-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد قرار أويحيى وضع حصيلته أمام النواب

هل قررت الحكومة التخلي عن عادتها القديمة؟

محمد مسلم / إلهام بوثلجي / نادية سليماني
  • 1707
  • 0
هل قررت الحكومة التخلي عن عادتها القديمة؟
ح.م

الحكومات المتعاقبة خلال عقدين من الزمن، لم تقدم سوى بيان السياسة العامة لأربع سنوات فقط، بالرغم من وجود نصوص دستورية صريحة تجبر الجهاز التنفيدي على تقديم حصيلة سنوية لنواب الشعب. فالوزير الأول الحالي، أحمد ويحيى، مثلا الذي قضى أزيد من عشر سنوات في قصر الدكتور سعدان، لم يقم سوى بيان السياسة العامة لثلاث سنوات فقط، أما الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، الذي قضى خمس سنوات كاملة (2012/ 2017) فلم ينزل ولو بحصيلة سنة واحدة إلى مبنى زيغود يوسف، والحال كذلك بالنسبة لكل من رئيس الحكومة السابق، عبد العزيز بلخادم (2006 / 2008)، والوزير الأول السابق عبد المجيد تبون (ماي 2017 / أوت 2017). ما الذي كان يخيف الحكومات المتعاقبة إلى درجة تهربها من احترام نص دستوري صريح؟ ألم يكن لهذه الحكومات سند نيابي كبير بالمنطق العددي؟ وهل التزام أويحيى الذي تأخر ببضعة أشهر هذه السنة، سيكون الأخير على صعيد احترام حق البرلمان في الرقابة على الجهاز التنفيذي؟ هذه الأسئلة وأخرى سيحاول “الملف السياسي” لهذا العدد الإجابة عليها.

من يتحمل المسؤولية؟
بيان السياسة العامة عرض في 4 سنوات فقط!

يشكل قرار الوزير الأول أحمد أويحيى، عرض بيان السياسة العامة لحكومته على البرلمان، استثناء هذه المرة، لأنه وخلال السنة والنصف التي قضاها على رأس الجهاز التنفيذي، احترم هذا الإجراء الذي شدد عليه الدستور المعدل في عام 2016.

وتنص المادة 98 من الدستور على: “يجب على الحكومة أن تقدم سنويا إلى المجلس الشّعبيّ الوطنيّ بيانا عن السّياسة العامّة. تعقُب بيان السّياسة العامّة مناقشة عمل الحكومة. يمكن أن تُختتَم هذه المناقشة بلائحة”.

وقبل أن يقرر أويحيى النزول إلى قبة البرلمان، كانت قضية عرض بيان السياسة العامة، قد أخذت قسطها من النقاش في الأوساط السياسية والإعلامية، لأن التسريبات كانت قد تحدثت عن برمجة الجلسة قبل نهاية العام المنصرم، وهو ما خلف انطباعا بوجود تباين في وجهات النظر داخل الجهاز التنفيذي، بين مؤيد ومعارض لعرض المشروع.

فقد اضطرت الوزارة ألأولى إلى إصدار بيان نفت من خلاله وجود توجيهات من رئاسة الجمهورية بعدم عرض بيان السياسة العامة، لكنها لم تؤكد ولم تقدم تاريخا محددا لعرض المشروع، وهو ما زاد من حدة الشكوك لدى المعارضة.

غير أن النقاش السياسي الذي رافق مطالب المعارضة المرفوعة إلى الحكومة، بالالتزام بالنص الدستوري الناظم لهذه المسألة، والذي جاء في ظرف سياسي حساس يطبعه اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، قد يكون وراء انصياع الوزارة الأولى لهذه المطالب.

ولم يكن عرض بيان السياسة العامة مجرد جلسة عادية، فقد تنجر عنها تداعيات، قد تصل إلى حد سحب الثقة: “يمكن أن يترتّب على هذه المناقشة إيداع مُلتمَس رقابة يقوم به المجلس الشّعبيّ الوطنيّ طبقا لأحكام المواد 153 و154 و155 أدناه. للوزير الأول أن يطلب من المجلس الشّعبيّ الوطنيّ تصويتا بالثّقة. وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثّقة يقدّم الوزير الأول استقالة الحكومة. في هذه الحالة، يمكن لرئيس الجمهوريّة أن يلجأ، قبل قبول الاستقالة، إلى أحكام المادّة 147 أدناه”، كما تقول المادة 98.

