-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وانقضت العشر الأولى من رمضان!

سلطان بركاني
  • 1184
  • 0
وانقضت العشر الأولى من رمضان!
ح.م

قبل أيام قليلة كان الحديث عن استقبال رمضان وحسن استغلال أيامه ولياليه، وها نحن اليوم نعيش ساعات اليوم الحادي عشر من أيامه الغالية، بعد أن ودّعنا عند أذان المغرب من يوم أمس الأربعاء العشر الأولى منه؛ عشر مضت سريعا لكأنّما هي أضغاث أحلام، أو كطيف زار في المنام، وصدق الله -جلّ وعلا- حينما قال عن أيام رمضان أنّها أيام معدودات ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)).

أيام معدودات لا نشعر كيف تنسحب من بين أيدينا، لكأنّما هي ساعات معدودات، لا نشعر باليوم منها كيف يبدأ ولا كيف ينتهي.. وهكذا تظلّ أيام رمضان في قدومها وسرعة تتابعها وانقضائها واعظا صامتا يقرع القلوب والأرواح بأنّ هذه الحياة الدّنيا ظلّ زائل، وأنّ أيامها معدودة.. يحسّ العبد المؤمن وهو يودّع هذه الدّنيا بأنّها كانت أياما قليلة، بل ويظنّ يوم القيامة أنّها كانت يوما أو بعض يوم ((قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُون)).

كما انقضت العشر الأولى من رمضان، ستنقضي العشر الثانية، والعشر الأخيرة، وسيرحل رمضان عمّا قريب، والسّعيد من اتّعظ بسرعة انقضاء أيامه الغالية، واجتهد في حسن استغلالها، وتزوّد فيها من الصّالحات، لعلّه يحظى بعفو مولاه وبعتق رقبته من النّار.

لا يزال في عمر رمضان بقية باقية، ولا تزال بين أيدينا أيام غالية، هي أيام العشر الثانية، أيام ينبغي لكلّ عبد مؤمن أن يزيد فيها من اجتهاده لعلّه يوفّق للعشر الأواخر فيدركها بقلب ليّن خاشع، ويفتح الله له فيها أبواب دعائه ورجائه، ويغدق عليه من فضله وعطائه، ويبلّغه ما يتمنّاه من خيري الدّنيا والآخرة.. من أحسّ بالتّقصير فيما مضى من أيام رمضان، فليستغفر مولاه من تقصيره، وليتذكّر أنّه لا تزال بين يديه 20 يوما من رمضان، وفي إمكانه أن يعوّض فيها ما فاته بإذن الله، إن هو عقد العزم على أن يصحّح أخطاءه، ويترك الكسل ويقطع التّسويف، ويأخذ نفسه بالحزم.

إنّه ليس يليق أبدا بعبد مسلم لا يدري كم رمضان بقي له في عمره، أن يزداد كسلا وفتورا مع توالي أيام رمضان، حتى إذا كانت العشر الأواخر منه وحان موسم الحصاد، نكص على عقبيه وترك التراويح والقيام وعاد إلى هجر المسجد وقراءة القرآن.. العبد المؤمن الذي يرجو الله والدّار الآخرة لا يزداد مع توالي أيام رمضان إلا اجتهادا في الطاعات والقربات، حتى إذا كانت العشر الأواخر بلغ أقصى ما يمكنه في الاجتهاد، لعلّه يوفّق لليلة القدر، ويوفّق ليكون من الفائزين بشهر رمضان عظيم القدر، فيكون شاهدا له يوم الحشر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!