-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كورونا تعزز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية

مواطنون أكثر وعيا وسلوكيات حضارية خوفا من الفيروس

نسيبة علال
  • 651
  • 1
مواطنون أكثر وعيا وسلوكيات حضارية خوفا من الفيروس
أرشيف

قبل هذا، لم يكن الجزائريون يغسلون أيديهم عند دخول المنزل، ولا يعقمون المشتريات فور ولوجهم، وقد كان العناق والتصافح والتقبيل حتى مع الغرباء عادة يومية واسعة الانتشار، والاحتكاك في الأسواق والأماكن المزدحمة لا يضايق المارة والمتسوقين، لكن جائحة كورونا قلبت الكثير من الموازين.

العادات الصحية تستخلف تصرفات متجذرة

بعض مواقع العمل يكثر فيها الاختلاط أكثر من الأماكن العمومية، وبما أن الناس يقضون أغلب يومهم في موقع واحد، فإن إمكانية نقل أي عدوى تزداد وترتفع. وهناك بعض التصرفات التلقائية التي يعتاد عليها الزملاء في العمل، بحيث تصبح روتينا يسيرون عليه بصفة آلية. يقول عبد الوهاب، موظف بشركة تأمينات بالبليدة: “.. يمكن لأي أجنبي أن يلاحظ عاداتنا السيئة في ما مضى، نحن نجلس في كراسي بعضنا، ويرتشف الواحد منا من قهوة زميله، لا بل يدخن الثلاثة من عود سيجارة واحد حتى ينطفئ سريعا ولا يترك رائحة قوية في المكتب، نأكل مع بعض، ونستعمل الفوطة الوحيدة عند الوضوء.. كل هذا توقف فور ظهور كورونا، لأننا جميعنا خشينا من المرض على أنفسنا و أهلينا، أتمنى أن يستمر هذا النظام الجيد بعد كورونا، وأن يلتزم جميعا بخصوصية أغراضه وطعامه”.

موظفون ممنوعون عن القبل والاحتضان

حسان، يعمل قابضا في عيادة متعددة الخدمات، وهو يقيم مع عائلته الصغيرة ووالدته المسنة، يروي لنا كيف اكتسب وعيا بسبب انتشار الوباء: “في السابق، كنت أتوجه مباشرة إلى المطبخ عند عودتي من العمل، أفتح الثلاجة، وأتذوق الطعام المطهو، أقبل أمي، وأجلس للحديث إليها، من دون أن آخذ حماما أو أغير ملابسي، لكن انتشار الوباء جعلني أفكر ألف مرة قبل أن ألمس مقبض الباب الخارجي، توقفت عن تقبيل أمي واحتضانها منذ ستة أشهر. وأحاول ألا أتناول الطعام في غير إنائي الخاص، وأنام في قاعة الاستقبال، بعيدا عن زوجتي وأبنائي..”.

لا جنائز ولا مناسبات خوفا من نقل العدوى

ساهمت القوانين والتعليمات الصارمة، التي اتخذتها الحكومة لردع المواطنين عن التجمع خاصة في إطار المناسبات، في الحد من الظاهرة، غير أن الخوف الذي يتملك الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وأقاربهم، يعد أكبر رادع. حميدة، سيدة محافظة، ملتزمة بأداء واجباتها الاجتماعية تجاه العائلة والأحباب، لا تفوت بالعادة، منذ ما يزيد عن عشرين سنة، أي دعوة إلى حضور الأفراح، ولا تتوانى عن حضور كل جنازة بلغت مسامعها، لقريب أو بعيد، تقول حميدة: “لي ستة أولاد، يمتنعون عن الخروج إلا للضرورة، خوفا علي من المرض، رغم أنهم كانوا يقضون معظم يومهم بعيدا عن البيت، فكيف لي أن أخرق قوانين الحجر في بيتي وأزور الأفراح والجنائز؟ الجميع يسأل عني، حتى إنهم يتصلون متعجبين على هاتفي عندما لا يقابلونني..”.

الكمامة لضمان السلامة

رغم تراجع المخالفات التي تورط المواطنين في دفع غرامات، نظيرا تهاونهم في لبس قناع الوجه، لا يزال السواد الأعظم من الجزائريين محافظين على ارتدائه. يقول السي بوعلام، سائق سيارة أجرة، إنه يعلق قناع الوجه خاصته داخل سيارته، حيث يرتديه قبل حزام الأمان. وتؤكد سماح أنها اعتادت على لبس الكمامة قبل وضع خمارها منذ أشهر، تقول: “أفكر كيف يمكنني التخلي عن ارتداء غطاء الوجه، لقد أصبح جزءا مني..” وتضيف سماح ضاحكة: “اعتدت على الحرمة، أخاف يوم ينقضي كابوس كورونا أن أنسى ارتداء خماري لأنني تخليت عن غطاء الوجه، فحتى في العمل علي ارتداؤه 12 ساعة في اليوم..”.

هذا، فيما اعتبر أخصائيون اجتماعيون ونفسانيون سلوك الفرد الجزائري في الآونة الأخيرة، بمثابة الطفرة الاجتماعية، حيث أصبح الأشخاص أكثر وعيا، والتزاما حيال أنفسهم وعائلاتهم، باعتبار أن فيروس كورونا استطاع أن يقوّم الكثير من السلوكيات السيئة وغير الصحية، التي ترسخت لدى الجزائريين، وعجزت الأنظمة التربوية والتعليمية وحتى مؤسسات التنشئة الأخرى على غرار الأسرة والمسجد عن طمسها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • سمير

    و الله اغلب الغاشي كالانعام يصافح و يبوس و يعانق و يشرب العشرات من كاس قهوة واحدة . بل اكثر من ذلك فالاغلبية لا تضع يدها على فمها و انفها عند العطس و السعال