-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ويلٌ للمطففين

عمار يزلي
  • 1303
  • 0
ويلٌ للمطففين

عودة للتزوير.. فلقد صار التزوير اليوم شبه موضة ومهنة يكاد أن يطالب بالاعتراف به قانونيا، لقد صار التزوير ممارسة شبه عادية في كل شيء: في المحررات والوثائق والسجلات، وفي الفواتير والتصريحات بالمداخل وبأرقام الأعمال، وفي تهريب العملة الصعبة، وفي البناء وفي تشييد وحفر الطرقات والطرقات السيارة.. وامتد هذا الأخطبوط إلى غاية تزوير العملة وبأعداد نخشى أن تكون كثيرة قد تزيد في نسبة التضخم المتضخمة أصلا.
أتذكر أنه بعد الاستقلال مباشرة، كنا مازلنا نتعامل بالأوراق النقدية من مخلفات الاستعمار التي كانت تحمل اسم “La banque d’Algérie” من فئة 100NF.. أي 100 فرنك جديد وغيرها من العملات الورقية.. الورقة النقدية في العهد الفرنسي الأول، كانوا يكتبون عليها في الأعلى: “بسم الله الرحمن الرحيم، ويلٌ للمطففين” ثم في الأسفل، كانت تكتب في عهد متأخر نسبيا بعد تغيير القوانين، وباللغة العربية وبخط يد فني جميل: “على المزوِّرين العقاب بالأشغال الشاقة طول العمر”.
بعد الاستقلال (65 ـ67)، شرعنا في تغيير عملتنا الوطنية وأتذكر ورقة 50 دينارا و100 دينار، وكانت كسابقاتها مثل السجادة، لكنها جميلة فنيا. لكن كتب تحتها بالفرنسية والعربية: “القانون يعاقب المزوِّرين”. وقد وقَّعها مدير البنك المركزي وقتئذ السيد بلغولة. اليوم: الأوراق النقدية مكتوب عليها: “المادة 157 من قانون العقوبات تعاقب المزورين”. مع هذا، لم يرتدع المزورون، ربما لأنهم يقرؤون القانون ويعرفونه أكثر مما يعرفه رجال القانون ويستسهلون الأمر؛ فبعد الاستقلال، لم نكن نشير حتى إلى المادة التي يعاقَب بموجبها المزوِّر، لأننا ربما لم نكن بعد قد جهزنا أنفسنا لمنظومة قانونية في هذا المجال واكتفينا بإرث المنظومة السابقة لكن لم نفعّلها، لأنه كان علينا أن نفعّل القانون الاستعماري: الأشغال الشاقة المؤبدة وليس الحبس والسجن ثم يُطلق السراح والله يسهَّل..!
نمتُ على هذا التساؤل لأجد نفسي أنا هو مدير البنك صانطرال الجديد وقد بدأت من أشهر طبع الملايير من الأوراق.
قمت أولا بإحصاء عدد الأوراق المزوَّرة المضبوطة، فوجدت أنها تفوق ما طبعناه إلى حد الآن! لم أفهم: لهذا السبب التضخم وصل إلى هذا المستوى؟ قيل لي بعدها: هذو غير اللي مسكوهم، أما الأوراق التي تدور في السوق السوداء ولم تُبيَّض ولم تدخل سوق التداول البنكي، فلا أحد يعرف، الشكارة راها دايرة ظل، ولا نعرف بعد كمية النقود المطبوعة بطريقة غير شرعية. قلت لهم: شوفونا هذا الناس، بالاك يقدروا يعاونونا، رانا عيينا نطبعوا وما قدرناش، الخدامين والآلات راها غير تجبد والله غالب يا الطالب.. يخصنا بزاااف! ثم إننا ننوي أن سحب من التداول بعض الأوراق التالفة والقديمة التي أكل عليها الحوت وشرب، ويخصنا مختصون محترفون في هذا المجال لكي لا نستورد آلات وتقنيات وتقنيين أجانب: زيتنا في بيتنا. قالوا لي: إنهم يرفضون العمل مع القطاع العام على أساس قاعدة الشراكة المعروفة، بل إنهم يطلبون أن يتخصصوا في طبع العملات الأجنبية، ما دمنا نحتاج إلى العملة الصعبة وليس إلى العملة الوطنية ثم نبيع العملة الأجنبية في السكوار بـ200 مرة وزيادة.. ونقضيو على الأزمة ونحرر الدينار بناء على توصيات الأفامي!
فكرت في المسألة جديا، وأنا أدرس هذا العرض بالطول: ولمَ لا نطبع العملة الصعبة؟ علاه صعبة على خاطر الدينار ساهل؟ ما صعيبة ما والو..
وأفيق وأنا في عرس على ضوء فلاش هاتف وبنتي تصورني وأنا في وضعية النائم: آآآه… شكون راه.. يزوّر؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!