-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا نستطيع مواجهة أي تهديد

هكذا نستطيع مواجهة أي تهديد
ح.م

كَتَبَ “مالك بن نبي” رحمه الله في مؤلفه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” (ص51)، هذه الجملة القَيِّمة: “عندما نُلغي الطاقة الحيوية فإننا نَهدم المجتمع، وعندما نُحرِّرها تحريرا كاملا فإنها تهدم المجتمع، لذلك يجب على الطاقة الحيوية أن تعمل بالضرورة ضمن هذين الحدين”.

عند قراءة هذه الفكرة اليوم على ضوء ما نشهد من تحولات نكاد نجدها تتضمن الحل الذي نبحث عنه في مجال مواجهة التهديدات التي نعرفها، وبخاصة تلك الداخلية التي عَصفت بأكثر من بلد في محيطنا القريب والبعيد.

تُمثِّل حركة الجماهير الواسعة اليوم في البلاد العربية والإسلامية تلك الطاقة الحيوية التي تبحث عن التغيير. وتُمثِّل القوى الرافضة لها تلك القوى التي تريد إلغاءَها. وتُمثّل القوى الداعية إلى تحريرها تحريرا كاملا تلك القوى التي تبحث عن التمامية في كل شيء. أما القوى التي تسعى إلى جعل هذه الطاقة الحيوية تعمل ضمن الحدين فمُغَيَّبة أو ممنوعة من الفعل حتى لا يبقى أمام الناس سوى بديلين فقط:

ـ الإلغاء الكامل للطاقة الحيوية الذي يؤدي إلى هدم المجتمع.

ـ تحريرها التحرير الكامل فتهدم هي المجتمع.

وقد عشنا التجربتين معا في كل من سورية ومصر. في سورية تم تحرير الطاقة الحيوية تحريرا تاما إلى أن هَدمت الدولة والمجتمع. وفي مصر جرى إلغاؤها إلغاءً تاما وهي الآن بصدد هدم الدولة والمجتمع.

من هي الجهة التي تقوم بهذه العملية؟ يبقى السؤال مطروحا. وهو المدخل الأول لمواجهة التهديدات الراهنة على بلادنا.

نحن اليوم أمام حالة طاقة حيوية تريد التغيير. ما العمل؟ هل نمنعها منعا كاملا أم نحرِّرها تحريرا كاملا لنصل في الحالتين إلى هدم المجتمع؟ أم علينا البحث عن نقطة التوازن بين الحدين؟ ومَن يقوم بذلك وكيف؟

يبدو أن القوى التي تعمل على زعزعة بلادنا وتهديدها، ولعلَّها اطلعت قبلنا على ما كتبه “مالك بن نبي” في فصل “الطاقة الحيوية والأفكار” من كتابه المذكور، علمت أن المعادلة تتكون من 03 أطراف: تحرير الطاقة يدمّر المجتمع، تحييد الطاقة يعيق سيرورة المجتمع، التوسُّط في الطاقة يساعد على العمارة. ولذلك فإنها تحارب باستمرار بديل التوازن والتوسُّط الذي يساهم في بناء الحضارة، برغم أنها تسعى لإقامة مجتمعاتها على أساسه. (انظر عمودنا السابق: رأيٌ في موضوع التوازن الشجاع)، وتُشجِّع في المقابل طرفي المعادلة الآخرين: التحرير الكامل فيما تدفع إليه حركة الجماهير مستغلة واقعها المرير، والإلغاء التامّ فيما تدفع إليه السلطة القائمة مستغلة تبعيتها الواسعة.

وهذا ما يُفسِّر بدقة الموقف المتناقض والغريب أحيانا للقوى المحلية والدولية التي تهدِّد وجودنا ذاته؛ إذ أنها من جهة تدعّي الدفاع عن تحرير حركة الجماهير من كل قيد تحت عنوان الحرية والديمقراطية، ومن جهة أخرى تعمل على تمكين السلطات القائمة من كافة الوسائل للإبقاء على هذه القيود وقمع هذه الجماهير. وفي كلا الحالتين تكون المُحصِّلة واحدة: هدم الدولة المجتمع.

