-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
العتروس ولعور وغيرهم...

هذا ما فعلته فرنسا في السجل المدني

فاروق كداش
  • 8592
  • 5
هذا ما فعلته فرنسا في السجل المدني
بريشة: فاتح بارة

الحديث عن جرائم فرنسا قد يأخذ منا سنوات طوالا.. فقد عاث هذا المستعمر في ثقافتنا وهويتنا فسادا، ولم يترك فردا إلا وحاول طمس أصله ودينه، وارتباطه بهذه الأرض المقدسة، التي لم تروها الينابيع والأنهار فحسب، بل تدفقت في روابيها دماء طاهرة، جعلت من الجزائر أرضا لا تطؤها أقدام الشياطين… الشروق العربي، تنفث الغبار عن الأرشيف، لتكشف لكم جريمة قامت بها فرنسا قبل قرن من الزمن.

في 23 من مارس 1882، صادق المستعمر الفرنسي على مشروع قانون الحالة المدنية، الذي يلزم تسجيل كل جزائري مسلم يرفض الإذعان للقانون. وهذا لا لأغراض اقتصادية أو اجتماعية، بل كان مشروعا مخططا بإحكام لفرض السيطرة والتحكم في الجزائريين، ولجمع الضرائب وإفقار الشعب، رغم أن عملية الإحصاء كانت قد بدأت في 1873. وشهد شاهد من أهلها، وهو المؤرخ الفرنسي، شارل أجرون، (المتخصص في الاستعمار الفرنسي بالجزائر)، الذي أكد أن هذه الخطوة كان الهدف منها تدمير الهوية الوطنية وفرنسة أسماء الأفراد والأماكن.. وهذا، لتشجيع الزواج المختلط، كي تختفي بعدها الجينات الجزائرية إلى الأبد.. فمثلا، تحول اسم الإدريسي إلى دريسي، والعربي إلى لارابي.. وفي سجلات الحالة المدنية الفرنسية، كان يمكن إيجاد أسماء محرفة كليا، مثل مريم بن علي بن موسى، تحول إلى “ماري موسى”. وصرح أحد المؤرخين الفرنسيين بأن هناك من الموظفين من كان يتعمد وضع أسماء حيوانات بالعربية، مثل شادي وراس الكلب وزاوش وعتروس وفكرون.. وبالفرنسية مثل لاموش وسوري… وكانوا يحذفون اسم محمد قدر الإمكان، ويتركون اسما واحدا في الأسماء المركبة، مثل محمد أمين… فضلا عن الأسماء المهينة، مثل خامج وخوني وعڤون وبهلول… وكان بعض أعوان الإدارة الأكثر لؤما يسجلون العيوب مثل لڤرع ولقجع ولحول ولعوج… ويتعمدون حذف النسبة: ابن، ولد، وأبو.. ويحولونها إلى “بو” و”بل”. ولم تسلم أسماؤنا من خيال الفرنسيين المريض، فابتدعوا أسماء جديدة، مثل طاوطاو وتيتي وتيشتيش وشيكوش وبن جدو وحافي راسو.. ومن غريب أعمال هؤلاء، أنهم كانوا يفرقون بين عائلات القبيلة الواحدة، مثلما حدث في المنطقة الجيجلية، حسب الأكل وأواني الطبخ، فتحولت إلى بوڤصعة وبولحم وبوشحم وبوكرشة وغيرها. وتحمل سجلات القضاء العديد من الشكاوي، التي يريد أصحابها استرجاع أسمائهم الحقيقية، مثل عائلة بوعفة القسنطينية، التي غير اسمها في السجل المدني إلى باسطا، بسبب أن عون الإدارة كان من أصل إسباني.

ولم تقف فظاعة المستعمر عند هذا الحد، بل كانت الإدارة تطلق اسم “أس أن بي” على كل شخص يرفض أن يسجل نفسه في السجلات الرسمية، وتعني بالفرنسية “دون اسم عائلي”.

مجزرة باسم الأبجدية الفرنسية

كانت الإدارة الفرنسية تترك الحرية الكاملة للأشخاص لاختيار أسمائهم آنذاك، غير أن الموظفين الفرنسيين، الذين كانوا في معظهم جنودا متقاعدين أو مطرودين، كانوا يحملون حقدا كبيرا للجزائريين، وكانوا يصبون جام غضبهم على السكان… كان الجزائريون لا يهابون هؤلاء الموظفين، وكثيرا ما كانوا يشتمونهم بـ”يماك” و”الكلب”، وكانت كلاب فرنسا ترد بتسجيل ما يسمعون من شتائم في السجلات الرسمية، فلا عجب من وجود أسماء غريبة، مثل الفرخ والزوبيا والمنتن والداب في السجلات القديمة.

