-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل عندنا مدن جزائرية؟

عمار يزلي
  • 733
  • 1
هل عندنا مدن جزائرية؟
ح.م

تعرف المدن الجزائرية تحولا ديناميكيا، شبه عشوائي، بفعل تراكم الزمن والتغير غير المدروس للمآلات والنتائج. مدن ورثناها من عهد الاستعمار، بنيت بعقلية الكولون وبثقافة المعمر، لا بثقافتنا الجزائرية المغاربية. وعليه، نجد تلك التحويرات داخل النسيج السكني والعمراني.. يضاف إلى ذلك قدم البنايات العمودية لا الأفقية، كما كان الشأن في البلدان العربية ذات الأراضي الشاسعة.

 بدأت العمارة الإسلامية تأخذ فكرة هندسة وتخطيط المدن، من النموذج المكي، خاصة المدن الجديدة، فيما وقع تحوير وظيفي للمدن الأخرى بعد الإسلام، عندما صار المسجد يبنى في وسط المدينة، أو قد يبنى في مكان غير بعيد عن تجمع السكان، ليصبح في ما بعد مركزا، بعد أن وضع في المحيط. والسبب في تغير بنائية المدينة هذه، هو تغير وظيفتها. فالمسجد، يؤدي دورا محوريا في المجتمعات الإسلامية، وحوله يتحلق السكان، باعتبار نقطة المركز في الدائرة، هي أقرب نقطة إلى الجميع. حدث هذا مع المسجد النبوي في المدينة، حين بني في أحد أطراف المدينة، ليصبح في ما بعد مركزا، عندما تغيرت وجهة الساكنة خمس مرات يوميا. فاختيار بناء السكن بالقرب من المسجد، لأنه المكان الذي نرتاده خمس مرات في اليوم وأكثر، ليصبح مركز اهتمام الساكنة ومركز جذبهم الروحي والسياسي والعلمي في ما بعد.

هكذا، عمرت مكة وكثير من المدن الإسلامية في ما بعد، ومنها “دار السلام” (بغداد)، التي خطت وشيدت على شكل دوائر، بعضها أكبر من بعض، يكون فيه المسجد ودار الحكم في المركز، والدوائر المحيطة بالمركز والدائرة المركزية الأولى والضيقة، هي عبارة عن اصطفاف للبيوت وللسكنات الوظيفية من فنادق وحمامات وأسواق. نفس الشيء، وعلى نفس المخطط، كان الأمير عبد القادر قد أقام عليه “زمالته”: مركز ودوائر متباعدة للخيم ابتداء من المركز في شكل حلقات، الصغرى داخل الكبرى.

ظاهرة المركز والمحيط، باعتبارها ظاهرة فرضتها وظيفية “الدائرة” نفسها، التي تجعل من المركز أقرب نقطة إلى الجميع في المحيط. كما أن فعل الدوران، حالة وحاجة إنسانية، تعكس في لا شعورنا الشعور بالطواف حول الذات باعتبار ذواتنا مركزا، ومنه جاءت فكرة “الأنانية” والمركزية الذاتية في الشعور النفسي بالإنية عند كل واحد منا. ولعل هذا ما دفع P. Bourdieu، إلى التعليق على ملاحظاته في طريقة جلوس الفلاحين الجزائريين في القرى وطريقة بنائهم لمساكنهم بطريقة غير مستقيمة، مائلة بهذه الطريقة التهكمية: “وكـأن الجزائريين يكرهون الخط المستقيم”.

تريف المدينة، وتمدّن الريف، نتج عن سوء تقدير مشكل إسكان وإعادة إسكان السكان المطرودين من ديارهم بفعل الحرب أو عودة اللاجئين إلى بلدهم، حيث لم يجدوا فيه سكنا. يضاف إلى كل ذلك تعقيدات الهجرات الريفية المتتالية، بفعل سوء التسيير السياسي والاقتصادي وعدم تشييد مدينة جديدة واحدة منذ الاستقلال. إننا نعيش فعلا على إرث بني للآخر وليس لنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • abdel

    On a des labyrinthes et des cités dortoirs sales construites à la n'importe comment sans planification ni normes internationales