-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما ننتظره من قدماء الجامعة الإسلامية بقسنطينة

حسن خليفة
  • 1013
  • 3
هذا ما ننتظره من قدماء الجامعة الإسلامية بقسنطينة
ح.م

طفت على سطح الأزرق الكبير (الفايسبوك)، منذ أسابيع قليلة، منشورات تحت عنوان كبير “قدماء جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية”. وقد لفت نظري ـ شخصياـ تكثّرها وتنوّعها وتعاقبها السريع؛ إذ سرعان ما صارت نهرا متدفقا من المنشورات التي تحمل قدرا يسيرا من المعلومات، وصورا لقدامى الطلبة المتخرِّجين في الجامعة الإسلامية بقسنطينة، مع ذكر لبعض الأساتذة بين حين وآخر.

القراءة المتأنية لهذا الذي طفا على سطح وجدران فايسبوك قد تكشف الكثير من الأمور، وقد تقود إلى مخارج طيِّبة إن أحسنَّا التفكير والعمل معا. لذلك أحببتُ أن أساهم بهذه السطور، آملا أن يتلقاها الإخوة والأخوات بصدور رحبة وقبول طيّب، مع ما يمكن أن يكون فيها من النقد، ومن غشّنا فليس منا، والدين النصيحة.

1- من الملاحظات الرئيسة التي بدت لي، وقد كنت ـ ربما كغيري ـ غافلا عنها، ولم يكن لديَّ سابقُ استيعابٍ لها، وفرة وكثرة المتخرجين والمتخرجات في هذه الجامعة العريقة، فهم بالآلاف، وهذا يسمح لي بالتساؤل:

هل أدت الجامعة الإسلامية جزءا كبيرا من وظيفتها في تخريج الكفاءات ذات الصلة بتخصّصاتها بقطع النظر عن أمور أخرى قد نشير إليها لاحقا؟ بمعنى: ما دام الأمر بهذه الوفرة فهل يعني ذلك أن الجامعة أدت دورها كما يجب؟

2- الملاحظة الثانية: أن الكثير منهم ومنهنّ حقّق نجاحا وتميّزا في مسار حياته المهني والعلمي، فهناك اليوم عشرات من الأساتذة اللامعين، في مختلف المواقع ومنهم من هو أو هي برتب عالية (بروفيسور)، هنا وهناك، في تخصصات شتى. وهذا في حدّ ذاته يستلزم التوقف عنده ومناقشته ومدارسته، إذ منهم من آثر الخروج إلى دول وأقطار أخرى للعمل، لأسباب متعددة: اجتماعية، أو اقتصادية، أو نفسية، ومنهم من بقي وكافح وحقق القليل أو الكثير. وهذا أيضا من النقاط التي يحسُن الوقوف عندها حين التساؤل عن أدوار الجامعة في مجال التأثير الديني والثقافي، محليا وعربيا وعالميا. أين يمكن أن نجد هذا التأثير، في الواقع؟ في المؤسسات؟ في الشارع؟…

3- بقطع النظر عن الأسباب التي جاءت في سياقها هذه الدعوة إلى ما يمكن أن يشكل “تجمّعا” أو رابطة أو هيئة علمية أو ثقافية تجمع هؤلاء ـ أو جزءا طيبا منهم ـ يقفز سؤالٌ كبير: لمَ تأخَّرت هذه الدعوة كل هذا الوقت، وقد عرفت البلاد تقلّباتٍ كبيرة، وكانت حاجتُها إلى العلم والعلم الشرعي تحديدا كبيرة وعظيمة، لمَ تأخرت إلى اليوم؟ ألم يدُر في خَلد الإخوة والأخوات أمر الاجتماع واللقاء والتعاون في هذا الإطار العلمي الإشعاعي من قبلُ؟

4- أيضا بقطع النظر عن بعض الجدل الذي ثار بين بعضهم، من حيث التشكيك في الدعوة، وأن هناك شكوكا تحوم حول الهدف غير المعلن من هذه الدعوة إلى إحياء “تجمّع” باسم قدامى الجامعة الإسلامية، وطلب إبداء جميع الأسباب التي تقف وراء هذه الدعوة، والأهداف المراد تحقيقها.. وهو جدلٌ مقبول ونقاش لا يضرّ إن كانت النوايا طيِّبة والصيغة التي ستطرَح للتجمّع كفيلة بأن تجعل هذا الأمر ممكنا وواقعيا أو غير ذلك.

5- من الملاحظات التي يمكن للمتابع تسجيلها اكتفاء النسبة العالية من المشاركين في هذا النقاش بأمور يسيرة كذكر بعض المناسبات وسرد بعض الوقائع والأحداث، وكثير منها اجتماعي إنساني طريف ومسلّ، مع صور يُطلب من المتابعين التعرّف عليها في دفعات مختلفة. وأستطيع أن أقول: إن الأمر في واقع الحال أكبر من هذا ويحتاج إلى ما هو أعظم من مجرد السرد والحكي.. يحتاج إلى بلورة مشروع حضاري كبير يحفر في العمق ويسأل ويقيّم الأوضاع ويحدّد احتياجات المجتمع والمسؤوليات المنوطة بأعناق هؤلاء الإخوة والأخوات.

