-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بين نضج التجربة واهتمامات الناخب وإكراهات الحراك

هل تجاوز الخطاب الانتخابي في الجزائر أسوار الأيديولوجية؟

هل تجاوز الخطاب الانتخابي في الجزائر أسوار الأيديولوجية؟
ح.م

يتوجه الجزائريون غدا الخميس إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس تاسع للبلاد من بين خمسة مرشحين، اجتهدوا طيلة ثلاثة أسابيع في خطب ودّ الناخبين، عن طريق خطاب انتخابي ظهر أكثر نزوعًا نحو متطلبات التنمية والتفكير في الحاجيات اليومية للمواطن والتركيز على الانشغالات الأساسية للإقلاع في كافة المجالات.

كما نأى خطاب المتسابقين نحو قصر المرادية في غالب الأحيان عن التراشق الأيديولوجي، أو تبنّي شعارات فضفاضة، على خلاف تجربة الجزائر في مطلع التعددية، حيث كان كل تيار يحاول احتكار أحد مكونات الهوية لتقديم مشروعه للجزائريين، بين الإسلام السياسي والشرعية التاريخية والمسألة الأمازيغية وحتى الديمقراطية الحداثية.

في رئاسيات 12 ديسمبر، سجلّ الخبراء مسألة لافتة في البرامج الانتخابية، وهي أنّ البعد الاقتصادي استحوذ على مساحة كبيرة منها، قدّره بعضهم في حدود 70 بالمائة من حجم الأفكار المعروضة على الناخبين، ولا شكّ أن ذلك يعد مؤشرا   إيجابيّا، على الأقل من الجانب الشكلي دون الخوض في المضمون.

وفي تقدير المختصين فإنّ العناية بالملفات الاقتصادية في مخاطبة الناخبين من قبل فرسان السباق الرئاسي تعكس وعيًا برهانات المرحلة من جهة، واحتراما لذكاء المواطن الجزائري من جهة أخرى، ناهيك على أنّ أجواء الرئاسيات الخاصة والحساسة كان لها دور كبير في رسم معالم الخطاب المتطوّر.

وبهذا الصدد، قال إدريس بوكلعيبات، المختص في علم الاجتماع، إنّ حملة الانتخابات الرئاسية الحالية قد اختلفت عن كل  الحملات التي عرفتها الجزائر سابقا،  من حيث وسائل التواصل مع الناخبين واستراتيجيات الخطاب.

وأكد في تصريح لـ”الشروق” أنّ الانتخابات تجرى هذه المرة في مناخ سياسي متشنج، وفي شارع يعيش حراكا شعبيا مستمرا منذ أزيد من تسعة أشهر، وهو ما ترك تداعيات على  نوع خطاب المرشحين، والذين وقعوا على ميثاق أخلاقي إلى جانب وسائل الإعلام،  يلزمهم بالتقيد بعدم الزج بمقومات الهوية الوطنية في هذه المعركة، وكذا الامتناع عن التراشق أو الدخول في سجالات مثيرة.

وأوضح بولكعيبات، أستاذ الإعلام أيضا بجامعة قسنطينة، أن الوضع الحساس الذي تمر به البلاد يحتّم تجنب إثارة وتهييج النعرات والنفخ في الرماد وتحريك السواكن، معتبرا أن  “دغدغة مكونات الهوية الوطنية، هي في جوهرها قمة التعبير عن التموقع الأيديولوجي”.

لذلك، يضيف المتحدث، يمكن القول إن ميثاق أخلاقيات الحملة كان حاسما هو الآخر في تفريغها من الشحنات الإيديولوجية التي كان  من الممكن أن تغذيها، وتعطي جرعة للناخبين للتفاعل معها.

وشدّد على أن العالم يعيش عصر تراجع وانحصار الأيديولوجيات، بل نهايتها، مع ظهور الإنسان الأخير حسب فرنسيس فوكو ياما؛ حيث برز المجتمع المدني على حساب الأحزاب السياسية الحاملة لرايات الأيديولوجيات.

وأضاف في السياق بأنّه تم تجاوز قواعد اللعبة القديمة بين اليسار واليمين، ما تسبب في  حصول نوع من التداخل واختلاط  الألوان، وبات  من الصعب التمييز  بين الأطياف على أساس أيديولوجي، ولهذا  انعكست هذه الحالة في خطابات المرشحين للرئاسيات الجزائرية؛ إذ لم يتجلّ الفرق بينهم إلا في استراتيجيات بناء الخطاب، ومحاولة تكييفه مع الحالات الخاصة، على حدّ تعبيره.

