-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كيف تستغل وكالة الاستخبارات الجامعات

وكالات المخابرات تصطاد الأكاديميين بفخ المصلحة الوطنية والأمن القومي

الشروق
  • 2518
  • 1
وكالات المخابرات تصطاد الأكاديميين بفخ المصلحة الوطنية والأمن القومي
ح.م

تثير قضية ماثيوهيدجز، باحث الدكتوراه البريطاني الذي اتهمته الإمارات العربية المتحدة بأنه جاسوس وحكمت عليه بالسجن المؤبد، ثم صدر بحقه عفو في السادس والعشرين من نوفمبر الماضي الكثير من القضايا المثيرة، لكن ذلك إذا تجنّبت التعريفات العادية والمبالغ فيها أحيانا، ماهية التجسّس ومن يقوم به وكيفية عمله.

وعلى الرغم من الصور الساحرة ذات الشعبية لتمرير المعلومات بين عميلين باستخدام موقع سري ومطاردات السيارات والمقاعد القذفية وإخراج الجزء الأنبوبي من الأسلحة النارية، والمحاولات ذات المخاطر العالية لسرقة أسرار دولة، فإن حياة الجواسيس نادرا ما تكون مشرقة، كما أنها ليست مثيرة كحياة جيمس بوند (العميل 007).

وفي الحقيقة، في بعض الأحيان يكون من المستحيل حتى تعريف من هو الجاسوس. هل هو شخص ما يعمل بصورة رسمية لصالح جهاز مخابرات دولة ما؟ إذن، ماذا عن الأكاديميين الذين يعرفون أن أبحاثهم وتحليلاتهم وأي أوراق بحثية يقدمونها في مؤتمر ستساعد بصورة غير مباشرة وكالة المخابرات في بلادهم؟

مدارس التجسس

في كتابه الصادر عام 2017 والذي يحمل عنوان “مدارس التجسس: كيف تستغل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ومكتب التحقيقات الاتحادي، والمخابرات الخارجية جامعات أميركا بطريقة سرية”، ينقل دانيال غولدن مقتطفات عن تجربة ساميت غانغولي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة إنديانا، في التعاون مع وكالات الحكومة الأميركية.

ويصف غانغولي رغبته في حضور مؤتمرات تنظمها سنترا، وهو مصطلح تجسّسي يُطلق على وسيط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. ويقول غانغولي إن “أي شخص يعمل مع سنترا يعرف أنها تعمل فعليا لصالح الحكومة الأميركية”.

وتابع يقول “إذا قيل وكالة الاستخبارات المركزية، فإن هناك آخرين قد يقلقون من هذا. وأنا صريح في هذا مع زملائي. وإذا أثار هذا استياءهم، فإن هذا من سوء حظهم. أنا مواطن أميركي. وأشعر أنني يجب أن أقدم أفضل نصيحة ممكنة لحكومتي”.

ولا يجعل هذا من غانغولي جاسوسا. وبعيدا عن ذلك، فإنه يعتبر في الواقع أنه لا يرغب في التحفظ على آرائه. لكن تصريحاته هذه تشير إلى شيء ما كان هناك تهامس بشأنه لأعوام. ويصف غولدن هذا بأنه “التحالف الدقيق بين الجواسيس والعلماء” وخاصة في الولايات المتحدة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وفي المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى أيضا، فإن المخاوف من الإرهابيين الجهاديين والتهديد الصيني الذي يُعلن عنه في الكثير من الأحيان للملكية الفكرية للأبحاث الحساسة، جعلت من بعض الأكاديميين أكثر قابلية لمشاركة أنباء وآراء مع وكالات الأمن.

وهناك منطق أساسي في هذا ويكمن في إدراك الصالح الاجتماعي وخاصة في عصر يفتقر إلى الثوابت الأخلاقية المفترضة للحرب الباردة.

