-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا السيناريو.. ينبغي تجنبه!

هذا السيناريو.. ينبغي تجنبه!
ح.م

نعرف جميعا أن كافة بلدان العالم تمر في الفترة الحالية بمراحل حرجة من تاريخها. من أكبر دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية إلى أصغرها، وما أكثر البلاد الصغيرة… كل الدول تعرف تأثيراتٍ جديدة وتحديات لم يسبق أن عرفتها مِن قبل، نتيجة التطور الحاصل في التكنولوجيا المتقدمة وخاصة في وسائل الاتصال، وكذا الحالة المُركَّبَة وأحيانا المعقَّدة بشكل كبير والتي باتت تمس كافة الشبكات من الاجتماعية إلى التجارية إلى المالية إلى الاقتصادية، ناهيك عن شبكات الجريمة المنظمة والمخدرات والتهريب والتأثير على العقول والحالات السيكولوجية للناس… الخ.

لذلك، فإنه لم يعُد من السهولة في شيء تبسيط ما يحدث، أو ادِّعاء فهم ما يحدث، خاصة من خلال التفكير الفردي أو ذلك الذي يحصر نفسه ضمن منهجية التفسير بالعامل الواحد: السياسي، المؤامرة، النخبة، الأقليات، الموارد، الخارجي… الخ.

إننا نعيش ليس حالة العالم المترابط على مستوى الدول والتنظيمات غير القادرة على فهم ما يجري، بل حالة الفرد المترابط على المستوى العقلي والنفسي والأخلاقي والبيولوجي غير القادر على فهم نفسه، وهذا يعني أن مجالي الحرية والإرادة لدينا عكس ما نتصور ضاقا أكثر مما اتسعا. لم يعد مفهوم السيادة على مستوى الدولة أو مستوى الفرد مطلقا. الدول لم تعد سيدة نفسها، الفرد لم يعد سيد نفسه، لذلك ينبغي أن نُعيد قراءة مختلف خطاباتنا السياسية والاقتصادية والأيديولوجية ومراجعة تقديرنا للموقف المحلي والدولي والفردي أكثر من مرة.

من جهة أخرى، علينا أن نُدرك أننا كما يُمكن أن نحقق تقدما في أي مجال من المجالات، يمكن لهذا التقدم أن يتحول إلى تقهقر في لحظة واحدة نتيجة التسارع الحاصل في معامل التغير العالي وميكانيزم التكيف الضعيف.

مَن كان يعتقد أن الديمقراطية الأمريكية تعرف كل هذه الاضطراب؟ مَن كان يعتقد أن نتائج الربيع العربي ستكون في مصر أو تونس أو ليبيا بهذا الشكل؟ لم يعد الآن بإمكان كبرى مؤسسات التفكير في العالم والتي يزيد عددها عن 9000 أن تضمن لنا سيناريو إيجابيا واحدا للدول والمؤسسات. فكيف لأفراد ليس بإمكانهم جمع القدر الكافي من المعطيات، ولا فهم الحالة المُركّبة التي يمرون بها لتحديد مصيرهم الشخصي، فما بالك مصير دول أو شعوب؟

لذلك من رأيي أن نُركّز تفكيرنا اليوم في أمر واحد؛ ليس: كيف ينبغي أن نكون بل: كيف ينبغي ألا نكون؟ إي ليس باتجاه أفضل السيناريوهات التي ينبغي أن نكون عليها كما يسعى الكثير اليوم ضمن منطق التفكير الرغبوي سواء عند هؤلاء أو هؤلاء، إنما باتجاه أسوأ السيناريوهات التي ينبغي تجنّبها…

إنَّ تمكننا من رصد أسوأ السيناريوهات وعملنا على تجنبه يُعَد كافيا لتحقيق التقدم. ذلك أن كل ما سيتحقق سيكون في دائرة الإيجاب مهما زادت أو نقُصت هذه الدرجة.

وأسوأ هذه السيناريوهات هو سيناريو “الفتنة” بين أبناء البلد الواحد تحت أي عنوان كان وتحت أي مبرر كان… هذا السيناريو ينبغي تجنُّبه، إن على مستوى الخطاب الفردي أو الجماعي أو خطاب الدولة مهما كان موقع الفرد فينا أو ممثل الدولة. كل فعل أو كل قول بإمكانه أن يتسبَّب في تحقق هذا السيناريو ينبغي أن يتوقف فورا مهما كانت الدوافع. وبعدها، كل ما استطعنا تحقيقه فسيكون إيجابيا وحاملا للأمل بإذن الله، خاصة إذا انطلقنا من قاعدة تقول إن مسار التغيير والإصلاح وإعادة بناء الدولة أطول وأعقد مما نتصور.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!