وإن كان احتمال سحب الثقة من الحكومة غير وارد في ظل المعطيات التي تطبع نسب التمثيل في  المجلس الشعبي الوطني (سيطرة عددية مطلقة لنواب أحزاب السلطة)، إلا أن عرض بيان السياسة العامة لم يكن سنويا، وفق ما يقتضيه الدستور.

فالوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، لم يعرض بيان السياسة العامة لحكومته ولو لمرة واحدة بالرغم من أنه قضى خمس سنوات في منصبه (2012/ 2017)، كما أن خليفته في قصر الدكتور سعدان، عبد المجيد تبون، لم يعرض بدوره بيان السياسة العامة للحكومة، بحجة أنها كانت امتدادا لحكومة سلفه.

كما أنه وخلال عقدين كاملين من الزمن، لم تقدم سوى أربع حكومات بيان سياستها العامة، من مجموع  الحكومات 17 التي تعاقبت، وهي حكومة علي بن فليس التي قدمته لمرة واحدة، وحكومة أحمد أويحيى التي قدمته ثلاث مرات فقط، من مجموع 11 سنة قضاها رئيسا للحكومة ثم وزيرا أول، وهو رقم ضئيل جدا، يظهر مدى عدم التقيد بنصوص الدستور، وبالمقابل حرمان نواب المعارضة من فرص محاسبة الحكومة والرقابة على أدائها.

المبررات التي كان يرفعها سلال في كل مرة سئل عن المسألة، هو ضيق الوقت، كما نقل عنه، لكن نص المادة الدستورية، فهو يتحدث عن “وجوب” تقديم بيان السياسة العامة، وهو ما يجعل تلك المبررات لا محل لها من الإعراب، غير أن أويحيى كان يتحاشى في كل مرة الخوض في هذا الجدل.

فهل سيؤسس قرار حكومة أويحيى بعرض بيان السياسة العامة لحكومته على هذه المرة، لمرحلة جديدة في التعاطي بين الجهازين والتنفيذي والتشريعي، قوامه احترام كل طرف لصلاحياته؟ أم أن هذا القرار أملته اعتبارات ظرفية، لها علاقة باقتراب موعد الاستحقاقات الرئاسية المقبلة؟

الوزير الأسبق ورئيس التحالف الجمهوري بلقاسم ساحلي:
الدخول الاجتماعي والتجديد النصفي أخرا عرض بيان السياسة العامة

أخيرا وبعد جدل كبير، قرر الوزير الأول، أحمد أويحيى، عرض بيان السياسة العامة لحكومته الأسبوع المقبل.. ما تعليقكم؟

بالنسبة لنا، نحن نثمن احترام الحكومة لاحاكم الدستور، خاصة المادة 98 منه، فالحكومة حريصة على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتعزيز دور البرلمان بغرفتيه في الرقابة على أداء الجهاز التنفيذي،  أما بالنسبة للمضمون فنحن مرتاحون بصفة عامة لمضمون بيان السياسة العامة، فعلى الصعيد السياسي، الحكومة عرفت في السنة  الماضية تنظيم الانتخابات المحلية والتشريعية وآخرها مجلس الأمة، فضلا عن التحضير لرئاسيات 2018، وهذا ما يكرس الإرادة الشعبية وتشجيع الممارسة الديمقراطية.

أما على الصعيد الأمني فنحن مرتاحون للاستقرار والهدوء الذي تعرفه البلاد رغم الوضع الجيو استراتيجي والإقليمي المضطرب، وهذا بفضل  تضحيات الجيش  الوطني الشعبي، وفي مجال الحكامة، فالدولة  واصلت الإصلاح في سبيل تعزيز دولة القانون وعصرنة الإدارة ومواصلة الإصلاحات المالية والاقتصادية.

أما على الجانب المالي، كانت هناك تعبئة لمداخيل التمويل الداخلية وضمان استقرار للميزانية، وفي الشق الاقتصادي، نلمس مواصلة برامج الاستثمارات العمومية من خلال دعم قطاع الفلاحة والتصدير خارج المحروقات، بالإضافة إلى الحفاظ على سياسة الدعم في الجانب الاجتماعي وترقية التنمية البشرية وتكريس العدالة الاجتماعية، وكذا الاهتمام بأبناء الجالية الجزائرية في الخارج، أما على الصعيد الدولي فتبرز جهود الدولة الدبلوماسية وتميزها في عديد القضايا الدولية.

