-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يخطئ الاستعمار فيزول

الشروق أونلاين
  • 263
  • 0
يخطئ الاستعمار فيزول

لا شيء يلحق الضرر بالاستعمار كغبائه في لحظات تاريخية معينة.. هكذا شاهدناه في الجزائر وفي الهند والصين ومشارق الأرض ومغاربها.. إذ تتسرب إليه فكرة التسيُّد المطلق والقوة المستبِدة فلا ينظر إلى أصحاب الحق والأرض إلا على اعتبار أنهم أشياء يعبث فيها كيفما شاء.. حينذاك تهبّ عليه العواصف من كل صوب فتقتلعه غير مأسوف عليه.

ما ضرَّه عندما كان في الجزائر لو أنه تعامل بإنسانية مع مظاهرات الجزائريين في مايو 1945 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي أجبر الجزائريون على دخولها ضد الألمان وأسهموا في انتصارات الحلفاء على دول المحور؟ ما ضرّ الاستعمار لو أنه تنازل قليلا..؟ ولكن غباءه وتشبعه بالروح الاستعلائية دفعه إلى ارتكاب جريمة لا تنسى بقتل عشرات آلاف الجزائريين العزل المطالبين بالحرية.

وفي فلسطين اليوم ما ضرّ الاستعمار الصهيوني لو تعامل مع الطرف الفلسطيني الذي اعترف لهم بشرعية وجودهم في أكثر من 80 بالمائة من أرض فلسطين وذهب بعيدا معهم في تنسيق أمني ومفاوضات وتطبيع بشكل واسع؟ ما ضرّ الاستعمار الصهيوني أن يغيّر شروط التعامل مع المواطنين الفلسطينيين في المناطق المحتلة منذ 1948 فلا يحرمهم من حقوقهم الآدمية الأولية وهم ينهجون إلى السلمية والمشاركة في المؤسسات المدنية ولا يرفضون وجود دولة إسرائيل وإن كانوا يرفضون عنصريتها..؟ ما ضرّ الاستعمار الصهيوني أن يتوقف عن التضييق على غزة بعد أن أبدت القوى السياسية فيها استعدادها لتهدئة مقابل تهدئة ومقابل رفع الحصار؟

ولكنه الاستعمارُ الغبي لا يرى إلا بعين عوراء ولا يسمع إلا ما يحب، يظن أن أصدقاءه الجدد في الدول العربية ودعم الرئيس الأمريكي ووعوده المتلاحقة يكفيه ويؤمِّن له السلامة والأمن.. وهو يعرف أن من يختبئ في الملاجئ هم أعضاء التجمع الصهيوني وليس ترمب ولا أمراء الخليج.. هو يعرف أن الدواء الذي تصرفه الصيدليات من مهدئات نفسية إنما هو للصهاينة وليس للأمريكان.. هو يعرف أن الكره والحقد يحيطه من كل جانب في بحر من العرب والمسلمين الذين إن قعُدت بهم ظروفهم عن القيام بالواجب إلا أن ضمائرهم ووجدانهم يرفض مجرد التفكير في تعايش مع الذل والقهر والحقارة الصهيونية.

الاستعمار الصهيوني الغبي يذهب إلى القدس بمقدّساتها فيضمها إلى مجموع مسروقاته، إنه بهذا تجاوز خطوط التقبُّل من قبل أصدقائه العرب وشركائه في عملية التسوية ولن يجد أحدا يقف في خندقه وهو هكذا شد الخناق على مستقبله ولن يجد في مستقبل الأيام القادمة إلا ما يليق بمواجهة مفتوحة ضد الاستعمار وأدواته.. هذه سنن التاريخ وآياته الماضية وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!