-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا تدعم الديمقراطية الدكتاتورية؟!

هكذا تدعم الديمقراطية الدكتاتورية؟!
ح.م

عِندَ مُتابعة قائمة الدول حسب مؤشر الديمقراطية اعتمادا على دراسة لـ”كونزر سيومال إيكونميست” لسنة 2019، يتبين لنا أنه من بين 167 دولة التي شملتها الدراسة، 53 جاءت في ذيل الترتيب، واعتبرت تبعا للمقياس المُعتَمَد أنظمة شمولية، 23 منها في افريقيا، 15 في آسيا، 12 عربية، و03 في أمريكا اللاتينية. ولقد اعتمدت هذه الدراسة 05 مؤشرات هي (التعددية والمسارات الانتخابية، الأداء الحكومي، المشاركة السياسية، الثقافة السياسية، الحريات المدنية). وللوهلة الأولى تبدو النتائج منطقية، لأن هذه الدول تعرف بالفعل أزمات سياسية خانقة وبعيدة كل البعد عن مبدأ التداول على الحكم، لكن عند طرح سؤالٍ، يبدو لي جوهريا، سنكتشف أننا أمام فرضية قابلة للتأكيد بسهولة تقول، أنه كلما كانت الدولة دكتاتورية كلما كان خلف ذلك إما حليف أجنبي من بين الدول الديمقراطية أو مجموعة من الحلفاء “الديمقراطيين” مِمَّن يُعتَبرون نموذجا ينبغي الاقتداء به كفرنسا وأمريكا…

لِنلقي نظرة في ذيل العشرة الأواخر في القائمة وسنجد 05 دول افريقية هي (الكونغو كينشاسا، افريقيا الوسطى وغينيا الاستيوائية وغينيا بيساو وتشاد)، و03 دول عربية (سورية والمملكة العربية السعودية واليمن)، ودولتان آسيويتان (طاجكستان وكوريا الشمالية)… ولنطرح الإشكالية التالية: ألا تدعم هذه الدول وتتحالف معها دول ديمقراطية بامتياز؟ ولنتساءل بعدها؟ هل كانت هذه الأنظمة الشمولية لِتَستمر لولا دعم الديمقراطيات الغربية لها أو سكوتها عنها (كوريا الشمالية)؟ أَوَليست الأنظمة الشمولية هي صناعة غربية بامتياز؟ ولِِمَ تَزعم الدول الديمقراطية سعيها لإحلال الديمقراطية عندنا وتفعل عكس ذلك في واقع الأمر؟

بكل تأكيد مثل هذه الأسئلة تحتاج إلى براهين، وكم هي مُتَوفِّرة أمامنا ولكننا نادرا ما نعيرها الانتباه. جميع الدول الافريقية الخمس المذكورة يتلقى حكامها دعما مباشرا من فرنسا والولايات المتحدة، ابتداء من الكونغو ثاني أكبر دولة افريقية مساحة إلى غينيا الاستيوائية أصغرها. ولا يخفي الغربيون دعمهم لحكامها، ماداموا ينهبون ثرواتها، حتى وإن استمر بعضهم 40 سنة في الحكم (تيودوروأوبيانغ)، أو 32 سنة (موبوتو) أو 13 سنة (بوكاسا) أو أكثر أو أقل… كما لا يخفى على الجميع أنهم كانوا خلف حروبها الأهلية الطاحنة (3.5 مليون ضحية في الحرب الأهلية للكونغو وحدها ما بين سنتي 1997 و 2005)، وعشرات الآلاف في غيرها من البلدان ممن يبيعون لهم الذخيرة والسلاح بلا تردد حتى يستمروا في الاقتتال…

ولا نحتاج إلى دليل لنرى دور الغرب الديمقراطي في سورية، وفي السعودية واليمن، حيث يُحرِّك هذا ضد هذا وهؤلاء ضد هؤلاء (نموذج حرب سورية، وحرب اليمن)، ولولا تأجيج “الديمقراطيين” للصراع والإبقاء على حالة لا غالب ولا مغلوب في جميع الحالات، لَتَمَكَّنت الشعوب من حسم الأمور لصالحها في أيام أو أشهر معدودات.