كيف تنظرون أنتم إلى اختيار توقيت عرض بيان السياسة العامة، فهناك من يعتبره طبيعيا، وهناك من ينتقده.. أين تقفون أنتم؟

نحن نعتبره توقيتا طبيعيا جدا، خاصة أنه يأتي بعد مرور عام على  تعيين الحكومة، وقد تزامنت السنة الأولى مع الدخول الاجتماعي والتحضير لانتخابات مجلس الأمة، ولم يكن مناسبا عرض بيان السياسة العامة في  شهر أكتوبر أو نوفمبر، وعرضه الآن هو توقيت  مناسب جدا احتراما لحق المعارضة، ونحن لطالما دعونا الحكومة لتفعيل سياسة التواصل المؤسساتي مع المواطنين لشرح التحديات  المقبلة عليها البلاد، ونطالب في السياق بالإسراع بالإصلاحات الهيكلية في مجال الاقتصاد ومراجعة سياسة الدعم وتوفير الظروف التنظيمية المواتية للرئاسيات في كنف الهدوء والأمن.

الدستور واضح في المادة 98 من الدستور التي تتحدث عن عرض بيان السياسة العام كل سنة.. غير أننا نلاحظ بعض التذبذب في الالتزام بهذا النص الدستوري.. ما قولكم؟

لاحظنا هذا  الأمر في السابق، ولطالما كنا ندعو الحكومات المتعاقبة  لاحترام الدستور وتمكين البرلمان من لعب دوره في المراقبة على أداء الجهاز التنفيذي، لكن الآن مع تعديل دستور 2016، فالحكومة التزمت  بالمادة 98 منه، وسيتم عرض بيان السياسة العامة للحكومة، وسيكون للبرلمان دور في  الرقابة، كما نلمس وجود تعاون بين مختلف  السلطات.

من يتحمّل المسؤولية في هذا الاضطراب في الالتزام بعرض بيان السياسة العامة.. هل الحكومة أم المعارضة الممثلة في البرلمان؟

لا نرى أي تذبذب في هذا الأمر، فعرض بيان السياسة العامة لحكومة أويحيى خلال سنته الأولى تزامن والدخول الاجتماعي، وبعدها انتخابات مجلس الأمة، ما استدعى التريث لعرضه، والتوقيت الحالي ملائم جدا لذلك، ونحن ندعو لترسيخ هذه التقاليد في التعامل مع مختلف السلطات التنفيذية والبرلمانية والقضائية واحترام مبدأ الفصل بين السلطات.

دستور 2016 تحدث عن صلاحيات أوسع للمعارضة في الرقابة على أداء الحكومة.. هل ترون هذه الصلاحيات مجسدة على أرض الواقع؟

فعلا، نحن الآن في بداية تجسيد الأحكام الديمقراطية لدستور 2016، فهناك أحكام تم تجسيدها في مختلف القوانين العضوية التي صدرت  مؤخرا، خاصة في قطاع العدالة والذي تدعم بقانون الدفع بعدم دستورية القوانين، كما سينتج عنه تعديل أكثر من30 قانونا عاديا وعضويا في كل المجالات، وندعو في هذا السياق إلى تعميق الإصلاحات الناجمة عن دستور 2016.

نائب “العدالة والتنمية” لخضر بن خلاف لـ”الشروق”:
نواب الموالاة متواطئون في تعطيل عرض بيان السياسة العامة

بعد جدل كبير، قرر الوزير الأول، أحمد أويحيى، عرض بيان السياسة العامة لحكومته الأسبوع المقبل.. ما تعليقكم؟

الحكومات مطالبة بتقديم بيان السياسة العامة أخلاقيا ودستوريا، فدستور 2016 يُلزم الحكومة بتقديم بيان السياسة العامة بعد مرور سنة، وللأسف كل الحكومات 17 التي تعاقبت، هناك أربع حكومات فقط قدمت بيان السياسة العامة، وهي حكومة علي بن فليس التي قدمته لمرة واحدة وحكومة أحمد أويحيى قدمته ثلاث مرات. فمثلا حكومة عبد المالك سلال التي لم تقدم بيان السياسة العامة إطلاقا، وهذا يُعتبر دوسا على الدستور وقوانين الجمهورية.