لذا، فإن قدرتنا على مواجهة التهديدات تَكمن في فهم هذه المعادلة وفك شفرتها في مرحلة أولى. وفي مرحلة ثانية تتمثل في إيجاد تعريف للمجال بين الحدين، وتحديد نقطة التوازن ضمن هذا المجال. ونقطة التوازن هذه هي وحدها التي تُمكِّن المجتمع من الدخول في ديناميكية التغيير التي تؤدِّي بحق إلى بناء مجتمع جديد، أقوى وأمتن من المجتمع السابق وأقدر على مواجهة التهديدات. وذلك أملنا جميعا وما ينبغي أن تتَّحد جهودُنا لأجل تحقيقه بإذن الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • جبريل اللمعي

    هاكم إجابات صعبة لأسئلة صعبة:
    س1) "فهم هذه المعادلة وفك شفرتها في مرحلة أولى".
    ج1) تحالف القوى التي ترى أنها خيرة مع أجهزة القمع المشروعة.
    س2) "وفي مرحلة ثانية تتمثل في إيجاد تعريف للمجال بين الحدين، وتحديد نقطة التوازن ضمن هذا المجال".
    ج2) المجال هو ما يراه التحالف المذكور في ج1).
    ***** باختصار: النموذج الصيني.

  • عبدالقادر

    اتفق مع الكاتب فى كل ما ذهب إليه ما عدا الجزئية التى تتعلق بمصر الحبيبة فمصر كادت ان تنهار وتصبح نسيا منسيا وبلد متطرف وفكر أصولى شاذ وفتن داخلية كادت ان تقسمها وتشرذمها مع حكم الأخوان لكن الان يحكم العقلاء مصرنا الحبيبة الغالية ويتطلعون بكل همة إلى إعادة بناءها وإيقاد جذوة نهضتها المتتبع لخطوات مصر سوف يجد نهضة شاملة فى كل المجالات وعلى جميع الأصعدة الرئيس السيسى يبذل الغالى والنفيس لوضع مصر فى المقام اللائق بها رغم حملات الدعاية المشككة وهرطقات دول بعينها تسعى لهدم اكبر بلدى لكن هيهات فمصر الوسطية خلال سنوات قلائل ستصبح قوة اقتصادية لا يشق غبارها

  • benchikh

    فعلا نحن هنا بصدد اصلاح مجتمع ,ما تواتر عليه الناس من عادات بعضها خاطئة وما دمر الاستعمار ما تبقى من هذه الشخصية المتذبذبة .مهمة المجتمع المدني المثقف اعادة هيكلة هذا المجتمع .كما فعل الغرب واوجد فرد كامل يفكر .تحتاج الى مجهود كبير ووقت لكن خير من اللوم واستعمال السلطة التعسفية الغير عقلانية .فالنبدا !!

  • ابن الجبل

    اذا أردت أن تواجه أي تهديد ، عليك بقراءة قصة الانسان والأسد ... قال الأسد للانسان : احضر قوتك لنتبارز . فرد الانسان : انتظر حتى احضر قوتي . فقبل الأسد ذلك ... ولكن الانسان أضاف : اني أخاف أن تهرب مني اذا ذهبت لاحضار قوتي ، يجب علي أن أربطك حتى لا تهرب . فقبل الأسد ذلك ... فلما انتهى الانسان من ربط الأسد ربطا شديدا . عند ئذ قال الأنسان : هاهي قوتي أيها الأسد ،لقد أحضرتها ، انها قوة العقل ...!. اذن قوتنا يجب أن تكمن في الفكر والعلم وحرية الابداع والعقل المدبر ...!!

  • elarabi ahmed

    سأل أحدهم أين نحن فأجابه التانى نحن فى القاع فرد عليه الأول الحمد لله لن نسقط مرة ثانية