-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل كورونا من جند الله؟

هل كورونا من جند الله؟
ح.م

ها هي البشرية برمّتها، بعالمها المتقدم والمتخلف على السواء، تقف مدهوشة ومذعورة أمام فيروس لا مرئي، باغتها فقلب حياة الشعوب رأسًا على عقب، إذ حوّل أمْنها خوفا وهلعًا، وتساوى حالها في ذلك مع المقهورين منذ سنين تحت نيران الحروب المدمرة، كيف لا وقد أعلن زعماء القوى الكبرى مواجهة بلادهم لحرب جديدة من جيل مختلف، لم يعرفوه من قبل إلا عبر الأفلام السينمائية الخياليّة.

إنّ ثقاتنا الدينية القرآنية الأصيلة كمؤمنين، وإن سلّمنا بالأبعاد الطبيّة والصحيّة لأزمة كورونا اليوم، فإنّ القضية لا تخلو عندنا من البُعد الغيبي مصداقا لقوله تعالى “وما يعلم جنود ربّك إلا هو”، فلعلّ تلك الكائنات المجهريّة الهوائية مثل البكتيريا والفيروسات من جنود الله، فتكون هذه المحنة الشديدة تنبيها ربّانيا لأهل الإيمان أولا، ثم للإنسانية

قاطبة، والتي فقدت جوهرها الآدمي الفطري في ظل الحداثة المادية التي وفرت لها كل أسباب الرفاهية المدنية من صناعات وتكنولوجيا ورقمنة وسواها، غير أنها انحرفت كثيرا عن علّة وجودها في الاستخلاف الأرضي، بل إنها أحيانا تحدّت إرادة خالقها بالتعدّي على قوانين كونيّة تنظم حياة الناس في طابعها الفطري البسيط.

إنّ هذا التذكير الإيماني من صميم الفكر الإسلامي السليم، بعيدا عن لغة التشفي أو إدعاء العقاب الإلهي ضد مجتمع ما، ونحن جميعنا كإنسانية نعيش اليوم نفس المصير في مواجهة بلاء كونيّ، بل إن محنة المسلمين أشدّ وأنكى، بسبب تواضع إمكانات التكفل الصحي في بلدانهم.

مع ذلك نقول إن الأخذ بأسباب الوقاية على أعلى مستوى، والاحتياط لكلّ السيناريوهات الصحيّة والاجتماعية يعدّ واجبًا شرعيّا في حق النفس، وفي حق المجتمع، ولسنا مخيَّرين كأفراد في هذا الأمر، مهما كانت قسوة الإجراءات الإدارية والعمومية، لأنّ حفظ النفس البشرية يأتي على رأس المقاصد الأساسية التي جاءت الشريعة السمحاء لصيانتها

قبل الدين والعقل والمال والنسل، إذ لا يقوم واجبٌ آخر بتعريضها للتهلكة.

هذا لا يعني أن نقضي حياتنا في هلع جنونيّ، فنزيد من معاناة الشعب ونرفع من معدّل الارتباك العام، بل ينبغي أن نعيشها في حذر وتسليم بالقضاء والقدر، فلن يصيبنا في النهاية إلا ما كتب الله لنا، ولن ينال من أوضاعنا إلا ما قدّره لنا، فلا نحزن ولا نجزع، بل نواجه هذه المحنة العابرة بثبات المؤمن مهما اشتدّت تداعياتُها، لأنها حتمًا ستنجلي قريبا وتصبح ذكرياتٍ مؤلمة من الماضي.

قد يسخر البعض من هكذا وعظ، بينما تتخبَّط البشرية في هرج ومرج كأنّ أشراط الساعة لاحت في الأفق، وذلك عندنا من دواعي استحضار الخطاب الإيماني لطمأنة المجتمع المسلم، وتقوية المناعة المعنوية والنفسية لعبور الأزمة بسلام.

بالمقابل، فإنّ المطلوب هو إحياء قيم التكافل والتضامن والتآزر بين أفراد المجتمع للإستقواء الجماعي ضدَّ نازلة كورونا، عوض الجشع وطغيان الأنا الفردي واستغلال حاجة الناس إلى وسائل الوقاية والمؤونة الغذائية، فليس ذلك من أخلاق الإسلام ولا مُثل الإنسانية في شيء، فضلا عن أنّ

الوضع ليس بتلك السوداويّة التي يثيرها التدافع المحموم على الفضاءات التجاريّة.

أما على الصعيد السياسي، فإن اللحظة التاريخية الحرجة هي للتلاحم الوطني في أقوى صوره وبكل أشكاله، لأنّ الخطر يُهدد سلامة الجزائريين دون استثناء، ولا ينفع معه التراجُم بين السلطة والمعارضة أو التراشق بين السلطات والحَراك، ولا تغني فيه المزايدة السياسية على مؤسسات الدولة، كما لا ينفعنا التباكي على الأطلال وسبّ العصابة في الوقت بدل الضائع، بل سيكون من “خوارم المروءة السياسية” المحاولات العبثية لتسجيل النقاط ضدّ الرئيس أو الحكومة والوزارات المعنية، وهم يحملون على عاتقهم في ظرف عصيب عبئا وطنيّا ثقيلا تنوء بحمله الدولُ العظمى.