كما أنه، حتى بيان السياسة العامة الذي سيقدمه أحمد أويحيى جاء متأخرا عن آجاله المحددة قانونا، إذ كان لابد أن يقدم خلال شهر سبتمبر من السنة  المنقضية.

وعليه اعتبر أن بيان السياسة العامة الأخير والذي تضمن ملاحق لا علاقة لها بالسياسة العامة التي تقدم حصيلة سنة من العمل فقط، خاصة وأنه تحدث عن إنجازات الرئيس بوتفليقة خلال العهدة الماضية وثمّنها، وهو ما يعتبر سلوكا أقرب إلى الحملة الانتخابية التي لم ندخل بعد فضاءها، وأعتقد أن غرضها هو إعطاء فرصة لنواب الغرفة السفلى للبرلمان لمدح هذه الإنجازات وتنشيط الحملة لصالح العهدة الخامسة، خاصة أن البيان تكلم عن الأمور الإيجابية فقط، وغضّ الطرف عن الأمور السلبية.

هناك من يتساءل عن توقيت عرض بيان السياسة العامة، وهناك من يعتبره طبيعيا.. كيف تنظرون أنتم إلى اختيار التوقيت؟

هو توقيت غير طبيعي، بدليل أن الحكومات السابقة الـ15 سنة لم تقدم بيان السياسة العامة، وكانت تدوس على الدستور، وعلى قوانين الجمهورية.

وهذا البيان جاء في هذا التوقيت، للحديث عن إنجازات الرئيس، وتنشيط حملة انتخابية مسبقة له. والأصل كما ذكرتُ سابقا، أن يناقش بيان السياسة العامة للحكومة ما قدمته الحكومة خلال سنة واحدة فقط، لكن أن يتحدث البيان عن إنجازات عهدة كاملة، ويأتي بملاحق، فذلك أمر غير طبيعي ومرفوض من الناحية السياسية.

المادة 98 من الدستور تتحدث عن عرض بيان السياسة العام كل سنة.. غير أننا نلاحظ بعض التذبذب في الالتزام بهذا النص الدستوري.. ما قولكم؟

في الحقيقة غالبية الحكومات المتعاقبة داست على الدستور وعلى قوانين الجمهورية. وكما أن الوزير الأول أحمد أويحيى الذي يقدم بيان السياسة العامة، هو ذاته لم يحترم الدستور، ولا يجيبنا على أسئلتنا الشفوية التي نقدمها في المجلس الشعبي الوطني، رغم أن القانون ينص على الإجابة في مدة شهر، وأويحيى لم ينزل ولو لمرة واحدة إلى البرلمان. وبالتالي فبيان سياسته العامة جاء لأهداف أبعد من التقيد بنصوص الدستور.

من يتحمّل مسؤولية هذا الاضطراب في الالتزام بعرض بيان السياسة العامة.. هل الحكومة أم المعارضة الممثلة في البرلمان أم الطرفان معا؟

المعارضة لا تتحمل مسؤولية عدم التزام الحكومة بعرض بيان السياسة العامة في كل سنة، لأنها ليست في السلطة وغير قادرة على صناعة القرار السياسي، وأعتقد أن من يتحمل المسؤولية هو الوزير الأول الذي لابد أن يلتزم بقوانين الجمهورية، وهي محددة بدقة في الدستور، كما يتحملها نواب أحزاب المولاة الذين يجب ألا يسكتوا عن هذه الممارسات غير القانونية. أما المعارضة فلا تتحمل المسؤولية، لأنها جُردت من حقوقها.

دستور 2016 تحدث عن صلاحيات أوسع للمعارضة في ممارسة الرقابة على أداء الحكومة.. هل ترون هذه الصلاحيات مجسدة على أرض الواقع؟

هذه الصلاحيات تم الدوس عليها في العهدة الثانية، فهذا الدستور أعطى صلاحيات للمعارضة، لتكون ممثلة في هياكل البرلمان، ولكنهم أبعدونا من هياكل المجلس وداسوا على الدستور. والمادة 114 حددت صلاحيات المعارضة، لتكون ممثلة في الهياكل وفي العمل الدبلوماسي وتشارك في مراقبة الحكومة، ولكن كثيرا من أسئلتنا لا تتم الإجابة عنها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!