-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل صحيحٌ أنَّ نهاية إسرائيل قد اقتربت؟

محمد بوالروايح
  • 32156
  • 14
هل صحيحٌ أنَّ نهاية إسرائيل قد اقتربت؟
ح.م

ما كُتب عن نهاية إسرائيل ليس في الحقيقة إلا تخمينات وتوقعات أشفعها أصحابها بنصوص قرآنية حتى يصدِّقها العرب والمسلمون الذين يُعرف هؤلاء إيمانُهم الراسخ بصدق القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إن النصوص القرآنية في تفسيرات القدامى والمحدثين على سواء لا تحدد زمنا قريبا ولا تقريبيا لنهاية إسرائيل ولا لنهاية أي كيان ديني أو سياسي أو بشري، وما نقرأه في المصادر الكتابية حول ما يسمى “الأيام الأخيرة” أو ما يسمى في المصادر الفلكية “نهاية العالم” ليس سوى تخيلات قد لا يتحقق قليلُها ولا كثيرُها.

لقد أولى بعض الباحثين العرب والمسلمين اهتماما مبالغا فيه بما أسموه “نهاية إسرائيل” في 2022 حتى إنهم استطاعوا إقناع الدهماء وحتى بعض العلماء بأن الصراع العربي الإسرائيلي قد أوشك على نهايته بعذابٍ إلهي قاصم يُنهي أسطورة الكيان المغتصِب الذي أرهق العرب وأزهق الدم العربي، وهذا حق أريد به باطل، فاللهُ الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السموات قادرٌ على إزالة إسرائيل وغيرها من الوجود بكن فيكون “إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون”، ولكنه سبحانه وتعالى أراد أن يختبر إيماننا وصبرنا فابتلانا بسنَّة التدافع، فزوال إسرائيل لا يتحقق والعرب والمسلمون بأسُهم بينهم شديد وبعض حكامهم أشد ضراوة على محكوميهم من إسرائيل.

إن إسرائيل دولة معادية لنا ولكل أحرار العالم وكلنا يتمنى زوالها غدا أو بعد غد وقبل 2022، ولكن هناك حقائق ينبغي أن نقف عندها، ومن هذه الحقائق ما ذكره أستاذي محمد الغزالي رحمه الله في كتابه “الإسلام والأوضاع الاقتصادية”، وهو يقدم مقاربة جيوسياسية تنمّ عن فراسة ودراية بالواقع إذ يقول في هذا الصدد: “إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوالُ أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، وقبل أن ينال من شرفها غريب. إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد، وينتقص من قدرتها على المقاومة الرائعة، كفساد النفوس والأوضاع، وضياع مظاهر العدالة، واختلال موازين الاقتصاد، وانقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مضيَّع منهوك، وأقلها يمرح في نعيم الملوك”.

لم أجد رؤية استشرافية تستشرف مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي كتلك التي كتبها أستاذي محمد الغزالي رحمه الله قبل سنوات، فكل ما قاله يتحقق على أرض الواقع وكأنه كان يراه رأي العين، فهل يمكن لأي محلل استراتيجي أن ينكر ما تنبأ به محمد الغزالي من زوال بعض الأنظمة العربية لأنها كانت أنظمة فاسدة مستبدة، أليس ما تنبأ به هو الربيع العربي بكل فصوله وتفاصيله التي نعرفها؟ ألم نشهد انهيار إمبراطوريات سياسية عمَّرت وأفسدت وأغنت على حساب شعوبها فعاش حكامُها رافلين في التبر وشعوبهم تتقاسم حبات التمر لا تجد غيرها لتسد رمقها وتضمن بقاءها على قيد الحياة؟

لقد اكتسح الربيع العربي بعض الأنظمة العربية وبقيت إسرائيل لم يحدث بها ربيعٌ عبري ولم تتضرر من عاديات وارتدادات الربيع العربي، ليس لأنها كيانٌ معجِز ولا دولة تحرسها العناية الإلهية كما يزعم المتشددون اليهود، ولكن لأنها استفادت من التمزُّق والتفرُّق العربي واستغلت ذلك لفرض وجودها وإطالة عمرها.

