-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين

جمال غول
  • 804
  • 2
واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين
أرشيف

بانقضاء شهر رمضان المبارك، يكون قد أُسدل السِتار على موسم من أعظم مواسم الخير والبركة، ومما لا شك فيه أنه ستتبعه مواسم أخرى ويرجع الموسم نفسه في قادم السنوات ما استمرت الحياة، وأما ما لا يخلو من شك فهو إمكانية بقائنا إلى تلك المواسم، فذلك غيب لا يملك الاطلاع عليه إلا العليم الخبير سبحانه: ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)) (لقمان، 34).

سنّة الله جارية في خلقه أن يتعرض لنفحات الله تعالى في هذه المواسم خلق كثير، يجعلون منها فرصة للتقرب إلى القريب سبحانه بمختلف الطاعات والقربات، ويهجرون المعاصي والموبقات، عسى أن تصيبهم منها نفحة فلا يشقون أبد الدهور والسنوات، كما بشر بذلك البشير النذيرعليه أفضل السلام وأزكى الصلوات.

ومما يَحزّ في النفس ويبعث الآلام في القلب أن تجد صنفا من الناس -قل أو كثر- ممن اجتهد في هذه المواسم، سرعان ما ينقلب على عقبيه بمجرد انقضاء تلك المواسم، كأنه كان يعبد الله على حرف، ودخل في عطلة تعبدية تسمح له بالانقطاع عن أداء الواجبات في وقتها أو الحفاظ عليها بأقل مقدار كالصلوات والتلاوات والصدقات -فريضة كانت أو نوافل- كيف يغيب عن هؤلاء أن من علامات قبول طاعاتهم في مواسم الخير والبركة أن يُوفّقوا لعمل صالح بعدها لا أن ينقطعوا عنه؟ أم غرّهم الشيطان ببعض أعمالهم؟

كيف لمن دأب على أداء الصلوات في أوقاتها في رمضان، أن يتنازل عن ذلك الفضل في شوّال وتنحط همته فيؤديهابعدخروج وقتها؟وهذا الذي ختم القرآن في الشهر المبارك ختمة بل ختمات،ماباله بعد ذلك يهجر كلام رب العالمين وما فيه من الخير العظيم؟ أما يخشى أن يكون ممن عناهم النبي صلى الله عليه و سلم بشكواه؟ ((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا))، نعوذ بالله من الهجران بعد الوصال..وكيف بمن كان لسانه رطبا بذكر الله تسبيحا وتكبيرا واستغفارا وصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتثاقل لسانه عن ذلك و- يتكاسل؟وكيف بمن جاد بماله على الفقراء والمساكين وأنفق آناء الليل والنهار في رمضان أن يقبض يده ويغلها إلى عنقه ويبخل عن نفسه؟

ومما يبعث على الأسى وكثير الشجى أن تجد  صنفا آخر ممن طلّق بعض ما أُشرب عليه قلبه من المعاصي وسيئ العادات طلاقا بائنا، يرجع في طلاقه ويُعاقر معاصيه من جديد وربما معاقرة أشدَّ مما مضى،عياذا بالله؛ أما علم هؤلاء أن من علامات التوبة الصادقة الإقلاع عن السيئات؟فكيف بمن كان تاركا للصلاة ووُفّق في رمضان لعناقها والتلذذ بها ليله و نهاره،أن يقبل بالرجوع إلى الجاهلية التي تقطع صلته بربه وخالقه سبحانه؟وكيف بمن منَّ الله عليه وعافاه من آفة التدخين والتبغ عموما، فانقطع عنها طيلة شهر كامل أن يرجع ليكون فريسة الإدمان من جديد؟وكيف بمن تصالح مع نفسه وأعاد علاقات الرحم والقرابة إلى مجراها الصحيح في شهر رمضان، أن يُعكّر صفوها ويُكدّرها مرة أخرى وهو لا يدري لعل الموت يكون أقرب إليه أو إليهم من شراك النعل؟

إننا بحاجة إلى أن نفهم قول الله تعالى ((واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) الفهم الصحيح لا الفهم السقيم الذي يسوّل للعبد أنّ في وسعه الاستغناء عن عبادة الله إذا وصل إلى مستوى معين من العبادة! في حين أن الفهم الصحيح كما فهمه سلفنا الصالح وكل صاحب فهم صائب، أن العبد مطالب بعبادة ربه حتى يأتيه الموت الذي تسقط معه عن العبد التكليف ويلقى ربه تعالى غير مُبدِّل ولا مُغيِّر.

إنّه لا سبيل لنا جميعا إلا أن نعمل لنكون ربّانيّين لا رمضانيّين، وذلك بأن نجتهد في العمل والتعبد لله رب العالمين في كل الشهور، مستعينين به تعالى لتثبيتنا على طريق طاعته ودرب نبيّه عليه الصلاة والسلام، ولنتدبّر وصيّته الحانية لكل واحد منا من خلال معاذ بن جبل رضي الله عنه: “لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك و حسن عبادتك” (رواه أحمد و أبو داو).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Sofiane

    Baraka Allah fika

  • محمد☪Mohamed

    واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين
    الخطاب الذيني في جزائر ضعيف وضعيف جذا حثى ما يسمى برجال الدين عندنا ، تقول وصل للقنوات بي Piston تركو تصفية القلوب والبحث على القلب السليم للمواطن من حسد والبغض وقعد يتابع في شكيل.
    الشكيل في خطابهم مثلا لازم لما تصلي ظهرك يكون كذا رجلك كذا و دور صبع في تشهد كذا .
    ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) ..