-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ينبغي أن لا ننسى ما حَقَّقه الحراك

الشروق أونلاين
  • 453
  • 0
ينبغي أن لا ننسى ما حَقَّقه الحراك
ح.م

على خلاف ما يرى البعض أن الحراك الشعبي لم يُحقِّق إلا القليل من أهدافه، أرى أنه حقَّق أهمَّ أهدافه إلى حد الآن، بل وحقَّقها من اليوم الأول، وكل ما سيأتي بعدها إنما هو تداعياتٌ ستتجسد مع مر الأيام.

أكبر هدف حقَّقه ومنذ الساعات الأولى: هو إعادة الأمل للناس.. كان يكفي هذا لنقول بأن الجزائر قد دخلت مرحلة جديدة من تاريخها. لم يكن من السهل أبدا أن يعود الأمل للناس بعد كل ذلك العمل المُمَنْهَج ليسود اليأس ويعم الإحباط وينهار كل شيء من الداخل..

كُنَّا على وشك الانغماس في تلك الحالة لفترة أطول لا يعلم مداها إلا الله تعالى. وصل الأمرُ إلى أن أصبح أقصى ما يتمنَّاه الجزائري أن يتم احترام الحد الأدنى مِن ما بقي مِن كرامته أمام الأمم وأن يحكمه على الأقل رئيسٌ يستطيع الحديث والحركة مهما يكن هذا الرئيس. كان هذا يُعَدُّ هدفا بالغَ الأهمية بعد كل الإهانة التي عرفها الجزائريون أمام كافة شعوب العالم. وإلى اللحظات الأخيرة، قليلون هم من كانوا يُصدِّقون أنه سيتحقق، فإذا بالهَبَّة الشعبية الكبرى تُحقِّقه، وفي الساعات الأولى، إن لم يكن في الدقائق الأولى. ينبغي ألا ننسى هذا أبدا وأن لا نُقلِّل من شأنه.

المسألة الثانية التي تحققت، أنَّ الشعب الجزائري كان يُنعَتُ بالعنف من قبل الأشقاء قبل الأعداء. بل قَلَّ مَن كان لا يصفه بالدموي الذي لا يعرف للحضارة سبيلا خاصة بعد العشرية السوداء، فإذا به في الساعات الأولى يُثْبِتُ عكس ذلك تماما، ويُبرهن أن النظام السياسي الذي حَكَمَه هو من كان كذلك، أما هو ففي جوهره جميلٌ ونقي ومُنظَّم وقادر على أن يكون في صورة أخرى، تماما غير تلك الصورة النَّمطية التي تم ترسيخها عنه في أذهان الناس.

والمسألة الثالثة أنه تمكَّن في أسابيع قليلة من أن يرى من كانوا يعتقدون أنفسهم غير قابلين للنقد intouchables، يدخلون المحاكم من أبوابها الخلفية ويخرجون منها متسلِّلين حتى لا يراهم الناس، أو يُساقون إلى السجن مباشرة. وهي نتيجة في حد ذاتها عظيمة إلا لِمَن لم يعرف معنى الظلم، ومن لم يجد نفسه ذات يوما متهما زورا أمام قاضي التحقيق بين رجاء الإفراج والخوف من أن يَجُزَّ به في غياهب السجون والمُعتقلات.

والمسألة الرابعة والتي لا تقلُّ أهمية عن سابقتها، هي نجاح هذه الجموع الغفيرة في كسب تأييد وتعاطف مؤسسة الجيش وقوى الأمن معها، ووقوفهما إلى جانبه، وعدم السماع لتلك الأصوات التي كانت تنادي بضرورة قمع جموع المتظاهرين، وهي نتيجة جوهرية أخرى لا يعرف قيمتها إلا من عاش تلك الأيام السوداء التي عرفتها الجزائر عندما تم افتعال صدام دموي بين أبناء الشعب الواحد جيشا ومواطنين لمدة قاربت العشر سنوات.

ويمكن أن نعدّ العشرات من المسائل الأخرى التي انتصر فيها الحراك، مما يجعلنا نؤمن أن بلادنا في الطريق الصحيح، وأنه علينا أن لا نستعجل الأمور، وأن نُفوِّت الفرصة على المزايدين في المطالب ممن لم يَكتووا بنار الفتنة، أو مَن كانوا ومازالوا يعيشون في أبراج عاجية، يستعجلون تحقيق “أهدافهم” وتصفية حساباتهم، وإن كان ذلك على حساب الملايين من المواطنين الصادقين والأبرياء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!