إن نهاية إسرائيل لا تتحقق إلا بجملة شروط، منها ألا يتحول أهل الحق إلى دعاة للباطل، وألا يتحول المتحدثون عن العدل العمري من العرب والمسلمين إلى مستبدين من الدرجة الأولى لا تنازعهم إسرائيل في استبدادهم وبُعدهم عن العدل، ومن هذه الشروط أيضا أن يدرك العرب والمسلمون قيمة التحالفات والتكتلات في زمن لا مكان فيه للمشتتين الذين يقاتلون على جبهات شتى وبتوجهات شتى.

إن قراءة الأوضاع السياسية وموازين القوة الدولية يوحي بأن 2022 لن يكون بيقين نهاية لإسرائيل بل نهاية لنا أو لأكثرنا من مرح الحياة، فإسرائيل تزداد قوة ونحن نزداد ضعفا على ضعفنا لأننا رضينا وفرضنا على أنفسنا الوهم والوهن كما قال شيخي محمد الغزالي رحمه الله، ولأننا أو أكثرنا ينتظر ما تسفر عنه المفاوضات مع كيانٍ استيطاني وُجد ليناور لا ليحاور، فإسرائيل تهادن في جبهة وتثير في مقابل ذلك في جبهة أو جبهات أخرى أزمة تتبعها أزمة.

إن القراءة الصحيحة للواقع تؤكد أن الاستكبار الإسرائيلي سيبلغ مداه في السنتين المقبلتين أي بحلول سنة 2022، والدلائل على ذلك كثيرة، أذكر منها أن إسرائيل حققت في السنوات الأخيرة مكاسب لم تحققها طوال تاريخها، فقد استطاعت إسكات الأصوات العربية الأكثر راديكالية كما تصفها التقارير الإعلامية العبرية، وضمنت ولو بصورة محدودة اعتراف حلفائها بكونها قوة إقليمية في الشرق الأوسط لا غنى عنها لأي حل لمعضلة الشرق الأوسط.

إن القراءة الصحيحة للواقع تؤكد أن سنة 2022 ستكون سنة صهيونية بامتياز في ظل الصمت العربي المطبق اتجاه الصراعات والنزاعات التي تحدث في الوطن العربي ولإسرائيل بكل تأكيد ضلعٌ فيها من خلال مرتزقتها الذين يعملون على إشعال الفتيل في المجتمعات العربية دفاعا عن أمن إسرائيل.

إن قراءة موازين القوة العالمية تفند ما كتبه بعض المحللين من أن إسرائيل ستنهار بانهيار الجدار الغربي الداعم لها، فعلى العكس من ذلك يزداد هذا الجدار متانة ورصانة في الوقت الذي يتهاوى فيه الجدار الداعم للفلسطينيين يوما بعد يوم. قرأت كتاب بسام جرار “زوال إسرائيل عام 2022: نبوءة قرآنية أم صدف رقمية”، فلم أجد فيه جديدا يُذكر، فقد غرق الرجل في لعبة الأرقام ولم يستطع أن يضيف إلى معرفتنا بهذا الموضوع شيئا جديدا مبتكرا، وقد كانت لي اعتراضاتٌ كثيرة على ما جاء في كتابه وعلى ما جاء في حوار أجرته معه صحيفة “دنيا الوطن” الفلسطينية إذ قال إن “ضعف أمريكا سيكون سببا في زوال إسرائيل”، وأضاف: “إن التغييرات الجامحة في العالمين العربي والإسلامي من الممكن أن تجعل الغرب يقتنع بأن إسرائيل أصبحت حملا ثقيلا يهدد مصالحه.. مقدِّمات ضعف أمريكا بدأت منذ زمن طويل وذلك على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وأرى أن دخول أمريكا في حرب ضد أفغانستان والعراق سيأتي بنتائج عكسية تماما، ونتوقع أن يعاني الأمريكان كثيرا في المستقبل”.