وتابع بولكعيبات في حديثه لـ”الشروق” بأنّ هناك  مؤشرات قوية برزت على المشهد خلال الحراك الشعبي، تؤكد  تنامي الكراهية  للأحزاب السياسية في الجزائر، ومع ذلك لا يمكن الجزم بأنه تم تجاوز الأيديولوجيات مطلقا.

وختم كلامه بأنها قد تكون حالة عابرة بسبب حالة الغضب من جرّاء الفساد السياسي، فالمجتمع الجزائري لايزال قبليًّا، ويمكن أن يكون مستقبلا فريسة سهلة للأيديولوجيات الأكثر تشددا، على حدّ وصفه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • مامون

    كسرتم رؤوسنا بمنطقة القبائل فهذه عادتهم الموروتة من الاستقلال لا تنتخب الا القلة ومن باب الديمقراطية فهم لا يريدون المشاركة في الانتخابات بتوجيه من احزابهم ومنظماتهم افنرغمهم على ذلك؟ فهذا غير جائز ذيمقراطيا.ام نتفاوض معهم لضمان مصالحهم فهذا اسوء ديمقراطيا. فالديمقراطية تجبرنا على احترام الاراء ولكن كل يتحمل مسؤوليته التاريخية .

  • ? ou va l'algerie الجزائر الى أين ?

    سيبقى غياب هؤلاء الخمسة عن منطقة القبائل عار في جبينهم والى الأبد ومهما يجدوا أو يختلقوا من مبررات . ومن وراء كل ذلك هناك عدة أسئلة تطرح نفسها على هؤلاء عموما وعلى الرئيس القادم خصوصا : هل أبناء هذه المنطقة جزائريون في نظر هؤلاء المرشحين أم عكس ذلك ?
    كيف يخاطب الرئيس القادم أبناء هذه المنطقة بعد تنصيبه أم يستثني هؤلاء من خطابه وهل يقول أنذاك أنا رئيس كل الجزائريين .......... ? وهل سوف يتجرأ على زيارة هذه المنطقة ? الي فهم يفهمنا من فظلكم

  • ? OU VA L'ALGERIE

    سيبقى غياب هؤلاء الخمسة عن منطقة القبائل عار في جبينهم والى الأبد ومهما يجدوا أو يختلقوا من مبررات . ومن وراء كل ذلك هناك عدة أسئلة تطرح نفسها على هؤلاء عموما وعلى الرئيس القادم خصوصا : هل أبناء هذه المنطقة جزائريون في نظر هؤلاء المرشحين أم عكس ذلك ?
    كيف يخاطب الرئيس القادم أبناء هذه المنطقة بعد تنصيبه أم يستثني هؤلاء من خطابه وهل يقول أنذاك أنا رئيس كل الجزائريين .......... ? وهل سوف يتجرأ على زيارة هذه المنطقة ? الي فهم يفهمنا من فظلكم

  • HOCINE HECHAICHI

    التخلف الاقتصادي المزمن هوأزمة الجزائر الحقيقية ،فقد كان جميع الرؤساء السابقين، الذين حكموا باسم الشرعية الثورية، عبارة عن مديري “وكالة استيراد – استيراد” فأنشأوا (رغم الانجازات المعتبرة بفضل البترول) دولة "بايلك" و نظام حكم فاسد و شعبا خاملا و مسعفا شعاره ( ragda wa t’manger) … .
    برئاسية "كلاسيكية "سيأتي رئيس ،هذه المرة جامعي ،ولكنه سيبقينا في اقتصاد الريع، نستورد الغذاء واللباس والدواء والأفكار واللغات والرياضيين و… إلى ينتهي إحتياطي الصرف في 2022 وبعدها الكارثة.
    بداية الحل هي أن يدخلنا الرئيس القادم في الجمهورية الثانية عبر مرحلة 10-15 سنة “اقتصاد حرب”

  • alilao

    اكراهات الحراك. ها ها ها. لولا الحراك لكنا تحت حكم فخامته يكتب لنا رسالة مرة في السنة

  • عبقرينو

    السلام عليكم
    لماذا فرسان الانتخابات كما سميتهم انت لم يذهبوا إلى منطقة القبائل خلال الهملة الانتخابية؟