ويمكن أن يكون من الصعب على أي أكاديمي رفض أي دعوة لتقديم مساعدة للمصلحة الوطنية عندما يكون كل ما يتطلبه الأمر هو فعل بسيط يتمثل في الإدلاء برأي مستنير عن منطقة ما، أو ثقافة ما، أو اتجاه قاموا بدراسته لسنوات بأي حال.

وهذا هو سياق التطورات التي شهدها العقدان الماضيان عندما بدأ إدراك أن التطرف الجهادي يُمثل تهديدا على الجامعات البريطانية.

وقبل بضع سنوات، قررت بريطانيا إنشاء مقابل للمجلس الاستشاري للتعليم العالي التابع للأمن القومي الأميركي والذي يُعزز الحوار بين وكالات الاستخبارات والجامعات. وكانت الهيئة البريطانية تهدف إلى دمج ممثلين عن المنظمة الشاملة للجامعات البريطانية، وأعضاء كبار من الأجهزة الأمنية.

واحتج بعض الأكاديميين البريطانيين على هذا، لكنّ أصواتا قوية داخل المجتمع البحثي أعربت عن رأيها لصالح تقديم المساعدة لأجهزة الاستخبارات دون التفريط في الاستقلال أو الدقة الأكاديمية.

وفي وقت سابق من العام الحالي، قال أنطوني غليز، مدير مركز الدراسات الأمنية والاستخباراتية في جامعة باكنغهام، إنه كان من الصواب والملائم للأكاديمي “أن يقدم مساعدة لبلده” عن طريق الاستجابة لطلب الأجهزة الأمنية للتواصل مع طلاب يتمتعون بأنواع محددة من الخبرة.

وكان يقصد الطلاب الدوليين الذين قال عنهم غليز إنهم “يأتون من دول بها أنظمة بغيضة والذين يرغبون حقا بالقدوم والعيش في المملكة المتحدة بانتظام، أو الذين يرغبون في الإطاحة بنظام بغيض…”.

جورج سمايلي

على الرغم من الصور الساحرة لتمرير المعلومات بين عميلين باستخدام موقع سري ومطاردات السيارات والمحاولات ذات المخاطر العالية لسرقة أسرار دولة، فإن حياة الجواسيس نادرا ما تكون مشرقة، كما أنها ليست مثيرة كحياة جيمس بوند.

في جميع الأحوال، فإن وكالات المخابرات في المملكة المتحدة جنّدت لفترة طويلة من طلاب أوكسبريدج (جامعة أوكسفورد وجامعة كامبريدج).

وتلوح أوكسبريدج بصورة كبيرة في قصص التجسس الخيالية أيضا. فشخصية جورج سمايلي، رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية الداخلية (أم.آي5) المحب للكتب والتي كتبها الكاتب فجون لوكاري، قطعا رجل محطم يهتم بالأدب الألماني الباروكي وحاصل على درجة جامعية من جامعة أوكسفورد.

وطبقا لإحدى القصص، فإن شخصية سمايلي مبنية على رئيس جامعة أوكسفورد غريب الأطوار فيفيان غرين، والذي كتب واحدا من أفضل الكتب مبيعا عن التاريخ الأوروبي.

ومنذ عقد مضى تقريبا، بدأ جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني، وهو وكالة مكافحة الاستخبارات المحلية، في الدعوة لإرسال طلبات من كامبريدج بصراحة أكبر من ذي قبل لكن هذا كان بصورة رئيسية على أمل توسيع التجمع ليشتمل على أشخاص من ذوي خلفية شرق أوسطية وصينية. وعلى الرغم من ذلك، فإن جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجي (أم.آي6)، الأكثر سرية والذي من الملائم أكثر أن يُطلق عليه اسم جهاز المخابرات السرية، استمر في كونه أكثر غموضا في ما يتعلق بتحديد وتوظيف الموهبة.