 أما في بلاد القبائل، فكانت الخطة التي رسمتها فرنسا غير مسبوقة، فكانت تضع أسماء لعائلات قرية كاملة، تبدأ بحرف معين، فإذا تم القبض على شخص واحد يبدأ اسمه بحرف “A” بتهمة معينة، كانت كل الدشرة التي ينتمي إليها تنال نصيبا من العقاب.

خلال بحثي، صادفت فيديو علي اليوتيوب لجزائري مقيم بفرنسا، يروي قصة اسمه، الذي تحول من آيت عيسى إلى مزود، وهذا، بعد أن ذهب جده لتسجيل اسمه في السجل المدني، وهو يحمل مزودا، فالتصق به هذا الاسم لأجيال عديدة. وأضاف صاحب الفيديو، أن كل العائلات التي تقطن قريته يبدأ اسمها بالميم، مثل مزار ومطرف ومكداد، وهذا يؤكد سياسة فرنسا الإدارية للسيطرة على “الأنديجان” حسب رأيها.

جريمة يدفع ثمنها الأحفاد

في ظل عملية الانتقال من النطق الشفهي إلى الكتابة، تعرضت أسماء كثيرة للتشويه، فمثلا اسم سحنوني (الذي يمثل مرجع المالكية في الجزائر وهو الشيخ سيدي سحنون)، تحول عند بعض العائلات إلى دزانوني.

بعض الأسماء فرنست عمدا، مثل فريد، الذي أصبح ألفرد، ونعيمة، التي أصبحت ناومي، وحبيب إلى أبيب، وحمر العين مثلا إلى أميرلان… والمثير في الأمر، أن اسم عبد القادر، المستوحى من أسماء الله الحسنى، تعرض لعملية تشويه كبيرة، فأصبح قدور وقادة وقويدر وعبدقة.

منذ الاستقلال إلى الآن، أكثر من 30 ألف عائلة جزائرية طلبت تغيير اسمها، ورغم أن هذا العدد تضاءل في السنوات القليلة، إلا أن العديد من الجزائريين لا يزالون يطالبون بتغيير أسماء ابتدعتها لهم فرنسا، لكسرهم. والأمثلة كثيرة، وليس الهدف من ذكر بعض الأسماء السخرية وتقليل الاحترام، لكن لتوضيح شناعة ما قامت به الإدارة الفرنسية، مثل اسم دماغ العتروس وبوسكسو وغيرها. في 2013، فقط وافقت وزارة العدل على تغيير 643 اسم، وهو عدد لا يستهان به.

أسماؤنا قبل فرنسا

كانت أسماء الجزائريين قبل الاستعمار الفرنسي تخضع لبعض الضوابط، أشهرها النسب، مثل بن عمار وبن مصطفى. والنسبة إلى المكان والمنطقة، مثل الطرابلسي وفرڤاني والتيفوتي. وإلى المهنة، مثل نحاحسي أو حداد أو خزناجي وقهواجي، بالإضافة إلى لقب حاج الذي كان متداولا كثيرا …

من عايش تلك الفترة الذهبية، قد يصادف في موسم الحج أحدا ينادي لجزائري بـ “يا أبا الفراج المعافي النهرواني بن زكريا”.

تبقى هناك العديد من الأسماء التي تتوارث من القدم، أبا عن جد، مثل لفغون ووزان وبوعكاز وعز الدين ومولا ومقران وغيرها من الأسماء الأصيلة، التي تضرب في أصل وعروق هذه العائلات..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • جزائري حر

    الحقيقة التي لا يراها أغلب البنوأدمين أن كلا من فرنسا والجزائر كانتا ضحيتان للصوص اللي حاكمين في فرنسا والجزائر . أاو خممو شويا كيفاه فرنسا استعمرت الجزائر وفرنسا تقريبا أصبحت جزائرية وإسر..... ية

  • jamal roussi

    WECH YJIK MEN WJOUH ECHERRRRRRRRRRRR

  • محمد الزين

    لكن المشكل الحالي،انه هناك من الجزائرينمن يرغب في فرنسة اسمه كما هو شائع في قناة الهداف مع اللاعبين (شفاي=شافعي،بولالة=بولايا.....الخ)والامثلة كثيرة.

  • فكر مليح

    الله يلعن فرانسا و الخونة والعملاء اولاد الحرام

  • Algerien libre

    Visiblement, la France est la source de tous vos problèmes. Qu'avez vous depuis l'indépendance pour remédier ? Le problème de l'Algérie provient des algériens et uniquement des algériens. Le pays se construit avec le travail et non pas par des paroles visant à trouver toujours un coupable pour justifier l'échec