-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من مزايا الصيام الصحية المكتشفة حديثا

الشروق
  • 1276
  • 0
من مزايا الصيام الصحية المكتشفة حديثا
ح.م

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ((…وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون)) (من الآية 183، سورة البقرة)، ويقول: ((فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)) (من الآية 184، سورة البقرة).. فالصوم من أعظم العبادات ذات الفوائد الكثيرة والمناقب الكريمة، وفي هذا السياق يجدر بنا التذكير بأن مقاصد القرآن متشعبة وذات أبعاد عديدة تطال حياة الإنسان من ناحية العبادة، التزكية والسلوك وحتى الجانب الصحي الذي أخذ نصيبه من التشريع الإلهي المحكم في عديد الآيات إشارة وحكما.

نشير هنا إلى انفراد النص القرآني بخاصية متميزة في اختيار الكلمات ذات الدلالات الإعجازية عندما يستعمل الفعل المضارع “وأن تصوموا” و”فليصمه”، الدال على التجدد والحدوث، وهذا من الناحية الطبية يتوافق تماما مع نتائج الدراسات الخاصة بالعلاج عن طريق الانقطاع المؤقت والمتكرر عن التغذية أو الصيام، بحيث يشترط لتحقيق المزايا الصحية للصيام تكراره دوريا على مدار السنة؛ ففي كلية   “ألبيرت اينشتاين” للطب بالولايات المتحدة الأمريكية قام فريق طبي برئاسة الباحثة الدكتورة “أنا ماريا كويرفو” بقسم تطوير الأبحاث البيولوجية الجزئية بدراسة نظام التنظيف الذاتي للخلايا والذي تقوم به جسيمات “الأوطو فاجوزوم”و”الأطو ليزوزوم” والتي تعمل وفق نظام تنظيف ذاتي مبرمج ومستمر وعالي الدقة والإتقان، وذلك حفاظا على سلامة هذه الخلايا وصحتها، وبعد عدة سنوات أثبتت الدكتورة “ماريا” بالدليل العلمي أن الصيام أو ما يسمى عندهم – الجوع الحيوي المبقي على الحياة- هو الوسيلة الآمنة والمثالية التي تحفز نظام التنظيف الذاتي داخل خلايا الجسم، ما يسمح بإعادة بناء هيكل الخلايا وتجديد المعطوبة منها، وفوق ذلك كله منع حدوث التحول السرطاني، مع تخليصها من النفايات المتراكمة، وسمي هذا الصيام “الجوع الحيوي المبقي على الحياة”(surviving starvation).

وبعد ذلك نشرت أبحاث أخرى في جامعة “جونز هوبكينز” في بالتيمور بولاية ماريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية تبين أهمية وفائدة “الصيام المتقطع الدوري” وأعلنت نتائج هذه الأبحاث في 11 ديسمبر 2015 ولا تزال الدراسات مستمرة في هذا المجال إلى الآن، وفي محاضرة ألقاها البروفيسور “مارك ماتسون” في فيفري سنة 2014، أشار إلى ضرورة الاستهلاك الكلي لمخزون الجليكوجين الكبدي لكي ينتقل الجسم إلى استعمال الطاقة عن طريق استغلال الدهون ما ينتج عنه إفراز كميات معتبرة من الأجسام الكيتونية التي تزوّد الخلايا العصبية بوقود بديل، ولن يتأتى هذا إلا بعد مضي نحو 10 أو 12 ساعة من دون أكل، وأشاد هذا العالم بالفوائد العظيمة لهذه المادة المفيدة جدا للدماغ حيث أنها تزيد إنتاج بعض البروتينات في المخ والتي تسمى العوامل أو العناصر التغذوية العصبية مثل “اف جي اف” و”بي دي ان اف” والتي ترفع عدد “الميتوكوندريا” أي مصانع الطاقة في الخلايا العصبية ما يسمح بزيادة مقدرة الخلايا العصبية على تكوين التشابكات العصبية والحفاظ عليها والإبقاء على تواصل وظيفي جيد فيما بينها، الشيء الذي يؤدي إلى زيادة مقدرة التعلم وحفظ الذاكرة وزيادة الطاقة الحيوية العصبية وما يتبع ذلك من الوقاية والعلاج لعديد الأمراض العصبية..

وفي المقابل يتأسف “ماتسون” لاستحالة الوصول إلى تحقيق هذه المزايا الصحية والإنسان يأكل ثلاث وجبات يوميا، وأكد أن جسمنا يستطيع أن يعيش طبيعيا بربع ما اعتدنا أكله يوميا بطريقة آلية وفق هذا البرنامج الغذائي السيّء، ويقول حرفيا: “إن التعود على الانقطاع عن الطعام تدريجيا سيجعلك أكثر قابلية وقوة على تحمله وصومك يوما أو يومين كل أسبوع شيء جيد”.

ما نلحظه في هذا المقام هو اقتراب نتائج الأبحاث العلمية الجادة من بعض معاني النص القرآني الصريح   ووشك مطابقتها لأحكام التشريع الرباني والهدي النبوي في استحسان صيام يومين في الأسبوع، والمسلم الذي يصوم شهر رمضان ثم يتبعه بست من شوال ويصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع يكون قد حقق مقاصد الشريعة كلية فيما يخص الصيام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!