-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من هنا تبدأ الفوضى

حسان زهار
  • 944
  • 3
من هنا تبدأ الفوضى
ح.م

قد تكون صاحب حق.. لكن عندما تخطئ في اختيار الوسيلة لطلبه، تتحول إلى ظالم ومعتد وخارج عن القانون.

ما شهدته بعض مستشفياتنا في الأيام الأخيرة، سواء في عين مليلة أم قسنطينة، من اقتحام جماعات بعضها مدجج بالأسلحة البيضاء، وطرد مديريها، بادعاء أنهم “حراكيون” و”ثوريون” ويحاربون الفساد، هو أمر في غاية الخطورة، إذا لم يتم وضع حد لهذا العبث، ومعاقبة الفاعلين من “الرونبوات” الجدد.

في الواقع، كلنا يعلم حال مستشفياتنا، ولولا هذه الحالة الرديئة، ما ظل رئيس منظومة الفساد المخلوع، يعالج في مستشفيات الخارج، وشعبه يعاني داخل مستشفيات التعذيب والموت البطيء، فقد كان مطلوبا أن يعيش الجزائري البسيط المأساة في المستشفى، كما يعيشها في باقي مناحي الحياة الأخرى، والهدف هو الإذلال والحط من الكرامة الإنسانية للمواطن الجزائري.

لكن معالجة ذلك بالفوضى، وأخذ “الحق بالذراع”، وتشكيل جماعات “بلطجية”، بدعوى الثورية، والحكم على الناس في الشارع من دون محاكمات ولا دفاع، هو جرم أسوأ من الجرائم التي قد يرتكبها بعض مديري المستشفيات أنفسهم.

فمن خول لمجموعات في الشارع، أن تحتكر الحقيقة والعدالة، وأن تنصب نفسها مثالا للحق والشرف؟

هل الذين قاموا بإخراج المديرين من مستشفياتهم بالقوة، وتحت طائلة التهديد بالقوة، شرفاء ونزهاء إلى الحد الذي يتحولون فيه الى قضاة.. يقيمون المشانق في الساحات؟

في العادة تبدأ الخطط الجهنمية لتحطيم الدول وانهيارها، بمثل هذه التصرفات الطائشة، وفي حالتنا الجزائرية، لا يمكن الفصل بين هذه الحركات الصبيانية، وبين تهديدات التصعيد التي تطلقها جهات معروفة، من أجل بث الفوضى والعصيان المدني، وخلط الأوراق.

لو كان بهذا المنطق تسير الدول، لكان من واجب الأغلبية المسحوقة أيضا، أن تسترجع الآن حقها المنهوب بيدها، عبر طرد مديرين وإطارات في مناصب أكثر أهمية، في سوناطراك مثلا، وفي الولايات والدوائر، وأن تعين بقوة الشارع أو البلطجة من تهواه ومن ترتضيه من أهل وعشيرة.

فهل بهذا سنقيم دولة الحق والعدل والقانون؟ أم إن هذا هو التأسيس الحقيقي لما يمكن وصفه بالفوضى الخلاقة..

نحن في الحقيقة، من سنختار لأنفسنا أي دولة نريد؟ والشعوب المتحضرة أو “الهمجية” تظهر في مثل هذه الأوقات الحرجة، وإذا كنا نتذكر بكثير من الاعتزاز بدايات الحراك الأولى، كيف كان يعمد المتظاهرون في تضامن عفوي راق، إلى تنظيف الساحات بعد التظاهر، وإلى فتح الطرقات أمام سيارات الشرطة للمرور، وإلى حالة السلمية العالية التي واكبت ذلك، وإلى الورود.. فإن التحول الذي حدث بعد ذلك في الاتجاه الخاطئ، قد أفقد الحراك الكثير من بريقه، حيث صارت الشعارات صدامية، والمناوشات مع الشرطة عادية، وتخوين المخالفين نضالا وتقدمية، بل وصارت الدعوة إلى الفوضى والتخريب، رفعة وثورية.

إذا كان القصد بالشعار الحراكي المعروف (لبلاد بلادنا ونديرو راينا)، بالمفهوم الإيجابي، حيث يكون البديل الشعبي راقيا عن سلطة الفساد والاستبداد، فأهلا وسهلا ومرحبا، أما إذا كان الشعار بهذا المفهوم الشعبوي البائس، وعلى طريقة أحداث التخريب في بسكرة مثلا، فإن الكارثة التي تنتظرنا في المنعرج القريب مدمرة.

نعم هذه البلاد بلادنا.. لكن بمفهوم الانتماء وليس الملكية الخاصة.

وهذه البلاد بلادنا فعلا.. لكن لا يحق لنا أن نفعل بها ما نريد.. بل أن نقوم بما تحتاجه منا.. وما تستحق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • drimos

    10سنوات سجن نافذة لمديري المستشفيات المقسرين و 10 سنوات نافذة لهؤلاء الرامبوات الذين يقتقدون انهم هم القانون ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه ان يشوه سمعة الجزائر حسبنا الله و نعم الوكيل.

  • ما هذا. الاعلام الهابط

    استحق. الموت. فهل استحق الحياة. ان. انت. دافعت. لاحيا. بعد ان. اذقتن .ي الموت. فكان. نظامك. زو . ر. كأسوء. شهادة. تحمل براءتي. كإنسان. يطمح. ليحيا. فقط

  • اسمع صوتا!c

    قراءة. كل شي . بأقدام. في الثلج وايادي فيها ما يصيبك من العدوى يجب الوقاية منه لنفسح المجال لرؤية تنصف. الكل فلابد لنا. من منصات. تستهدف. الانظمة لحل نظام. وليس. الفوضى. هي اثر. نظام. اخذ بهؤلاء. كمنعكس شرطي. بعد. الاحتيال. والكذب والظلم فقد الشعب شرعية. الشغب. ليظهر. شرعية. الحرب