-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نداء إلى تونس!

نداء إلى تونس!

لا تحتمل تونس اضطرابا سياسيا متزايدا، فوق اضطراب اقتصادي متنام، بدت مظاهره في الشارع الجماهيري، المتأهب لإطلاق صرخته في أي لحظة، مطالبا برفاه اجتماعي برغم انحسار الموارد القومية، وداعيا لاستقرار أمني تهدده خلايا إرهابية، تخرج من جحورها في لحظات مباغتة، تحركها قوى خفية، هدفها إبعاد الشعب التونسي الأبيّ عن تحقيق طموحه في حياة صبر من أجلها طويلا.
أما الفراق الذي تتسع فجوته بين “نداء تونس” و”حركة النهضة”، رغم تقاسمهما السلطة برئاساتها الثلاث “الرئاسية والتنفيذية والبرلمانية”، فقد تحوَّل إلى صراع سياسي فوق فوهة بركان، لا يتوانى في ابتلاع المتصارعين، أمام أنظار الشارع الجماهيري، المالك لأداة إطلاق انتفاضة شعبية، قد تؤدي إلى فراغ سياسي، إذا ما استهدفت مركز القرار الحاكم، فيفتح ساحاته المتوترة أمام الخلايا الإرهابية المتمركزة في مواقعها، استعدادا لخلط الأوراق، وعرْقَلة الاستحقاقات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019.
ما كان لأحد أن يتوقع استمرار هذا التوافق “التحالف” الذي ظهر إلى الوجود بعد لقاء باريسي عام 2013 جمع زعيمي “نداء تونس” الباجي قائد السبسي وزعيم “حركة النهضة” راشد الغنوشي، فأفرز سلطة غير متجانسة، في توجُّهاتها وبرامجها، فشتَّان ما بين علماني يضع دستوره من نُظم مدنية، وأصولي يأخذ نظمه من نصوص دينية، قادر على التجاوب مع معطيات مجتمع مدني.
فأي قاسم مشترك استند عليه هذا التحالف، الذي كاد يوصف بأنه “المعجزة” التي جمعت متضادين، في قيادة مجتمع علماني، ورث نظامه المدني منذ الاستقلال عام 1956، بقيادة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حتى بات إرثا غير قابل للتغير..؟
“نداء تونس” الكيان السياسي الجديد، الملبي لخصائص مجتمع مدني علماني، يرضي الشرائح الأكبر في المجتمع التونسي، كان يفتقر لواجهة دينية، تجسدها “حركة النهضة” المستقوية بقواعدها الجماهيرية، وعلاقاتها مع قوى إقليمية تلتقي مع توجهاتها، لكن وجودها الإسلامي لا يستقيم إلا عبر ممارسة ديمقراطية يلتقي فيها الأصولي مع العلماني في إدارة شؤون الدولة.
بدت “حركة النهضة” أكثر مرونة وهي تبني قواعد انطلاق سياسي جديد، عبر الانخراط فيما يعرف بــ”الإسلام الديمقراطي” واستبدلت دورها الدعوي العقائدي، بدور سياسي يؤهلها لشغل مناصب تنفيذية وتشريعية، في شراكة سياسية خرجت بتونس من زاوية ضيقة.
لكن قواعد السياسة القائمة على قاعدة موازنات قلقة، لا تعرف الاستقرار، أمام متغيرات متسارعة، فالتوافق يتحول إلى تنافس، وخارطة التحالف تنقلب إلى حلبة صراع يهزُّ أركان الدولة وهي تواجه تحديات شتى، ذلك هو المشهد الراهن في تونس، مشهد قلِق، مفتوح على احتمالات عدة، لا يقف عند حدود الخصومة المعلنة بين الحليفين العلماني والإسلامي، قد يتعداه إلى انفجار شارع مضطرب، تقوده الفوضى في غياب توافق سياسي، يغلق الأبواب بوجه موجة إرهابية أعدت العدة لفرض هيمنتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صالح بوقدير

    فزاعة الارهاب أصبحت الوسيلة المفضلةالجاهزةلإنهاءدور المنافس القوي من طرف السلطة الحاكمة
    فما حاجة النهظة إلى ممارسة الارهاب وأن الغالبية العظمى من الشعب التونسي المناهظة للإرهاب بمختلف صنوفه وأشكاله تؤازر النهظة وتقف وراءها
    لاشك أن الذي يمارس الارهاب هو الذي يفتقر إلى القعدة الشعبية المؤيدة له ولذلك فهو يضرب عصفورين بحجر فهو من جهة ينتقم من الشعب الذي لم يخترة ومن جهة أخرى يضمن البقاء لنفسه بمنأى عن إرادة الشعب