ما الذي يمكن أن تقدّمه نُخبة كبيرة وازنة عالمة كهؤلاء الذين يسّر الله لهم الدراسة في الجامعة الإسلامية بقسنطينة وتلقّي العلوم الشرعية على أيدي ثلة من أفاضل الأساتذة الذي تعاقبوا على الجامعة الإسلامية على مدار العقود الماضية؟

نعم السؤال الكبير: ما الذي يمكن أن تصنعه وتحققه هذه الكُتلة الكبيرة التي تيسّر لها التعلّم في هذه الجامعة المتميزة؟ وما هي واجباتها الشرعية اليوم وغدا، في وطن يرزح تحت كثير من غيوم الأمِّية الدينية، والانحدار الإيماني، وطغيان الماديات على النفوس، وأيضا في ظل نُخبٍ معادية تغريبية مشحونة ضد الدين ومبادئه؟ ما الذي يجب التفكير فيه فيما يحسُن، بل يجب، أن تقدّمه هذه النخبة التي هي ربما هي النخبة الحقيقية الوحيدة القادرة على ردّ العدوان على الدين والقيّم وصيانة ميراث الإيمان وحراسة منابت التقوى والاستقامة؟ وأين كانت هذه الكتلة الكبيرة الوفيرة العدد كل هذه المدة؟ والأهم: ما الذي يجب أن تفعله مستقبلا، مع تجاوز كل الحزازات والحساسيات والنفسيات والذهنيات المثبِّطة والمحبطة؟

6- ثمة شيءٌ يجب التذكير به هنا وهو وجود بعض الهيئات التي حملت اسم الشيخ الغزالي كرابطة طلبة الشيخ الغزالي التي اجتهدت في الأعوام السبعة الماضية وحققت نجاحا في ملتقياتها ومنشوراتها وندواتها. وأيضا هناك هيئة طلابية في الجامعة نفسها تعقد سنويات ملتقى دوليا محترما باسم ملتقى الشيخ الغزالي. السؤال: لمَ لم يرد الكثير من الكلام حول هاتين التجربتين وهما تلتقيان مع فكرة إحياء قدامى الجامعة الإسلامية؟ وهل يجب تجاوز الموجود والبناء من جديد؟ أم يجب أن نراكم التجارب ونستفيد ـ قدر المستطاع ـ مما سبق فندرسه ونشرّحه ونتعرف على إيجابياته وسلبياته ثم نبني على ذلك؟

أعتقد أن هذا هو المنطقي؛ لأن الجميع ـ في واقع الأمرـ هم من خرّيجي وخريجات وقدامى (أو قدماء) الجامعة الإسلامية فهل يكون من الخير، التضامّ والاجتماع والتلاقي، أم من الأفضل التنافر والتناكر؟

7- أتصوّر أنها مسؤولية جسيمة، وأعني بالذات المسؤولية الإيمانية. نعم المسؤولية أمام الله كبيرة وعظيمة، وإن أفضل ما يمكن أن تقدّمه هذه الكتلة- النخبة هو أن تجتهد في دراسة وسائل تقديم الخير للدين والوطن، وتجمع أمرها على خير، وتدرس سبل تفعيل وتوسيع دور الإشعاع الإيماني الشرعي الذي ورثته من الجامعة الإسلامية، ولن تعدم هذه النخبة ـ إن صلحت النيّات وعظُم العزم وتقوّت الإرادة- أن تجد فضاءً عمليا يتم المساهمة من خلاله، مع هيئات ومؤسسات أخرى في ردّ الاعتبار للدين والتمكين للاستقامة والصلاح والإصلاح في هذه الديار التي سُقيت بدماء الشهداء الأطهار.. وتنتظر مداد وأصوات العلماء الأبرار.
مع الملاحظة أن العمل متيسر في ظل تكنولوجيات الاتصال التي هي نعمة من النعم التي يجب تقديرها بالشكر والعمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ابونواس

    ما هذه البلادة....بلادة مقرفة..........كان الأفضل أو الأحرى توجيه السؤال.أو الاستفسار. عن انتاجات الرعيل الأول أو قدماء(الجامعة الاسلامية في قسنطينة)....ماذا قدموا أو أفادو به القطاع التعليمي بالمعرفة والعلوم ...وهو ما يتفوق فيه (قدماء)المؤسسات التربوية في دول البشر......وتبقى البلادة فضاء هؤلاء ....

  • كلمة عالم تختصر كتب في غاية

    البلاغة والاوراق مكدسة والطلبة تخرجوا والاطفال بسرعة اصبحوا طلبة والاستاذ بلغ من الكبر عتيا والاسقف اصبحت مظلمة والاشكالية باختصار القيادة تتحكم بمسؤولية صلبة ضد الاسلامي مهما خطت يداه وكتب مجلدات لاغاثة اللهفان في مصائد الشيطان فالجماعة تسعى الى غلق المراقص والحانات والاصلاح الجاد وليس تغريدة على الفايس استغفر الله

  • مقال رائع

    الشعب تنقصه النخبة والنخبة لا نجد غيرك من سمثلها وها انت لا يهجبك العجب معذرة