-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نهاية عهد “وقِّع وخُذ”

عمار يزلي
  • 790
  • 1
نهاية عهد “وقِّع وخُذ”
ح.م

التجربة الجديدة التي نحن مقبلون عليها، والتي بدأنا فيها منذ تنصيب اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات، باتت تظهر العَور الذي كان سائدا في منظومة الانتخابات الصورية التي كنا نقوم بإخراجها مسرحيا مع كل استحقاقٍ شعبي.

المنظومة السابقة المرتبطة بشكل وثيق مع الإداري والسياسي والأمني (بمفهومه الضيق السلبي، وأقصد به الغرفة المظلمة المكلفة بتعيين الرؤساء وتقسيم غنائم الكراسي في المحليات وفي البرلمان بين الأحزاب اللاحسة والملحوسة، “المعمّدة” والمعتمدة من طرف العصابة المتحكمة في رسم معالم الانتخابات بعيدا عن رغبة المنتخب والمواطن)، هذه المنظومة ليس من السهل تجاوز تقاليدها وممارساتها التقليدية، لهذا نجد بعض الراغبين في الترشُّح للرئاسيات هذه المرة، ولأول مرة، يعانون الأمرِّين في جمع الـ50 ألف توقيع شعبي.

غير أنه ينبغي أن لا نردَّ كل أسباب ذلك فقط إلى نمط الذهنية القديمة، لأن الإدارة لم تعُد طرفا، إلا من حيث تقديم الدعم التقني. المشكل يكمن في عقلية المترشحين أنفسهم، فلا يزال البعض لم يهضم بعد فكرة أنه لكي يجمع 50 ألف توقيع، عليه أن يقنع الموقِّع بأن يقف معه كمناضل ومحب وداعم، أي عليه أن يتعب قليلا ويأخذ على نفسه مشقة توقيع الاستمارة أمام محضر قضائي أو موثق. وهذا ما لا يعرفه الكثير من “الرؤساء” المحتملين. لا يزال البعض، إن لم نقل الكثير، يعتقد أن المواطن بإمكانه فعل ذلك بلا عناء، وهم لا يدركون أن المواطن يرى في التوقيع على الاستمارة مجانا، منّة لا يقبل أن يتعب لأجلها. غابت عن الراغبين في الترشح، أن جمع الاستمارات لم يعُد كما كان سابقا، إذ كانت تُملأ من قبل الغير ويمضي عليها أحيانا الغير أو فقط من خلال “مسخة” من بطاقة التعريف. التزوير كان يبدأ حينها: الكثير من المواطنين إما باعوا أصواتهم بسهولة: أعطني مبلغا مقابل أن أمنحك توقيعي ونسخة من بطاقة التعريف، فيما كانت “الإضارة” تقوم بالتزوير المفضوح لمرشح السلطة بأن تجمع له الاستمارات في البلديات مباشرة من السجلِّ الإداري وبدون علم المواطن أحيانا، خاصة خلال حملة جمع قرابة 6 ملايين “استحمارة” لمرشح “العهدة الخامجة”.

اليوم، تغيَّرت قواعد اللعبة قليلا وستتغيَّر مستقبلا، وعلى المرشح أن يجد من هو مقتنعٌ بترشحه بعيدا عن المال وشراء التوقيعات وبعيدا عن السهولة في التزوير، كل شيء يجب أن يكون موثقا قانونا؛ فالتوقيع على الاستمارة هو تفويض شخصي، بل وتزكية شخصية لهذا المرشح دون غيره، لهذا لا يمكن أن تزكي مرشحين اثنين في نفس الوقت.

غاب عن المرشحين أن المواطن لم يعد من السهل التلاعبُ بصوته وتوقيعه عن طريق سهولة الحصول على “مسخة” من بطاقة هويته أو “سرقة” اسمه مباشرة من سجل الحالة المدنية وتوقيع الآلاف من “الاستعمارات” في ظرف قياسي. العملية اليوم صارت أكثر تعقيدا، لأنها تعتمد على تقنين العملية بغية الشفافية والمصداقية في منح الصوت أو التوقيع.

هذا، ما ينبغي أن يفهمه المواطن أيضا: أن صوتك وتوقيعك أمانة في عنقك، بل هما شرفُك وعرضك، وعليك أن تصون هذا العرض وهذا الشرف بأن لا تبيعه بأرخس ثمن. عليك أن تأخذ شيئا من وقتك وتقف مع مرشحك المفضَّل، بعيدا عن المصلحة الآنية في قبض المال عن كل استمارة، وبعيدا عن السهولة في بيع اسمك لكل من هبّ ودبّ، فهذا يُعدُّ بيعا للشرف والعرض الممثل في هويتك وقيمتك كمواطن وإنسان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ahmed

    نعم , كلنتون واوباما تنقلو عبر سياراتهم الخاصة في كل ربوع امريكا وتكلمو مع المواطنين البسطاء من اجل اقناعهم بدعمهم , رغم انه لديهم الة ضخمة متمثلة في الحزب الدمقراطي.