-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا علمنا كبارنا وعلينا أن نعلم صغارنا؟

شيماء يسعد
  • 901
  • 1
هكذا علمنا كبارنا وعلينا أن نعلم صغارنا؟
ح.م

كنا صغارا لا نصوم رمضان، لكننا نترقب الإفطار للظفر بما لذ وطاب مع كبارنا الذين علمونا أنه شهر البركة والخير، شهر الكرم والجود، والعطف اللامحدود شهر الطاعة والقرآن وتذكر الأهل  وعودة الوصال واجتماع العائلة الكبيرة كل يوم في شأن، فإذا ما كانت أيامه الأخيرة زادت حلاوة السهرات العائلية.

مع اجتماع نسوة الأقارب مع الجيران وغالبا ما كانوا قريبين في المسكن، تحضرن حلوى العيد بأشكال بسيطة، وأذواق  في منتهى الروعة ظلت روائحها تداعب أنوفنا، ونحن ننتظر بشغف أن نمنح بعضا مما التصق أو احترق أو لم يستوي ونحن في فناء البيت نلعب الغميضة والبارادي والعرايس، وغيرها من ألعاب الزمن الجميل على بساطته.. لأن الأمهات أبدا لا تسلمن بحبة واحدة من الكعك بل تحرصن على تخزينه ووضعه في أماكن بعيدة عن أعين الأطفال التي كثيرا ما تتسلل اليه خلسة فتأخذ منه ماتيسر ويتقاسم كغنيمة سرية..

تمضي الساعات وما أطولها ونحن ننتظر قدوم فجر العيد ذاك اليوم الذي كان يترجم بفرحة لا توصف، عظيمة عظمة الدين الذي كتبه، والعادات والتقاليد الجزائرية التي صنعت منه يوما ما مثله يوم.. ننتظر صباحاته وإشراقة شمسه التي تطول علينا كأنها السنون بفارغ الصبر لنرتدي جديد الثياب والألعاب على بساطتها لكنها كانت تغمر قلوبنا بفرحة لا تصفها أية عبارة، فمنذ كان يقتنيها آباؤنا ونحن نتفقدها في كل حين ونحلم بتلك اللحظة التي سنرتديها ونعد الأيام والساعات والدقائق بل حتى الثواني..

يا الله ما أطولها، لكنها أخيرا حلت.. إنه العيد.. إنه العيد.. لا نكاد نصدق.. نستيقظ في الصباح الباكر جدا على غير العادة لا ندري لماذا، لكنه يحصل، فنجد حنة تزين أيدينا، لا ندري كيف وصلت إلى الأيادي لكن أمهاتنا كن يحرصن على الحنة للأولاد كحرصهن على الصلاة لدلالاتها الجميلة وارتباطها بالفرح والسرور والبهجة التي تسود مختلف المناسبات وحتى العيد..

نسارع إلى الخزانة لجلب الملابس ومعها اللعبة والبالونة وكأنها كنزنا المخبأ منذ سنوات وهمنا هو لبسها، وننتظر تعليمة الأم بذلك، وهي تركض بين زوايا البيت وجنباته ترتب تنظف تزين وتسابق الزمن حتى يكون البيت في أبهى حلة وآذاننا تملؤها طربا أصوات التهليل الصداحة في  المسجد..

أخيرا لبسنا الجديد.. الفرحة تغمر قلوبنا.. وننطلق مسرعين نترقب خروج المصلين من المسجد لنبدأ رحلاتنا وجولاتنا عند الأعمام والعمات والأخوال والخالات والجيران، ونجمع بعض الدنانير التي يمنحها كبارنا من بركات العيد والفرحة تملأ قلوبنا وغالبا ما ينال منا التعب فننام في منتصف النهار أو بعده بقليل..

العيد يوم للفرح.. للحب.. لصلة الرحم.. لتقاسم كل ما هو جميل.. هكذا علمنا كبارنا واليوم لزم علينا أن نعلم أبناءنا كيف يسرقون من التكنولوجيا التي سرقت أيام طفولتهم الجميلة لحظات من الفرح البريء بالعيد وليعيشوا روحانياته وخصوصياته وحلاوته التي تنبع أساسا من قلب مؤمن بأن العيد يوم ليس كسائر الأيام.. إنه يوم للعب.. للمرح.. للفرح.. للحب.. للجمال، فاجعلوا بيوتكم تنبض بكل ذلك، واغتنموا كل لحظة فيه كما في حياتكم جميعا فو الله إنها لساعة فقط ونحن من يختار كيف تكون فلم لا نجعلها سعادة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • فاتح

    مهما كان عيدكم مبارك ندعوا الله عزل وجل ان يعيد لنا ذا لك الزمن الجميل ويرفع عنا البلاء والغمة يارب