إنّ الواجب المرحلي يقتضي وقوف الجزائريين صفا واحدا، مثلما عهدهم التاريخ في منعرجاته الحاسمة، لمجابهة المحنة بأخف الأضرار، إذ يتوجَّب عليهم الاصطفافُ السياسي الوطني بعيدا عن الألوان والمواقع والمواقف، ويستلزم منهم التكاتف المجتمعي ضدّ الأثرة والفردانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • عبد الله

    يجب أن نسمع بعضنا لبعض
    كلنا في سفينة واحدة الحاكم والمحكوم
    يجب اعلان التوبة لن تجدوا لقاح أو دواء لهدا البلاء ولن تخروجوا منه ولاتستطيعون مقاومته عليكم بالتوبة الصادقة والرجوع الدائم الى الله
    قال الله عزوجل وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
    اللهم اني بلغت اللهم فاشهدللهم

  • عبد الله

    لك الحمد بهدا البلاء الدي انزلت لكي تدكرني بعدابك وقوتك وانك رحيم ورحمتك جعلتك تدكرني بنفسك وقولك الحق حينما قلت
    يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (

  • عبد الله

    قد تبين لي الجديد في قضية كورونا
    كورونا ستخرج من الدول الغربية كأمريكا فرنسا ايطاليا الى اخره بحيت كان هجومها عليهم بقوة
    ولكن ستبقى مسلطة على العرب المسلمون تقتل فيهم تدريجيا ببطء
    وسيصبح الغرب ممنوع عليهم الدخول او السياحة في الدول الاسلامية
    والدول الاسلامية ممنوع عليها من طرف الغرب الدخول لبلدهم خوفا من كورونا
    هدا هو الدي تبين لي فان صدقت فهو من عند الله وان اخطأة فهو من نفسي
    واتمنى ان يكون ماقلت انشاء الله الهام منه سبحانه
    واطلب من الله المغفرة والتوبة

  • عبد الله

    باختصار من الكلام راه خاص رؤساء وملوك الامة الاسلامية يعلنوا التوبة والظعف الى اله عزوجل فأنا لي شرف عظيم ان اعلن ظعفي الى الله نتوما ماشفت بحالكم كاع حسبي الله ونعم الوكيل فيكم

  • عبد الله

    كورونا مخلوق هو ابتلاء من الله والله اعلم كيف عندما يموت الانسان ونفتح عليه نجد خلق فيه الدود
    قال الله عزوجل (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ). امريكا الصين الروس الى اخره نعم دول متقدمة هاد الدول وصلت بالعلم قال الله عزوجل ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) يمكن ان ناخد شيء لنصنع شيء فيقع غلط فيتولد بادن الله مخلوق كما

  • عبد الله

    لا نقول كورونا من جنود الله لايصح لنا محاربته بالتعقيم وقتله فنحن اصبحنا نحارب الله نعم ان الله له جنود لايعلموها الا هو بل نقول كورونا ابتلاء من الله الله امرنا ادا اختلفنا في شي نروده الى الله والرسول ولكن اصبحنا نتقاتل على فكرتنا وتصورنا ليكون هو الصحيح ولم نرجع الى مقال الله والرسول
    واتبعنا الشيطان واصبحنا من اوليائه قال الله
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء والمنكر
    يجب ان نعترف ونتوب الى الله وندعوا الى الصلاح

  • حماده

    مقال جيد رغم أني لا أوافقك على أن العلة من وجودنا هو الاستخلاف لأن الله عز وجل يقول: (( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون )) فالعلة من وجود البشرية هي عبادته عز وجل

  • محمد

    من صميم التوجيه الديني استغلال إجراءات الحجر المقررة من طرف الدولة لإعادة تنظيم سلوكاتنا الاجتماعية والإدارية.من ذلك مثلا أن يقوم كل مواطن بتنظيف محيطه الخاص كترتيب ممتلكاته الشخصية وأدواته المنزلية ومتابعة نشاط أعضاء عائلته وتنظيمها وفق التعليمات الخلقية.لو أن كل مواطن أزال من أمام مسكنه كل الشوائب المضرة والموبئة وأقام بجانبه ما يدعم الحياة الأمينة لأضاف إلى بيئته الخاصة ما يبعث على الاطمئنان لأسرته وجيرانه.إن هجرة السكنات العائلية للتجمهر في المقاهي والملاهي الكاذبة ضيعت الروابط الحميمية بين أعضاء الأسرة.ألا يجدر بنا أن نستغل ضرورة البقاء في بيوتنا لمراجعة طبائعنا ونصحح علاقاتنا وأفعالنا؟

  • ابن الإسلام

    أتعبتم عقولنا بالخرفات!!!! المخابر العالمية تبحث علميا عن العلاج و انتم تتسألون عن ميتافيزيقيا الفيروس!!!! متأخرة عقولكم و بدائية أقلامكم، حسبية الله و نعم الوكيل.
    بريء منكم القرآن و من عقولكم السطحية.