لكن من المعقول افتراض أن جهاز المخابرات الخارجية البريطاني يُعد منافسا للوكالات الأجنبية بنفس قوتها إن لم يكن أقوى.

وسيكون من السذاجة بشكل مفرط تصديق أن الصينيين والروس وبعض الأطراف الفاعلة السيئة الأخرى هم فقط من يرسلون جواسيس متنكرين كأكاديميين متدرّبين إلى الولايات المتحدة وإلى الدول الغربية الأخرى.

وبالعودة إلى العام 2011، فإن وزارة الدفاع الأميركية كانت قد أصدرت تقريرا أشار إلى محاولات دول من جنوب شرق آسيا ومن بينها الصين الحصول على معلومات سرية أو معلومات ملكية عن طريق “التماس أكاديمي” مثل طلبات مراجعة أوراق بحثية أكاديمية أو الدراسة مع أساتذة.

وقيل إن مثل هذه الطلبات قفزت إلى ثمانية أضعافها في 2010 عن العام السابق. وأضاف التقرير أن هناك طلبات من الشرق الأوسط تضاعفت في نفس الفترة. وتلعب وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم نفس اللعبة، وتلعبها بعض الدول بطريقة أكثر براعة من الدول الأخرى في أزمنة محددة.

حتى القطط لم تسلم من تجارب وكالات الاستخبارات

لم يقتصر الأمر عند المخابرات الأميركية على تجنيد العلماء والجواسيس والعملاء، بل وصل الأمر إلى حد تجنيد الحيوانات، من ذلك تجربة “أكوستك كيتي”، على القطط.

فلم تترك وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.إي) فكرة إلا وجربتها من أجل التجسس والحصول على المعلومات، ولم يقتصر الأمر على تجنيد العلماء والجواسيس والعملاء، بل وصل الأمر إلى حد تجنيد الحيوانات، من ذلك تجربة “أكوستك كيتي”، على القطط.

وأرادت وكالة الاستخبارات أن ترى ما إذا كان من الممكن استخدام القطط للتنصّت على الاجتماعات الخاصة كجزء من تجربة قصيرة الأجل  تدعى “أكوستك كيتي”.

وجاءت الفكرة، التي تم طرحها في الستينات، بعد محاولة للتنصت على رئيس دولة أثناء اجتماع له وحوله الكثير من القطط الضالة.

شعر عملاء الاستخبارات أن القطط هي الكائنات الأمثل، التي يمكنها التحرك بكل حرية والجلوس على النوافذ والمكاتب، دون أن يشعر أحد بالشك تجاهها ولو للحظة واحدة.

وتم تنفيذ الفكرة وخضعت مجموعة من القطط لعمليات جراحية، وقام الأطباء البيطريون بعمليات دقيقة، لزرع أجهزة تنصت بها بلغت قيمتها ملايين الدولارات، حيث وضعت الأسلاك بذيولها كقرون للاستشعار، فيما زرعت الميكروفونات في أذانها، والبطاريات في منطقة الصدر.

مع ذلك، ليس بالضرورة أن تتحقق الأفكار على أرض الواقع، وسرعان ما تبيّن أن التجربة لم تكن موفقة. فالقطط لم تكتف فقط بالخروج من المكان عندما تشعر بالجوع، ولكن اتضح أيضا أن القطط لم تكن أفضل المتنصتين.

ولم تكن التجربة الغريبة الوحيدة التي تعاملت معها وكالة الاستخبارات التي أجرت بعض التجارب الخارقة الأخرى في السبعينات، منها اختبار قدرات الساحر أويري جيلر، كجزء من “برنامج ستارغيت” الذي قام باختبار القوى الروحية وكيف يمكن استخدامها كسلاح لصالح وكالة الاستخبارات الأميركية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • الصيدلي الحكيم

    و في الجزائر ما زال من يرقص على أغنية اللأمن و السلم و الحمد لله رانا لاباس ههه