-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يقظة الإقليم

الشروق أونلاين
  • 586
  • 0
يقظة الإقليم
ح.م

هناك ثلاثة مستويات يمكن لولايات الوطن بلوغها، تبدأ بأبسط مستوى وهو الجغرافيا إلى أعلى مستوى وهو الإقليم مرورا بالمستوى المتوسط وهو الحيز. والفرق بين المستويات الثلاثة هو نفسه الفرق بين النمو المؤدي إلى التنمية المستديمة والركود الذي يعيق تطور الفرص، إذ لا يتيح مفهوم الجغرافيا أيّ إشارة للنموّ كما هي الحال في المناطق الخالية من السكان بينما يشير الإقليم إلى اعتبار الجغرافيا حيزا لتطبيق أدوات النمو وهي: الموارد البشرية، الموارد الطبيعية والزمن. ثلاث فرص لإطلاق توليفة النمو وتعني التدريب والموارد غير البشرية والرؤية المبنية على الاستشراف إذ يختزل هذا الأخير بعد الزمن في تصميم السياسات ومتابعة جدواها وضبطها بعد اختبارها بناء على أهداف الدولة.

وعليه، يكون من خصائص الإقليم توفر قواعد بيانات محيَّنة عن جميع الفرص المذكورة وعن حدود تطورها في المديين المتوسط والبعيد ولآفاق تصل في بعض التجارب الى مائة سنة كما حدث مع الخطة الصينية (1950– 2050) التي بدأت تحصد أهدافها الاستراتيجية منذ عام 2000.

حدود التنمية المحلية

منذ استعادة سيادة البلاد عام 1962 والجزائريون مثل غيرهم من الشعوب يحلمون بتنمية محلية حقيقية إلى درجة أن هناك مؤسَّسة بنكية جزائرية تسمى (بنك التنمية المحلية) ما يعني أن الموضوع يندرج في صلب تفكير الحكومات كلها وحقق نتائج ملموسة على الأرض نسميها بخطط التنمية بشقيها المحلي والقطاعي. نتائج لا مجال هنا لتعدادها لأن إحصاء عمليات تخص 55 سنة من زمن الاستقلال يتطلب دراسات كاملة، وتظل في الأفق عمليات ضرورية أخرى لمواكبة الطلب الداخلي على مكونات النمو وهو طلب يتزايد بزيادة السكان (1.9– 2 بالمائة سنويا) وتفضيلات العائلات والقدرة الشرائية. وهكذا أصبح الحديث اليوم أكثر فأكثر عن تنمية الموارد البشرية للولايات على النحو الذي يسمح بتنمية الموارد الطبيعية في اتجاه تحقيق مستوى للنمو لا يقل عن 6.5 إلى 7 بالمائة سنويا آفاق عام 2030. تنمية الموارد البشرية لا تتعلق بالتعليم والتكوين وحدهما لأن ذلك يعني مفهوما ساكنا مازال يتردد منذ الاستقلال بل يعني مواكبة شروط أسواق الشغل خلال النصف الثاني من القرن الحالي حيث من المتوقع أن 85 بالمائة من المهن لا تعرفها البشرية الآن وأن 50 مليون منصب شغل سيختفي تماما لصالح تلك المهن. ومن هنا سيتراجع وزن الجغرافيا في تحقيق النمو وسيتقدم وزن الإقليم الذكي الذي يبدي إشارات إيجابية تجاه خارطة الشغل المستقبلية.

ثلاثة ملفات

لا تعطي الجغرافيا فرصة واسعة لتطبيقات التنمية المحلية المبنية على (اليقظة الاستراتيجية) لأنها تكتفي باستغلال الريع وممارسة التوزيع كيفما كان مستوى النمو الاقتصادي في الدولة، ولهذا تواجه حكومات الجغرافيا صعوبات جمّة عند الانفتاح على الاقتصاديات الخارجية وفي نفس الوقت لا يمكنها الحياة بمعزل عن العالم. في حين تتيح اليقظة الإقليمية فرصة ذهبية لتطبيق رؤية الاقتصاد المندمج في ولايات الجوار مع إحصاء الفرص الكامنة في الطبيعة والإنسان والزمن معا.

وهكذا وفي مفهوم الإقليم تبرز مؤشرات لم تكن معروفة بشكل وظيفي ولو أنها معروفة بالشكل السياسي الاجتماعي مثل (عدالة الإقليم) وهو ملفّ مهمّ وواعد بالنسبة إلى الجزائريين في جميع ولايات الوطن، وهناك ملفان استراتيجيان آخران على درجة قصوى من الأهمية حاليا ومستقبلا هما رؤية الجزائريين لمستقبلهم آفاق 2050 على الصعيد الكلي متعدد الجوانب وهو نفسه ملف (رؤية الجزائر 2050) ثم ملف التعليم في المستقبل والخاص بتأهيل الموارد البشرية حسب مؤشر المواطنة بما يفوق مؤشر التعليم نفسه ويقفز إلى هدف تطبيقات الذكاء والابتكار والصناعة عالية المحتوى من التكنولوجيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!