-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يستثمرون في خلافاتنا

صالح عوض
  • 573
  • 4
يستثمرون في خلافاتنا
رويترز
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث في نيويورك يوم الاثنين 24 سبتمبر 2018

خرج الرئيس الأمريكي على وسائل الإعلام وفي مؤتمر مهرجاني دون أدنى حد من اللياقة السياسية ليعلن عن اتصال هاتفي أجراه مع زعيم عربي.. ومما قاله الرئيس الأمريكي إن أمريكا تحمي هذا البلد العربي ولولاها لكان الله وحده يعلم بما آلت إليه أمورها، وأشار إلى انه ابلغ الزعيم العربي انه دون حماية أمريكا فإنه لا يمكن الاحتفاظ بطائراته..

السؤال الوارد هنا: حماية العرب ممن؟ ولعل الوعي الجمعي والضمير الجمعي يقول لنا بوضوح إن المعني بالحماية من عدو يتربص بنا ويقتلنا ويعتدي علينا ليل نهار ويجهز لنا عشرات ومئات القنابل الذرية انه الكيان الصهيوني الذي يغتصب فلسطين والقدس ويقتل العرب الفلسطينيين كما قتل العرب المصريين واللبنانيين والسوريين.. ولا يمكن تخيل أن لنا عدوا سوى الكيان الصهيوني يحاربنا ونتصدى له.

ولكن بلا تلعثم نشير إلى أن العدو المحتمل الذي يشير إليه الرئيس الأمريكي هو إيران ولن نتوقف كثيرا عند الدهشة مما يقوله ترمب، لأن الأمر واضحٌ تماما؛ انه متعلق بفلسفة إدارة الرئيس الأمريكي للعلاقة مع الأصدقاء والحلفاء، حيث المحميات التي تقوم القوات الأمريكية بالدفاع عنها.. هو هنا يصنع عدوا للمنطقة ويشيطنه..

يدعي الرئيس الأمريكي انه يحمي هذه الدول دونما مقابل او بمقابل قليل وهذه كذبة كبيرة فهو يعلم أن ثروات هذه الدول كانت دوما نهبا لإدارته، وان هذه الدول هي من موَّل حروب أمريكا كلها في أفغانستان وإيران والعراق وسورية.. وهو يعلم أن أموال هذه الدول موجودة لديه وان أسواقها مفتوحة لمنتجاته العسكرية والمدنية.. إذن ماذا يريد هذا الرئيس الذي فقد حدود اللياقة؟

إنها لعبة الرأسمالية الامبريالية: “فرق تسد” ولم يتوقف الأمر عند “فرق تسد”، بل تعداه إلى زرع الفتنة بين المتفرقين وتدمير المؤسسات الأمنية الأمريكية الأزمة بين السعودية وإيران.. فعندما أعلنت التزامها بالاتفاق النووي مع إيران كانت تتجه نحو تخويف الخليج وابتزازه وبعدها انسحبت من الاتفاق مقابل أثمان باهظة والآن تلوح بانسحابها من حماية تلك الدول وإلا فإن عليها دفع أثمان حماية أمريكا لها.

إنهم يستثمرون في خلافاتنا، وكان من المفترض بعد ان كشف الأمريكان عن حقيقة نواياهم بكل وقاحة ان يقابلهم الموقف العربي بضرورة فتح حوار تصالحي بينهم وإيران وان يحركوا قوى الإصلاح في الأمة وما أكثرها، فكم تخسر الأمة من إمكانات وفرص وأرواح في صراع لا يستفيد منه الا الأمريكان الاستعماريون.. وستجد المؤسسة الصهيونية فرصتها في ابتزاز العرب بالحُجَّة نفسها التي يطرحها ترامب أنهم سيحمون هذه الدول من إيران.. لقد أصبحت الاختلافات في أمتنا ساحة للاستثمار الاستعماري، فهل من رجل رشيد قوي يغير اتجاه البوصلة؟ فيكفي ان نصبح مضحكة للعالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • ABDOU

    الأخ محمد البجاوي هل يعجبك ما يجري في ساحة بلادنا الجزائر الداخليةمن مهازل ومضحكات سياسية أمام مرأى ومسمع كل دول العالم دون حياء يندى لها الجبين.

  • ABDOU

    لقد قلتها يا صالح. هل من رجل رشيد قوي يغير اتجاه بوصلة عقول أشباه الحكام عندنا في الوطن العري . بل استئصالهم كلهم من جذوورهم من المحيط الى الخليج.

  • محمد البجاوي

    و هذا هو الفرق بالضّبط بيننا و بينهم يا استاذ عوض....

  • عمر

    وما دخلنا نحن ؟