-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يا سعدك يا لعمى!

جمال لعلامي
  • 992
  • 1
يا سعدك يا لعمى!
أرشيف

راعني نقاش مهم وثري، عبر أمواج الإذاعة، بشأن إحدى قضايا المنظومة التربوية، لكن الذي لفت انتباهي، هو “دفاع” ممثلة الوزارة عن “كلّ شيء” بمنطق التنظير والفلسفة، بينما كان متصلون من أولياء وحتى أساتذة، يقفون على مكامن الخلل ونقاط الضعف، ويضعون أيديهم على الجرح، ويتكلمون بلغة الواقع والحقائق التي لا يمكن دسها بغربال!
فعلا، هيهات بين النظري والتطبيقي، والأمر هنا، لا يتعلق بقطاع التربية فقط، وإنما يخصّ أغلب أو كلّ القطاعات والمجالات والاختصاصات، وحتى ملف الحياة العائلية والأسرية داخل المجتمع الجزائري، ولعلّ لغة التنظير والمبالغة فيه، إلى حدّ التمييع، يقتل في كثير من الحالات والنماذج، الرغبة في تغيير الأشياء من السيئّ إلى الأحسن، حتى لا نقول تطويرها من الحسن إلى السيّئ، أو من السيّئ إلى الأسوأ، وهذه هي المصيبة!
الكثير من المسؤولين ويلوزراء والولاة ورؤساء الدوائر والأميار، السابقون منهم واللاحقين، الأحياء والأموات، يقولون ما لا يفعلون، و”يقتلون” الناس وحتى المسؤولين الأكبر منهم منصبا، بالتنظير والكلام، الذي لا وجود له في الواقع، وهو الخطاب الذي لا يبني أبدا، ولا ينفع بقدر ما يضرّ، وفي كلّ الأحوال، فإن النهاية غالبا ما تكون دون نتائج ملموسة، ودون حلّ المشاكل!
تغطية الشمس بالغربال، لا يُمكنها حجب الأشعة، وكذلك، الحقيقة المرّة لا يمكن سترها أو التستّر عليها، فما يحصل بولايات وبلديات وإدارات ومؤسسات وشركات ومصانع وشوارع، وحتى “للبيوت أسرار” لم يعد لها معنى، طالما أصبح كلّ شيء من أجل لا شيء، مفضوحا للجميع!
على أصحاب “المكاتب المغلقة” أن ينزلوا إلى الميدان ويعيشوا مع عامة الناس، في المدارس وشبابيك الحالة المدنية ووسط النقابات والمساجد والجامعات، وفي الأسواق ومختلف مناصب العمل والوظائف، حتى يقفوا على المشاكل الحقيقية، والإيجابيات والسلبيات، بعيدا عن تزويق أو تحريف الوساطات، وبعيدا أيضا عن التهويل والتقليل ودسّ “التبهديل”!
من الضروري استخدام النظري لإنجاح التطبيقي وتسيير الواقع، لكن أن يتحوّل هذا التطبيقي المنشور في الكتب والمجلّدات والمؤلفات والمواثيق والقرارات الفردية والجماعية والمراسيم والقوانين التطبيقية، إلى مجرّد حروف وأرقام وأوامر، فمن المستحيل تكييفه مع وقائع لا تتغيّر ما لم يكن النظري واقعيا في لمساته وتدابيره وتعليماته!
من غير المفيد، أن تتعارض أصوات و”أغاني” المنظرين والفلاسفة مع مشاهد التطبيقي الذي لا علاقة له بما يقوله هؤلاء الذين يُعتقد عند سماعهم أنهم يعيشون في المريخ، أو أنهم يضعون نظارة سوداء في عزّ الظلمة، بما يحجب عليهم الرؤية ويمنعهم من رؤية ألوان قوس قزح قبل اختفائها!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • شخص

    من يريد أن يعرف بسهولة ما تنتجه المدرسة الجزائرية، فليتفرّج و لو ساعة واحدة على الحصص التي تبث في القنوات الخاصة و خاصة الأخبار ليشاهد الكوراث و الجرائم التي تحدث في حق اللغة العربية. أخطاء لغوية لا يرتكبها حتى أصحاب المستوى الابتدائي ممن درسوا قبل الألفين) !