  • ammar

    إسرائيل وما تفعله فيكم ؟عرب السعودية وما يفعلوه بالعرب؟ ومافعله عرب قطر وحفدتهم عباسي مدني وزيطوط وحفيظ دراجي بليبيا و الحزب العربوصهيوني ـ الفيس ـ بالأمازيغ ووو
    رواندا الأفارقة الهنود الحمر الفيتناميون وووو.....وكل ما عاناه هؤلاءمن هم الجنود؟
    أسلوبك ـ كم ـ نعرفه تماماولو أنك أظفت بعض التبلعيطات للتمويه

  • SoloDZ

    وكأنك تتسائل هل "النابالم" على سبيل المثال من جند الله ؟ فيروس كورونا من صنع البشر ولا "ينتظر" الله عز وجل صناعة البشر الذي هم مخلوقاته لتكُوِن جند له جل في علاه ! كورونا سلاح بشري جديد لكنه محرم استخدامه شرعا وقانونا واخلاقا ومن يستعمله فهو عدو للإنسانية ومجرم قانونيا ولا ايمان له مثل الذي يستعمل القنابل العنقودية والفسفورية والنابالم وغيرها من الاسلحة الحرمة اما بخصوص الآية الكريمة التي اسست عليها فهي تجيبك على تساؤلك حين يقول سبحانه وتعالى "وما يعلم جنود ربك إلا هو" مثل علم الساعة لا يعلمها إلا هو تبارك وتعالى وبدلا من الخوض في ما لا يمكن ان نعلمه الافضل ان نجتهد في ما يمكن ان نعلمه

  • الياس

    الأوبئة الفتاكة هي جزء من التاريخ البشري وليس لها علاقة بالحداثة المادية وأُصِيبت أمم مؤمنة قبل الإسلام وبعد الإسلام. “وما يعلم جنود ربّك إلا هو”،......إلا هو نقطة إلى السطر.

  • جزائري

    تابع . اتمنى ان يتناول هذا الموضوع احد كتابنا المرموقين بعد الاطلاع على بدقة على الايات اللتي لها علاقة بالموضوع . لان القران هو الحق من عند الله اللذي يعلم ما لا نعلم وهو المرشد الى ما يجب القيام به .ان ما يحدث من وجهة نظر ايمانية لا يخرج عن نطاق ما حدث لامم طاغية من قبلنا اعتقدت انها مسيطرة تماما على الوضع . اعتقد انها المقاربة الصحيحة اللتي تنذر الانسان الطاغية وتدعوه للتوبة لانه لن يشاء احد الا ان يشاء الله رب العالمين .

  • جزائري

    موضوع المقال مهم للغاية لان اغلب المحللين ينطلقون من مبدا مادي لا علاقة له بالدين. لا اريد الدخول في تفاصيل الموضوع لان المقام لا يكفي لهكذا طرح . لكن انصح القراء الكرام بالتوجه لقراءة القران والتركيز على الايات اللتي لها علاقة بالموضوع وستكتشفون الكثير . على سبيل المثال الايات اللتي تتحدث عن هلاك الناس بسبب المعاصي والقرية اللتي كانت امنة ثم تغير الامر. وكذلك الاقوام السالفة اللتي اعتقدت ان الامر اصبح بيدها فطغت فانزل الله عذابه عليها. وعن قارون اللذي طغى بالمال وقال اوتيته على علم مني. كذلك الايات اللتي تتحدث عن ان الله ينجي المتقين . التقوى ارفع من الايمان. اتمنى من احد كتابنا تناول الموضوع

  • عبد الله المهاجر

    بسم الله
    الفايروس جندي من جنود الله تعالى سلطه الله عز وجل على الكفار
    فكرة الهجوم البيولوجي و الجرثومي عل الغرب كانت تدور منذ بضعة سنيين قليلة
    كانت دعوة لتطوير فايروسات فتاكة مدمرة مثل انفلونزا الخنازير و الجمرة الخبيثة ومهاجمة أمريكا و أوروبا
    أمنيات و تحققت اليوم رغم أن فايروس " كرونا " عقاب على الكفار ... ولا دخل لما مايسمى " مؤامرة "
    تنظيم القاعدة أول من هجم على أمريكا بالجمرة الخبيثة للمعلومة
    هذا أحسن مقال قرأته على الفايروس في هذا الموقع بعيدا عن الأدمغة المحنطة التي تصنف كل حدث
    بما يسمونه " مؤامرة غربية "
    أو كأن المسلمات عقرت عن انجاب أمثال سعد وعمر رضي الله عنهما !

  • المواطن المواطن

    بارك الله فيك كلام موزون جدا. اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. آمين.