-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

10 آلاف جندي قتيل أو جريح!

حسين لقرع
  • 1493
  • 0
10 آلاف جندي قتيل أو جريح!

في غمرة الحزن الكبير الذي لا يزال يعتصر قلوب الفلسطينيين وأحرار الأمة كلّها إثر استشهاد القائد الفذّ، إسماعيل هنية، رحمه الله، وتواصل المجازر اليومية الوحشية الحاقدة ضد الأطفال والنساء بغزة، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، الأحد 4 أوت، خبرا أثلج الصدور وخفّف الأحزان، ومفاده أنّ أزيد من 10 آلاف جندي صهيوني قد سقط قتيلا أو جريحا في حرب غزة الدائرة منذ عشرة أشهر، وأنّ نحو ألف جريح ومصدوم نفسيا يضاف كل شهر إلى قائمة المصابين.
والواقع أنّ هذا الرقم ليس دقيقا في ظل التكتّم الشديد الذي يتعامل به الاحتلال منذ بداية الحرب إلى الآن بشأن العدد الحقيقي لقتلاه وجرحاه، ومن أبسط الأدلة على ذلك أنّ “القسام” وحتى “سرايا القدس” تبثّ مشاهد شبه يومية لقنص جنود صهاينة أو إيقاعهم في كمائن محكمة وتفجير حقول ألغام تحت أقدامهم أو بيوت ملغومة على رؤوسهم، وتدمير دبّابات وناقلات جند ومدرّعات وجرّافات… لكنّ الاحتلال يتحدّث فقط عن سقوط بضعة جرحى، ولم يعد يكشف عن قتلاه إلا نادرا، فهل باتت أجساد الجنود الذين كانوا موجودين في الآليات العسكرية المدمّرة والمحترقة أقوى من الحديد والفولاذ؟!
ومع أنّنا متيقّنون تماما بأنّ أعداد القتلى الصهاينة بالآلاف والجرحى بعشرات الآلاف، إلّا إنّ رقم الـ10 آلاف قتيل أو جريح الذي ذكرته “يديعوت أحرونوت” ليس هيّنا إطلاقا، ولو سقط هذا الرقم المرتفع من القتلى والجرحى من الجنود في بلد صغير -وما أكثر البلدان الصغيرة في العالم- لانهار كلّيا وتحوّل إلى دولة فاشلة.. أمريكا العظمى خسرت نحو 3500 جندي قتيل و30 ألف جريح في أفغانستان، فرفعت الراية البيضاء وفاوضت الطالبان على انسحاب “مشرّف” وخرجت من البلد تجر أذيال الخيبة والهزيمة، وكذلك وقع لمحتلين آخرين في العالم أقوى شأنا من الكيان بكثير كفرنسا وبريطانيا، وهذه من بشارات النصر القادم في غزة قريبا، بإذن الله.
لقد دفع فقدان عشرات الآلاف من جنود الاحتلال إلى نشر إعلانات على مواقع التواصل لتوظيف جنود احتياط، وإلى سنّ قانون مثير للجدل لتجنيد الآلاف من المتدينين المتشدّدين المعروفين باسم “الحريديم”، ودفعه أيضا إلى التفكير برفع مدة الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف الجنود والجنديات من سنتين إلى ثلاث سنوات، على أن يعرض القرار قريبا على الحكومة للتصديق عليه ثم إحالته إلى البرلمان “الكنيست”.. ذلك كلّه يدل على أنّ جيش الاحتلال يعاني نقصا كبيرا في عدد جنوده بسبب فقدانه عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وليس فقط 10 آلاف، كما ذكرت “يديعوت أحرونوت”، ويضاف إلى ذلك أنّ الجنود الذين لا زالوا يقاتلون في غزة، باتوا يشعرون بالإنهاك والإحباط بسبب طول مدّة الحرب، وكثرة الضحايا في صفوف زملائهم الجنود الذين سقطوا أمام أعينهم، فضلا عن يأسهم من إمكانية تحقيق “النّصر المطلق” الذي ما فتئ رئيس حكومتهم يحدّثهم عنه منذ 10 أشهر كاملة، في ظل الصمود الأسطوري لصناديد المقاومة في المعارك اليومية بغزة.. وهذا ما يعني تآكل معنويات جنود الاحتلال بمرور الوقت، وقطعا لا يمكن لأيّ جيش في العالم الانتصار في أيّ حرب بمعنويات في الحضيض حتى لو كان يملك أحدث الأسلحة، وهذا ما نبّه إليه قادة الفرق الأربع التي تقاتل في غزة رئيس حكومتهم خلال لقائهم به قبل أسابيع.
خلال عشرة أشهر من الحرب، قتل آلاف الجنود الصهاينة وجرح عشرات الآلاف، وبات الآلاف يعالجون نفسيّا في المصحّات العقلية من هول ما شاهدوه في الحرب، كما دمّر صناديد المقاومة أزيد من 1700 دبابة وآلية عسكرية مختلفة، ولا يزالون إلى اليوم يقاتلون ببسالة منقطعة النظير في شتى أنحاء القطاع، وكأنّ الحرب اندلعت للتوّ.. أليس ذلك كلّه علامة على نصر تاريخي قادم لا محالة؟
صحيح أنّ المجازر تتواصل في غزة كل يوم والدمار يعمّ أرجاءها، وهذا ديدن عدوّ فاشي حاقد مهزوم يريد الانتقام بأيّ وسيلة لقتلاه وخسائره الفادحة في الحرب وعجزه عن تحقيق أيّ نصر، لكنّ السير اليومي للمعارك لا يدع أيّ مجال للشكّ بأنّ انتصار المقاومة في هذه الملحمة الكبرى قادم حتما مهما كانت التّضحيات والآلام، وكلّما طال أمد الحرب، كانت هزيمة العدوّ أكثر إيلاما ونصر المقاومة مدوّيا وتاريخيّا، ولنا في الثورة الجزائرية خير مثال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!