-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

” نحن أولياء الدم ” الخيار المؤجل في انتفاضة العراق

” نحن أولياء الدم ” الخيار المؤجل في انتفاضة العراق
ح.م

انتفاضة العراق مازالت في طور صرخات يطلقها شعب أعزل يريد وطنا نقيا في عالم متحضر، يقف قبالة تحالف ميليشيات قتل طائفية تقودها طهران، لها سلطة حاكمة في جمهورية يديرها مجلس وزراء، وقيادة عامة للقوات المسلحة منزوعة السلاح، وموازنات مالية قائمة على قواعد الموارد القومية، وسلطة تشريعية، وشبكات إعلامية على قدر كبير من الاتساع، وبعثات دبلوماسية تغطي دول العالم، يقابلها تمثيل دبلوماسي يرفع درجة حصانتها دوليا.

والشعب المنتفض في ثورة تحررية بنهج سلمي، لا يملك سوى راية يتشبث بها، وساحات مفتوحة على مرمى قنابل الغازات السامة، وطعنات سكاكين المندسين، وممرات يسيطر عليها خاطفون وقتلة مأجورون.

صرخات وأناشيد تتعالى في ساحات الاعتصام، لا يصل صداها أسماع سلطة جاثمة في حي آمن، تجردت من القيم الأخلاقية، وأسقطت كل المبادئ الدينية والدنيوية، حتى تحصنت بدناءتها وجرمها من هزة غضب شعبي.

انتفاضة شعبية، عزلوا الإعلام الحي عنها، فاكتفت بأجهزة الهواتف المحمولة، لنقل تفاصيل مشهد عبر شبكة “انترنيت” ضعيفة متقطعة إلى الرأي العام العربي والعالمي، يحرر المنتفضون تفاصيله، في غياب إعلام متخصص يخشى العاملون فيه استهداف حياتهم من قبل فرق الموت المنتشرة في كل مكان.

وسائل إعلام أخرى، فتحت قنواتها المتلائمة مع خطاب حكومي، يسعى جاهدا لإظهار الانتفاضة وكأن أهدافها انحصرت في انتخاب رئيس وزراء جديد، يقود بعض الإصلاحات الترقيعية، تعيد المنتفضين إلى ديارهم، متجاهلة عمدا الهدف الأكبر في تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية بإسقاط النظام الحاكم التابع لها.

قوة الانتفاضة في إرادة الشعب المرابط في ساحات الاعتصام، وإصراره على إسقاط المنظومة السياسية، التي اعتمدت القمع والقتل والخطف خيارا في القضاء عليها، من دون الخضوع للإرادة الشعبية.

انتفاضة سلمية لحد هذه اللحظة، سلمية في الضفة الشعبية، لكنها قمع وإبادة بشرية في ضفة السلطات الحاكمة وميليشياتها المنحرفة، المرتبطة بإيران وأجندتها الساعية لابتلاع العراق وإلغاء وجوده.

المسار السلمي، في ظل المشهد الدامي، مواجهة غير متكافئة، تشدد السلطات الحاكمة في بغداد ونظام “ولاية الفقيه” في طهران على بقائه، طالما ضمن بقاء الانتفاضة بعيدا عن مراكز سلطاتها وتمدد نفوذها .

لكن هل تنتصر القيم السلمية التي ترتقي بها انتفاضة شعبية، في بلد منحت سلطته الحاكمة شرعية الوجود لهذه الميليشيات المتلحفة بغطاء ديني طائفي، وتمولها بالمال والسلاح ؟

خيارات مؤجلة أمام انتفاضة تشرين، لم تبلغ استحقاقاتها، لكن فرض اعتمادها ليس ببعيد عن الأنظار، من أجل عقد اجتماعي جديد، يبدأ بإحياء قانون تقليدي متوارث، في ظل سلطات حاكمة متمردة على مبادئ الحياة الحضارية المدنية، ارتكبت كل آثام الخطيئة، ستجد نفسها إزاء ثورة عشائر غاضبة، تثأر لدم أبناءها، لا تقوى على مواجهتها، قد ينظم إليها منتسبو الجيش والأجهزة الأمنية المؤمنون بالعرف العشائري الذي أضحى اليوم مصدر قوة كان مؤجلا رفع شعار “نحن أولياء الدم” .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!