و هل مرشحو هاته المهزلة بأبعد من الذين تصفون عن الجرم ؟ كلهم عباد يوتفليقة

  • أعمر الشاوي

    راك غالط . و لا واجد منهم كان يريد الرئاسة . همهم الوحيد هو جمع أكبر قدر ممكن من الأموال و العقارات و المصانع . أما الرئاسة و الحكم فكانت أخر شيء يفكر فيه هؤلاء . .

  • HakimUk

    هاذ المجرم هو سبب وفاة أبي بي سكتة قلبية بعد تسريحه و غلق الشركة الذي كان يشتغل بها مثله مثل آلاف العمال و بيدون أجر . زائد نزعولنا السكن الوضيفي ولقينا رحنا في خيمة في بلدية الدرارية , و هو سبب هجرتي و إبتعادي عن الأهل لي مدة 20 سنة من أجل حياة أفضل و إعانة الأيتام كوني الأكبر في الأسرة . هؤلاء يستحقون الإعدام خائنين أمانة الشهداء . حسبنا الله و نعم الوكيل .

  • العنقاء

    سودتم وجه الجزائر البيضاء ،
    سودتم تاريخها اللمع
    سود الله وجوهكم دنيا وأخرى
    نظام عثى في الجزائرفسادا، أرض الشهداء الأبرار‘،
    فأصبته لعنة الشهداء الذين ضحوا بالأمس القريب بنفس والنفيس ،
    وأصبتكم،دعوة الأتقياء الأنقياء الأخفياء،
    وهذا مصير كل من يدعي أنه هو ¤فخامته الأعلى ¤
    كما قالها فرعون ¤ أنا ربكم الأعلى ¤ فكانت نهايته الغرق
    نعوذ بالله من إدعائاتكم وأقوالكم الشركية،
    فالجزائر ليس بلاد الفخمات والعضمات البشرية ولكن بلاد ¤ أحدَ أحد ¤،
    فالجزائر بلاد العضمة الإلاهية والوحدنية والأحدية،
    وليس من شيمنا التشفي ولكن قول الحق ولو كان مر،
    فالجزائر قطعة قدسية لحنها صوت الرصاص والبارود،

  • العنقاء

    مقولة / ألي بابا و 40 سراق
    تححققت بإمتياز في الجزائر،
    هذه كارثة الكوارث،
    يعني أ ن ليس هناك أمانة،
    °°وأن لا إيمان لمن لا أمانة لمن °° حسب الأثر
    كيف وصل هؤلاء السراق إلى هرم السلطة ؟
    فيجب أن لا يتكرر هذا وإلاّ الطامة الكبرى .

  • العنقاء

    أين هو العهد الذي أعطيتموه للشهداء في قسمكم؟
    هل تناسيبم : ¤ نعادهكم على على صيانة الأمانة ¤
    وأم خنتم الأمانة، فماذا تقول غدا للشهداء
    وأين الوفاء بالقسم على المصحف الشريف
    من رؤوس المسؤلية الكبرى:
    ¤ أقسم بالله على الحفاض على الجزائر ¤
    أين هو الحفاض على الجزائر
    أم تقولون ما لا تفعلون.
    وماذا تقولون لله العلي العظيم يومئذ ؟

  • العنقاء

    إلى مزبلة التاريخ ومزبلة التاريخ قليلة فيكم وعليكم،
    الجزائر قطعة قدسية لحنها صوت البارود والرصاص،
    فالجزائر لا تحيا إلابالطيب والطيبون،
    والخبث والخبتئث لا تنمو فيها وتتلاش ولو بعد حين،
    فالجزائر بسمة الرب في أرضه فلا تتحمل الخائنين والخيانة،
    ياويح من خان وطنه،
    فحب الوطن من الإيمان كما أتى في الأثرـ