ليس فيما قاله بسام جرار ما يمكن عدُّه قراءةً جيوسياسية؛ فحديثه عن ضعف أمريكا المحتمل والذي سينتج عنه زوالُ إسرائيل هو حديثٌ إنشائي أدبي لأنه ليس مبنيا على معطيات جيوسياسية يمكن البناء عليها، فكل الدلائل تشير إلى أن أمريكا مستمرة كقوة عالمية، وأنها ذكية في علاج مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، وأن عقيدتها السياسية اتجاه إسرائيل لن تتغير، ولكن في المقابل -وهذا هو الأقرب إلى الواقع- قد يفقد العالم العربي والإسلامي ما بقي من عناصر قوته ويستمر في صعوده نحو الأسفل، وستكون إسرائيل في كل الأحوال هي المستفيد الأول والأخير.

إن زوال إسرائيل في 2022 ليس -بالنظر إلى ما ذكرته وما لم أذكره- إلا حلما عربيا سيقذف ما بقي من كرامتنا العربية في عرض مياه الخليج أو مياه المتوسط لولا أن تتداركنا العناية الإلهية فتنتشلنا انتصارا للإسلام وتحقيقا للوعد الإلهي: “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • أل فاروق

    1443 انه عاام النصر يا ساده قد أن أوان العزه للإسلام المسلمين وكان وعد ربي حقا قد ذهب 100عام شداد على المسلمين منذ تفكك الدوله العثمانية سياده الكون تبدا عن قريب من الأرض المقدسة القدس الشريف . والله. انه عام النصر والعزه والسياده نحن عباد الله ننتظر أمره بالنصر . والله. 1444 هجري لايوجد كيان صهيوني انه عجب العجاب لايتصوره العقل البشري غير المؤمن

  • مهدي

    والآن هل كنت تؤمن بعودة طالبان إلى الحكم بعد 20 سنة من احتلال أفغانستان ؟ هل أميريكا ستبقى دولة قوية للأبد ؟؟؟ كلا، لأن أقدار الله نافذة، وسيغير موازين القوى بين ليلة وضحاها

  • الوحيد

    نعم أقتربت جدا جدا

  • عبدالرحمن

    الحين ٢٠٢١ والوضع مره حامي هل تشوف انه فيه امل ينشال التتطبيع والدول تقلب على اسرائيل حتى ولو لتخليد اسم الرؤساء فقط ؟

  • منال

    السلام عليكم ... تقول بأن الشيخ بسام لا يستند على معطيات جيوسياسية في مقولته بأن أمريكا الداعم الأكبر لإسرائيل تتراجع وأنت نفسك لم تقدم ما تسميه معطيات جيوسياسية. أنت ترفض الإعتراف بحقائق كالشمس نعم أمريكا قوية وذكية في حل مشاكلها لذلك هي تضع احتمال إنهيار دويلة الإحتلال بعين الإعتبار عند وضع خططها واستراتيجياتها وكما مثل لنا الأستاذ بسام ومن المعلوم بدهيا أن مراكز استخباراتية أمريكية وغيرها تنشط في نواحي مزعجة للكيان الصهيوني . نعم أنا معك في أن كتاب الله وكلامه لم يحدد زمنا لانتهاء إسرائيل ولم ترد هذه التسمية في القرآن على أساس أنها لدولة أو كيان سياسي إلا أن ذلك لايعطيك الحق في التقليل من شأن التوقعات بانحسار الظلم والإفساد والعلو الكبير لبني إسرائيل بحلول 2022 ولا التقليل من البحوث القيمة اللتي قدمها مركز نون وغيره في هذا الصدد .

