-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا اقتنع بومدين برفع العقوبة عن ياسر عرفات؟

عثمان سعدي
  • 1526
  • 2
هكذا اقتنع بومدين برفع العقوبة عن ياسر عرفات؟
ح.م

في سنة 1975 زارني بمقر السفارة بدمشق خليل الوزير أبو جهاد وعبر لي عن تألم الفلسطينيين من قطع العلاقات معهم بأمر من الرئيس بومدين، قائلا: “أملنا فيك في أن تقنع الرئيس بومدين بإلغاء مقاطعتنا، فأنت تربطك به علاقة شخصية يقدر رأيك، حاولنا مع وزير الخارجية بوتفليقة وفشلنا”. أجبته بأنني سأحاول. السبب في هذه المقاطعة هو أن ياسر عرفات تصوّر أن الجزائر لا تمانع في أن يضم المغرب الصحراء الغربية، فصرح تصريحا مؤيدا لذلك، فسخط بومدين وجمّد سائر العلاقات مع المنظمة بالرغم من أن ياسر عرفات تدارك الأمر وصرح تصريحا مناقضا لتصريحه الأول.

اُستقبلت في نفس السنة من الرئيس بومدين، وقبل دخولي مكتبه سألت مستشاره السياسي السيد إسماعيل حمداني فأخبرني أن الرئيس ساخط على عرفات ونصحني بعدم إثارة الموضوع معه. وبعدما قدمت عرضي للرئيس عن الوضع السياسي بالمشرق العربي دار الحوار التالي بيننا:

 ـ لماذا أنت مستمر في قطع العلاقات مع الفلسطينيين؟

 ـ بومدين: ليذهبوا إلى الحسن الثاني لمساعدتهم، لنتوقف عن الحديث في هذا الموضوع.

 ـ سيدي الرئيس، أنت تملك طردي من مكتبك، أو عزلي كسفير، أو إدخالي بهاتف السجن، لكن لا تملك منع الاستماع لرأيي إن أعجبك فاعمل به، وإن لم يعجبك، بجانبك سلة المهملات فارمه بها، دعني من فضلك أتكلم..

 ـ (ابتسم الرئيس ثم أجاب): تكلم يا شاوي بن شاوي.. تكلم

 ـ في الوقت الذي يهبّ الجميع لمساعدة الفلسطينيين المحاصرين في لبنان، بمن فيهم أنور السادات المشبوه، يقف الهواري بومدين قائد جيش التحرير العظيم (ولا يهمني رئيس الدولة) متفرجا؛ سيسجل التاريخ عليك هذا الموقف والتاريخ لا يرحم، أنا كسفيرك ملزم بأن أقدم لك النصيحة يا سيدي الرئيس، فإن لم تعجبك فارمها في سلة المهملات التي هي بجانبك.

لم يجب الرئيس لكنه حمل سماعة الهاتف فأمر مدير ديوانه بإعادة العلاقات مع الفلسطينيين إلى وضعها الطبيعى، ثم أعطى نفس الأمر هاتفيا إلى الأمين العام لوزارة الدفاع. وتوجه لي قائلا:

 ـ كيف تُرسل المساعدات للفلسطينيين؟

 ـ ترسل إلى أحد الميناءين: بن غازي بليبيا أو مرسى مطروح بمصر، ومن هناك يهربها الفلسطينيون بزوارق خاصة إلى لبنان.

 ـ لماذا لا تُرسل المساعدات مباشرة؟

 ـ الشواطئ اللبنانية محاصرة جنوبا بالأسطول الإسرائيلي، ومحاصرة شمالا بالأسطول السوري، منعا لمرور أي مساعدات.

 ـ سأرسل باخرة محمّلة لهم إلى طرابلس وليغرقها السوريون.

وهكذا تمكن السفير عثمان من حل هذه المشكلة، وبرهن على أن المسؤول إن كان يملك الشجاعة على مواجهة موقف رئيس الدولة الخاطئ ونقده، يمكن للموقف أن يتغير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • وحدوي متحضر

    برافو أستاذ سعدي!
    هكذا هم حكام العرب, نرجسيون وتافهون. هم مزاجيون كالأطفال! ويعتقدون أن الوطن ملكهم ومزرعتهم!
    يبقى الوطن الخاسر الأول والأخير.
    هرمنا من أجل وطن يقدس فيه المؤسسات وليس الأشخاص.

  • عادل

    بارك الله فيك ورحم هواري بومدين