ويكفي لتأكيد فرضيتنا من زاوية أخرى أن أحد المرشحين لمنصب حاكم في الولايات المتحدة الأمريكية (ريتش ويثناي) كتب مقالا في سبتمبر 2017 عنوانه “الولايات المتحدة تقدم مساعدات عسكرية لـ73٪ من ديكتاتوريات العالم”، ذكر فيه أنه من بين 49 دولة مُصنَّفة دكتاتورية في العالم، بيَّنت المعطيات الرسمية المنشورة أن الحكومة الفدرالية الأمريكية قدّمت مساعدات عسكرية لـ36 منها، مستشهدا بالوثائق الرسمية ومُقدِّما أسماء الدول المستفيدة…

هل يكفي بعد هذا أن نشك، ولو لحظة، أن مَن يتغنى بدعم الديمقراطية ليس بالضرورة من يُساعد لذلك، قد يكون العكس هو الصحيح، والأمل الوحيد في أن نعرف أن لا أحد غيرنا يهمه مستقبلنا مهما كانت حال هذا المستقبل…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • منصف

    في اغلب الاحيان ، الظلم والقهر الذي تعيشه كثير من الشعوب المستقلة نابع من ابناء جلدتها الحقارة او الخونة ولا دخل للغرب.
    لا يستطيع منصف أن ينكر صدارة الغرب في رعاية الشؤون الاجتماعية في بلدانهم حتى أن المساكين واليتامى والضعفاء يحظون بالإحاطة المادية والمعنوية من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بشكل يغبطهم عليه الأغنياء عندنا. فهل نعي الدرس ونكف عن تهديد الحضارة الغربية بالزوال لنبرر فشلنا؟

  • فاطمة الزهراء

    حتى تظهر لنا هذه الدول بمظهر الديمقراطية يجب أن تبقى تلك بمظهر الديكتاتورية

  • نمام

    الديمقرطية تحتاج لعمل على اساس عقلي سليم ومنطقي وكل ما نراه من رتوشات ومكياج للانظمة لا قيمة له الا بمشاركة فعلية في القرار من قبل راي عام مهيكل ما دون ذلك اشكالا يتحكمون في التعددية تحت اشراف امني الممارس للقرار السياسي ختاما وداعما للسلطة التي يرعاها تكتيك سياسي يستخدم من عقود ولا زال ولا يشكل القطيعة مع احتكار القرار ويتلاعبون به كمجموعة مهما كان نوعها وومع هؤلاء لا بد من صراع سياسي لا ن الديمقرطية تمس مصالح فئات وهم قادرون على القتال للدفاع عن مصالحهم ولنيل الحريات ليست مسالة اخلاقية ولكن توزيع الثورة والحرية السياسية اعتراض على الحتكار للثروة من قبلهم ولهذا نرى التلويح بالامن للاستمرار

  • محمد

    ومن قال ان الدول الديمقراطية التي تتجدث عنها تدعم الديمقراطية؟ هي تدعم مصالحها لا غير. هذا من جهة. من جهة ثانية لا يجب أن نستخلص أن المطالبةب الديمقراطية مؤامرة من الخارج بحجة أن هذه الدول ترفع شعار دعم الديمقراطية.الديمقراطية شيئء وهذه الدول شيئء ’آخر ولا يجب الخلط بينهما.

  • محمد

    من السهل إلقاء اللوم على الدول الغربية وإن كانت كذلك.لكن مع ذلك فكل شعوب العالم العربي ترزح تحت قبضة الدكتاتوريات المحلية مملكات أو جمهوريات المتناحرة فيما بينها كأنها عصابات صبيانية بين الأحياء.والأخطر من كل ذلك أن الشعوب العربية تنتظر من العالم الغربي أن يسوي مشاكلها الاقتصادية والسياسية دون أن تحرك ساكنا أو تجلب المساندة من جماعات إرهابية مكنتها الإمبراطوريات في العلم من وسائل القمع والفوضى الخلاقة.لنقلها صراحة إن الطبقة النخبوية في تلك الشعوب لا تستحق المكانة التي تتبجح بها لأنها قاصرة عن تحديد طريق الخروج من التخلف وإن حصلت على شهادات علمية جامعية مزورة.من لا يرفع يده ترفع فوقه يد البطش

  • دوادي

    للاسف ما تفضلتم به حقيقة ماثلة و ليست خفية و الاسوأ أن هذه الدول أي الدول الديمقراطية باتت تلعب لعبة على الاثنين الشعوب الحكام أي ان تمرد حكام العالم الثالث تناصر شعوبهم عليهم و العكس .