  • صالح

    قال الله عز وجل "ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا...." وما أشبه اليوم بالبارحة فها نحن نظن بأنهم لن يخرجوا وهم فيما بينهم مشتتين كما قال الله عنهم " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" فهم وهذا حالهم يظنون بأن قوتهم لن تحميهم ويشكون في قوتهم لأنهم أشتات

  • علاء

    بالنسبة للاخ Mahmoud كيسنجر كان وزير الخارجية الأمريكي ولقبه (ثعلب الدبلوماسية العجوز)

  • مؤمل عرفان الأسدي

    ستنتهي من الداخل ، ستنتهي لأنها كانت كذبة ، لأن أَحداثاً كثيرة سواءاً في إسرائيل أو اثبتت ذلك ، لأن إسرائيل ليست شعباً فهم شعوب عديدة متفرقة ، يكرهون بعضهم البعض ، فهناك السفارديم و الأشكناز و الفلاشا ،فكرة إسرائيل الأساسية تم دحرها ، فقد أكدت البحوث أنه ليس هنالك شيء إسمه أرض إسرائيل الموعودة ، ما دحض النظرية الصهيونية كاملةً ، ستنتهي لأن حلفائها لم يعودوا يقووا على الإستمرار كقوى عظمى ، ما يحدث في أمريكا و أوروبا من خوف من صعود الكتلة الشرقية ، كذلك الإنقسام فيما بينهم ، فلم يعد ناتو اليوم كناتو الامس ،ثم ان المقاومة لم تنتهي رغم مرور 70 عاما ، كذلك معدل نمو العرب فيها أكبر من نسبة نموهم ..

  • وعد الاخرة

    اقسم بالله العلي العظيم أن نهايتها ستبدا سنة 2022 وهذا وعد ربي

  • Mahmoud

    اذا كان كلام علماء الدين خطاء راجع مقاله في عام 2012 ارعبت اسرائيل حيث اكد رئيس الخارجية الاسرائيلي الاسبق كسنجر قال بالحرف الواحد لن تكون هناك اسرائيل بعد عشره سنوات ويظا 16 جهة استخباراتية توكد على زوال اسرائيل . وايضا زياره نتنياهو وزوجتة ساره في مقر الحاخام الاسرائيلي والعالم الديني الكبير قال لهم ابلغ شعبك ليتهيئو ان نهايتنا قريبة في السنوات القادمة . وانا اقول ان هذه الارض بلد الانبياء لا تدوم الى قاتل الانبياء

  • طارث

    هاي امريكا تزداد ضعفا وهواناً
    الامبراطوريات التوسعيه والاستبداديه تنهار بسرعه
    والشعوب تبقى للابد
    شعب فلسطين احتله 22 كيان كلهم زالو وبقي هو

  • محمد

    ان اليهود عبارة عن نكرات حشرات لا قيمة لهم وهم جراثيم لابد لها من الزوال حتى يرتاح الجسد الإسلامي... تقولون كيف يحدث هذا !!
    يحدث برجوع إلى الله والتضرع له والالحاح في الدعاء بأن يزيل بني إسرائيل من مقدسات المسلمين والله سبحانه وتعالى بيده ملك السموات والأراضين
    يارب اخرج اليهود اذلاء صاغرين من المسجد الأقصى وارض فلسطين كلها ومن جميع بلاد المسلمين عاجلا غير آجل يارب العالمين ..... اللهم حرر لنا المسجد الأقصى وبلاد العرب والمسلمين من الاحتلال والاستعمار الغربي والشرقي يارب العالمين

  • محمد

    الله كريم نسأل الله أن يخرج بني إسرائيل من أرض ومسجد المسلمين المسجد الأقصى عاجلا غير آجل لانهم في الحقيقة ماهم إلا جرثومة اينما حلت خربت وافسدت وتبعتها اللعنة وغضب الله على اليهود قاتلهم الله انى يؤفكون.....

  • جلال

    “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”.(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) هم مصلحون في بلدانهم بالرغم من ظلمهم للآخرين أحيانا للحفاظ على مصالحهم ورفاهية شعوبهم ومستوى معيشتهم أما هذه الشعوب البدوية التي تسمى العربية الإسلامية فهى كالنوق يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول (أقصد الثروات التي حباها الله بها فلم تعرف كيف تستغلها)ومن الأحسن أن يأخذ تلك الثروات من يخدم الأرض لأنه يستحق الإستخلاف فيها أما أن تضاف غدا دولة تقوم كمثيلاتها على الفساد والإفساد والتقاتل على السلطة وتضييع الحقوق والواجبات فلا قامت لها قيامه