-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مهام أخرى للإمام

محمد حمادي
  • 791
  • 5
مهام أخرى للإمام
أرشيف

مع كلّ مصيبة تقع على رؤوسنا يهرع الجميع في هذا البلد إلى الإمام، طالبا منه يد العون بصفته الواعظ والمرشد وصاحب السلطة الرمزية في المجتمع، لإخماد نار فتنة متأجّجة أو وأد أخرى في المهد قبل أن ترى النور، وتشعل فتيل أزمة نحن في غنى عنها، ليجد الإمام هذه المرة نفسه، قد استدعي إلى مهمة أخرى؛ وهي مواجهة العنف في ملاعب كرة القدم، عبر نشر المحبّة والاحترام بين مناصري الأندية، ودعوتهم إلى نبذ الفرقة والعداوة والتحلي بالروّح الرياضية، وتحكيم لغة العقل والمنطق، لكون المباراة التي جمعتهم في مدرجات الملعب، لا تعدو أن تكون مجرّد لقاء رياضي، وليست معركة تسيل لأجلها الدماء وتُزهق بسببها الأرواح!
محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الذي تأسّف، قبل أيّام، لحال ملاعب الكرة، التي تحولت إلى ساحات وغى، تُدار فيها حروب طاحنة، بسبب الجلد المنفوخ، في مشاهد مهرّبة من أيام “الجاهلية الأولى”، اقترح أن يخصص الأئمة خطب الجمعة للحديث عن التآخي بين مناصري الأندية، ويتنقلوا إن استلزم الأمر إلى المدرجات، ليلقوا على مسامع المتفرجين خطاب المحبّة والمودّة والاحترام المتبادل.
جميلة حقّا هذه المبادرة، التي تزرع قيم التسامح والإخاء بين أبناء البلد الواحد، الذين تقلصت في أفئدتهم مساحة المحبة والتسامح وحلت محلها العداوة والبغضاء بسبب مباريات كروية، كان الأجدر أن تكون فضاء للتعارف بدل التنافر.. لكن مع من يتحدث الإمام في مدرجات الملاعب؟ مع أشباه المناصرين الذين خمرت عقولهم الخمور وفتكت بأجسادهم المخدرات والمهلوسات؟ أم أولئك المعقدين نفسيا والمضطربين عقليا الذين جاؤوا إلى الملعب لينتقموا من الجميع؟ من يسمع خطاب الإمام؟ المشجعون الذين يقرعون طبول حروب وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدء المباريات؟ أم نظراؤهم في الجهة المقابلة، الذين يعدّون العدّة للرّد عليهم بكلّ ما أوتوا من خناجر وسيوف وحجارة؟
المشكل أعمق وأخطر ممّا يعتقد محمد عيسى، الذي أراد أن يُساعد زميله في الحكومة، وزير الرياضة، لمواجهة أعمال العنف والشغب في الملاعب عبر الاستنجاد بالأئمة. ألا يعرف وزير الشؤون الدينية أنّ ملاعبنا لا يُسمع فيها سوى الكلام البذيء المغلف بالسّب والشتم والاحتقار؟ ألا يعلم بأن غالبية هتافات وأهازيج مشجعي الأندية في البطولة “المنحرفة” تقطر منها روائح الكراهية والجهوية والعنصرية النتنة؟
كيف يكون للإمام مكان بين هؤلاء؟ كيف يستطيع أن يقنعهم وغالبيتهم يسبح في عالم آخر، من فرط المخدرات والمهلوسات التي تعاطوها؟
للأسف، أصبح الجميع في هذا البلد يحمّل الإمام فوق طاقته، ويلقي عليه باللّوم، وحجته في ذلك أنّ الخطاب المسجدي ضعيف، لكونه لا يزال حبيس فرائض ونواقض الوضوء وترقيع الصلاة، لذلك لن ينجح في تنشئة جيل طيّب الأعراق.
فعلا، هناك جانب من الصواب في هذا الطّرح، لكن ما محلّ باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية، على غرار الأسرة والمدرسة من إعراب هذا الوضع البائس الذي نحياه؟ لماذا لا نجد أثرا لجمعيات المجتمع المدني ولجان الأنصار، عندما يتعلّق الأمر بمحاربة العنف والشغب في الملاعب؟ أين رؤساء الأندية والمدربون؟ أليس في اللاعبين رجل حكيم يحظى باحترام الأنصار؛ فيهدئهم ويدعوهم إلى التآخي في ما بينهم؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبد الرحيم بن مستور

