-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مطالب بتصنيفها وتخصيص عمليات ترميم

“نواة بوسعادة” تنهار أمام أعين السلطات

أحمد قرطي
  • 1672
  • 0
“نواة بوسعادة” تنهار أمام أعين السلطات
أرشيف

تعالت الأصوات من جديد، من أجل تدخل السلطات المعنية لتصنيف المدينة العتيقة ببوسعادة، والحفاظ عليها من الزوال والاندثار وتصنيفها ضمن المعالم والمدن وتسجيل برنامج استثنائي لعمليات الترميم وإعادة التأهيل، خاصة بعدما تعرضت الكثير من المباني إلى الهدم بفعل العوامل الطبيعية ويد الإنسان، والبعض الآخر منها إلى عمليات تشويه، لا تعكس عراقة المدينة وطابعها القديم.

ويرى الكثيرون في حديث مع “الشروق”، بأنه آن الأوان للوصاية للتحرك لتدارك التأخر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، للحفاظ على هذه المدينة العريقة عراقة مدينة السعادة التي تُشير عدة مصادر أن تاريخها يعود إلى حوالي 6 قرون خلت، تُعد النواة الأولى لبوسعادة، رغم استفادتها في وقت سابق من مساعدات مالية عن طريق وزارة السكن لفائدة السكان وكذا البنك العالمي لإعادة التحديث، إلا أنها فشلت في الحفاظ عليها بغياب الرقابة والمتابعة والعشوائية في الأشغال التي لا تعكس البُعد الجمالي والحضاري.

وتتربع المدينة حسب التقديرات، على أزيد من 70 هكتارا يقطن بها أكثر من 20 ألف نسمة أو أكثر في ظل غياب أرقام واحصائيات رسمية وحديثة، تحتوي على حارات ومساجد قديمة وأزقة وسكنات كانت ولا تزال تجمع أبناء وأحفاد سيدي ثامر،كما تُحصي قرابة 1500 سكن نصفها مُهدد بالزوال والانهيار والبعض لم تعد صالحة للسكن نتيجة شغورها واستغلالها من قبل خفافيش الليل، كانت إلى وقت قريب قبلة ومقصدا للسياح من كل الوجهات ومن خارج الوطن، تحتوي على مكنونات تاريخية وموروث شعبي وثقافي يعكس أصالة المنطقة، تحتوي على الكثير من الشواهد التاريخية ومساجد عتيقة على غرار مسجد النخلة الذي بناه سيدي ثامر، مؤسس مدينة بوسعادة، وكذا سيدي دهيم وسيدي سليمان، الزقم والعرقوب وغيرها لا تزال عبارة عن منابر لتعليم القرآن الكريم وتحفيظ الأجيال الصاعدة الأحاديث النبوية الشريفة والأخلاق الحميدة، إضافة إلى عدد من الحارات التي تشكل المدينة العتيقة مثل حارة الشرفة، أولاد أحميدة.

كما تحمل بين ثناياها وزواياها، معالم أخرى مثل منزل الأمير الهاشمي ابن الأمير عبد القادر والأمير خالد الذي قضى شبابه هناك ومتحفا للرسام العالمي نصر الدين دينيه. هذا الأخير خضع لعدة ترميمات ومدرسة سيدي ثامر التي يعود تاريخها إلى سنة 1857، تلقى فيها الرئيس الراحل محمد بوضياف تعليمه الابتدائي، ولا تزال تستغل إلى حد الآن.

وفي ذات السياق، تُشكل السقيفة المبنية بجريد النخل أحد أبرز الشواهد التي تربط بين حارة وحارة، ذات أهداف اجتماعية وثقافية تجمع الأجداد والآباء وكبار المنطقة وبعض التجار الذين يعرضون بضاعتهم للسكان والزوار، لكنها تعاني مثلما سبق ذكره الإهمال والتآكل وانهيار أجزاء منها.

أضف إلى ذلك، وبحسب الأستاذ فتحي لعمارة أحد أبرز المهتمين بتاريخ المنطقة ومن النشطاء في حديث مع “الشروق”، فإن الكثير من المبادرات والمحاولات التي قادها مجموعة من الشباب والمهتمين مثلما بادرت به جمعية أحباب مدينة بوسعادة، باءت بالفشل، بالنظر إلى عدم تجاوب السلطات منها مراسلة وزارة الثقافة في فترة الوزيرة الأسبق للقطاع خليدة تومي، ناهيك عن غزو الإسمنت للواحة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمدينة العتيقة، وزوال ثلثي أشجار النخيل والواحة التي تحولت إلى جرداء بعدما كانت قبلة سياحية وموقعا هاما، نتيجة الجفاف والإهمال وعدة عوامل طبيعية وبشرية، خاصة عملية اعتراض المياه من قبل البعض بواسطة المضخات.

ويعتبر المهتمون بتاريخ المنطقة، التي ترمز إلى عراقة وتاريخ وحضارة بوابة الصحراء التي تمزج بين الصحاري والجبال والتلال وتروي فترات من التاريخ لوحات تعكس القيمة التي تزخر بها، بأنه حان الوقت من أجل تدخل السلطات، بفعل تآكل واندثار العشرات من السكنات القديمة، خاصة تلك الشاغرة منها، أضف إلى ذلك عدم خضوع عمليات الترميم والصيانة وإعادة التأهيل التي يقوم بها بعض السكان، بشكل فردي بعيداً عن الرقابة والمتابعة التي من المفروض تقوم بها مكاتب دراسات وتسهر عليها السلطات وتصنيفها ضمن المعالم للحفاظ عليها ومنه استفادتها من الدعم ومشاريع التهيئة والترميم والصيانة على غرار باقي المعالم والمدن التي تزخر بها الجزائر ويتفاخر بها الجزائريون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!