-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من يحاور من؟!

حسين لقرع
  • 561
  • 0
من يحاور من؟!
ح.م

بعد أن نجحوا في إسقاط العهدة الخامسة ثم انتخابات 4 جويلية، أكّد ملايين المتظاهرين في الجمعة الخامسة عشر بـ48 ولاية رفضَهم القاطع للحوار مع بن صالح وبدوي باعتبارهما رمزين لنظام الرئيس المستقيل، وطالبوا مجددا برحيلهما وتحقيق مطالب الشعب في إحداث التغيير المنشود وإقرار الديمقراطية الحقيقية وفقاً للمادتين 7 و8 من الدستور.

أهازيجُ المتظاهرين وشعاراتُهم كانت ردا على دعوة السلطة إلى الحوار لتجاوز الأزمة الحالية، ولعلّ أبرز الإشكاليات القائمة الآن هي: من يحاور من في ظلّ رفض قيادة الجيش أن تكون طرفا في هذا الحوار، بينما يرفض الشعب الحوارَ مع بقايا الحقبة البوتفليقية: بن صالح وبدوي؟ وإذا تمّ تجاوزُ هذه المسألة بالحوار مع لجنةٍ تُشكّلها السلطة من شخصيات وطنية على طريقة لجنة بن صالح الشهيرة التي نصّبها “المجلسُ الأعلى للدولة” في سنة 1993 للحوار مع الفعاليات السياسية والمدنية القائمة آنذاك، فهل يمكن أن تعثر هذه اللجنة على محاورين من الحراك الشعبي، أم تكتفي بالأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، التي لا يلقى الكثيرُ منها قبولا لدى الحراك؟

وإذا حُلَّت إشكالية من يحاور من، فسيصطدم المتحاورون بإشكاليةٍ أخرى وهي أنّ السلطة تُصرّ على الحوار في إطار حلٍّ دستوري حَرْفي يفضي إلى اتفاقٍ على تشكيل هيئة تنظيم الانتخابات ومراقبتها وتحديد موعدٍ جديد لإجراء انتخابات الرئاسة، وفي ذلك تضييقٌ على مجالات الحوار الواسعة وحشره في الزاوية، ما يهدّد بإفشاله بالنظر إلى رفض ملايين المتظاهرين إجراءَ الانتخابات قبل رحيل بن صالح وبدوي والذهاب إلى مرحلةٍ انتقالية قصيرة تقودها شخصياتٌ وطنية ذات كفاءة ونزاهة وصدقية، مع طرح أسماء أحمد طالب الإبراهيمي وبن بيتور وغيرهما…

ويُنتظر أن ينطلق الحوارُ بعد عيد الفطر على شكل لقاءات جماعية موسّعة قد تأخذ طابع ندوةٍ وطنية، على غرار ندوة جانفي 1994 التي زكّت اليامين زروال رئيسا للدولة خلفا لـ”المجلس الأعلى للدولة”، فهل تًزكّي ندوة الحوار المنتظَرة التمديدَ لبن صالح 90 يوما أخرى بدعوى البقاء داخل إطار الحلّ الدستوري، أم تُبدع حلا توافقيا يُرضي جميع الأطراف؟

إذا حدث التمديد، وهذا أمرٌ وارد، فسيستمرّ مسلسل تضييع الوقت، وإهدار فرص الحلّ الصحيح على البلاد، وفي هذه الحالة لا يمكن أن نتوقّع نتيجة أخرى غير فشل تنظيم انتخابات الرئاسة في موعدٍ آخر، قد يكون في شهر أكتوبر القادم؛ إذ لا يمكن أن تتوقع نتيجة مغايرة باعتماد الوسيلة نفسها، وحينئذٍ ستتعقّد الحلولُ أكثر وتدخل البلاد في دوّامةٍ خطيرة.

نحن مع الحوار، فهو وسيلة حضارية مثلى لحلّ الخلافات المستفحلة وفكّ عُقد الأزمات المستعصية، وطالما كنّا من دعاته، ولكننا نريد حوارا صريحا، جدِّيا، بعيدا عن المناورات ومحاولة ربح الوقت لفرض الأمر الواقع، حوارا قائما على التنازلات المتبادلة التي تراعي مصلحة الوطن، يبحث أحسن السبل للاستجابة لمطالب هذا الشعب الثائر منذ أزيد من ثلاثة أشهر، وهو شعبٌ يمكنه أن يبقى في الشارع أشهرا طويلة ويصبر على الحرارة والعطش، ولكنه لن يتراجع إلى غاية تحقيق مطالبه في التغيير والحرية والديمقراطية والكرامة، ولا يمكن المراهنةُ على عامل الوقت لتيئيسه وإنهاء حراكه، وصمودُه 15 أسبوعا يؤكّد ذلك.

ونضيف أخيرا إن مبادرة الـ16 عالما جزائريا تُعدّ حلا آخر مناسِبا للأزمة، ونأمل أن تُتّخذ خارطةَ طريق في الحوار القادم، لعلّه يقود سفينة الجزائر إلى برّ النجاة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!