    السلام عليكم
    هل يسمح للامام ان ينتقذ قرارات الحكام لما تكن في غير فائدة المواطن, هل بامكانه ان يوبخ المسؤولين في ايم منصب يكونوا اذا خرجوا من الطريق الصحيح كما امر ابو بكر رفقاءه لما انتخب للخلافة؟
    الجواب معروف و هو لا
    اذن دور الامام في بلادنا و البلاد الاسلامية كلها هو توعية الاتين الى المسجد باحترام قواعد الوضوء .

  • قويدر بن قدور

    على الامام ان يعمل عمله احب من حب وكره من كره وعليه ان يقتدي بمصعب بن عمير( ض) الداعية الاول في الاسلام شابا حسن الصورة وجما ل المظهر كانت امه كثيرة المال تكسوه احسن الثياب وكان اعطر اهل مكة يلبس الخضرمي من النعال وهكذا ترى الداعية المسلم يخالط الناس ويلتقي بالجماهير ويكون رسولا فكما قيل تبلغ الرسالة بالرسل وبعض الناس يكون ايمانهم في اعينهم فالمظهر والصورة وحسن الخلق مدعاة للناظر على التامل والتفكير

  • الجزائر

    هؤلاء..ككرة ثلج ..قد يجرون معهم آخرون والمجتمع مستقبلا نحو الهاوية لاقدر الله..الأفضل أن يتم إصطيادهم فردا فردا ووضعهم في مراكز أين يتم معالجتهم نفسيا وإجتماعيا من طرف أفضل علماء النفس والإجتماع عندنا بمساعدة المصلحين الروحيين في علماء الإسلام بالطبع.
    لأن معادلة علاجهم رباعية : النفس ، الروح ، العلاقة مع المجتمع ، الأفكار.
    وأسباب العنف واضحة : التعصب، سوء الأخلاق ، الجهل ، لاوجود لفلسفة في الحياة لدى الشخص ، المشاكل والضغوطات الإقتصادية والإجتماعية.
    دور الأئمة وإن كنت مع تكوينهم في علم الإجتماع والنفس، قد يقتصر على إصلاح عائلات هؤلاء والمجتمع، للتخلي عن المادية وقلة الإحترام وتمجيد العنف

  • يتبع

    ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة فقد صنع الرسول من الجاهلين جيش الهداة وفتح دول الطغاة وسن الرسول في هذا السبيل دستور الدعاة وهذه مهمة الامام والداعي الى الله الاساسية فعلى الاخ الداعية الرشيد ان ينتبه الى الجانب الخير في الانسان الذي يعاشه فيقوم بتزكيتها حتى تتغلب على الضعف فيه وبذلك يستيقظ قلبه
    ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

  • متطفل على الدعاة

    وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
    ( وأنذر عشيرتك الأقربين )
    فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ
    لذلك فالقران الكريم هو بمثابة ( محطة توليد الطاقة للمسلمين ) لهذا كانت مهمة الدعاة والائمة والمرشدين الى الله والطريق المستقيم كمهمة العمال في المحطة الكهربائية تقوم بتوصيل التيار من المنبع الاصيل وهو القران الكريم الى قلب كل مسلم حتى يشتعل ويضيء فلا تنسى وانت في طريقك الى القلوب انك داعية اي (عامل ) ولست عالما او فقيها