-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما حققه الحراكُ الشعبي إلى اليوم

الشروق أونلاين
  • 591
  • 0
هذا ما حققه الحراكُ الشعبي إلى اليوم
ح.م

كثيرون من المتشائمين يرون أن الحراك الشعبي في الجزائر لم يحقق شيئا، والأقل تشاؤما يرددون أن ما حصل هو مجرد خدشٍ في وجه النظام السابق، أما المتفائلون من هؤلاء المتشائمين فيرون أن ما حققه الحراك إلى اليوم هو “نصف ثورة”، وأنا شخصيا مع هؤلاء في طرحهم، فإلى غاية الجمعة الـ16 من الحراك ما تزال مطالب الشعب الأساسية لم تتحقق بعد، وهو ما يسعى الشعب إلى أخذه بقوة السلمية وقوة الوحدة التي ميّزت نصف الثورة السابقة والتي ستبقى تميّز نصف الثورة اللاحقة، فالذي ما يزال طامعا في تجديد النظام السابق أسمعه الحراكُ بصوت مسموع وواضح: “ما كانش الانتخابات يا العصابات”، فماذا حقق الحراك إلى اليوم؟

لقد حقّق الحراك عديد المكاسب وهي:

1- إحباط مشروع التوريث لآل بوتفليقة، سواء عن طريق الأخ الشقيق “السعيد” الذي لم يعد سعيدا، أو عن طريق “دمية” جديدة يسيّرها آل بوتفليقة، من خلف الستار.

2- تحرير الشعب من الذل الذي عاش فيه منذ الاستقلال (1962م تحرير الأرض، 2019م تحرير الشعب)، والتخلص من الحكم باسمه من طرف حكومات الظل التي تسيِّر البلاد من وراء حجاب، فهاهو الشعب الجزائري الذي أرادوا أن يجعلوه أضحوكة بين الشعوب، تمكَّن من افتكاك حريته واستطاع في وقتٍ وجيز أن يفرض احترام العالم له، ويجعل من نفسه مثالا يُحتذى في الثورات السلمية، ويُقلِّب السحر على الساحر، ليجعل من العصابة أضحوكة وعبرة لمن تُسوِّل له نفسُه، أو مالُه، أو سلطتُه إهانة شعبه.

3- كشف النوايا الحقيقية لبعض رجال السياسة وأحزاب السلطة الذين لم يكن يهمُّهم مصالحُ الوطن بقدر ما كانوا يتفانون في الدفاع على مصالحهم الخاصة (وجوه البخص).

4- كشف حجم التدخُّل الأجنبي (الفرنسي خاصة) في شؤون الجزائر، وتفاني العصابة الحاكمة منذ الاستقلال من أجل الدفاع على مصالح هذه الدول على حساب مصالح الشعب الجزائري، وهم الذين ظلوا طيلة عقودٍ يتَّهمون الشرفاء والوطنيين بـالولاء لـ”الأيادي الخارجية”، فتبيّن اليوم أنهم هم الموالون لها.

5- إفشال مشروع إبقاء الجزائر البقرة الحلوب للمال الفاسد، وهو ما سارت عليه الجزائر باحتشام منذ الاستقلال، لكنه شهد نشاطا فاضحا منذ العهد البوتفليقي.

6- بداية تحرير الإعلام، وهو المجال الهام الذي كبّلته العصابة منذ الاستقلال، وظلّ يُسبِّح باسم السلطة الحاكمة إلى بداية الحَراك، وما يزال محتاجا إلى جهود أهل المهنة ليتخلص نهائيا من كل القيود.

7- بداية تحرير القضاء، وهو المجال الأهمّ الذي كان يسير في نفس مسار الإعلام، وظلّ يغضّ الطرف عن الفاسدين وناهبي المال العام، بل تجاوز ذلك إلى الدفاع عنهم وتغطية تجاوزاتهم المفضوحة، بينما يعاقب عوامّ الناس، وكان شعارُه الخفيّ المرفوع إلى غاية ما قبل الحراك “القانون فوق الشعب” وليس فوق الجميع، لكنه اليوم يشهد تململا واستفاقة –رغم كونها مشوَّشة وناقصة- إلا أنها إيجابية وتحتاج إلى مزيدٍ من الدعم من طرف الشعب، ومن أهل التخصُّص.

8- توقيف مشروع تسييس الدين (المساجد) وجعله أداة في خدمة الطٌغمة الحاكمة، وذلك عبر الخطب الممنهجة والمبرمجة التي تحمل ختم الوزارة، وعبر الفتاوى التي تُنسَج حسب مقاس العصابة.

9- توقيف مشروع فرْنسة المدرسة الجزائرية وعَلْمَنتها الذي كان العمل فيه عبر مراحل مدروسة وممنهجة، والذي عرف تسارعا في الأداء خلال العهد الغبريطي.

10- إفشال مشروع تهميش الجامعة خاصة والمثقف عامة، وهما اللذان ظلا في خانة الإهمال والتهميش، وأُريدَ لهما أن يظلا في خانة اللاتأثير، فهذه الشريحة ظلت لوقتٍ متأخر لا يُسمع لها صوتٌ ولا يرى لها أثر، واختُزل نشاطُها في معرض الكتاب 10 أيام من كل سنة، واليوم رأينا كيف عادت الجامعة إلى الواجهة، وإسهاماتها المعتبرة في الحراك لا تخفى على أحد، ولابد أن تستمر هذه الشريحة في استرجاع مكانتها، لتتقدم ليس فقط الحراك بل التغيير في هذا البلد لأنّ بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يُبن ملكٌ بجهل وإقلال

11- وإذا كان الحراك يسير تحت عيون المؤسسة العسكرية، فإن هذه الأخيرة هي أيضا مُتابَعة من طرف الشعب، الذي في كل مرّة يوجه لها ولقائدها (قائد الأركان) رسائل واضحة، ويبقى الشعب يُعوِّل بشكل كبير على هذه المؤسسة الدستورية كيْ تصاحبه في ثورته لتحقيق كل أهدافها، وإحباط مخططات العصابة للالتفاف عليها. شكرا للحراك الشعبي أو الثورة التي حرّرت الجميع، وجعلتهم يملكون مصيرهم بين أيديهم، فإما متمسكون بهذه الحرية إلى أبد الآبدين، أو نترك ذلك لعصابة جديدة أو متجددة تتربص بالجزائر وشعبها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!