-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

51% في السياسة.. تكفي!

51% في السياسة.. تكفي!

ما دمنا نُفكِّر بطريقة الإجماع في السياسة، لن نتمكن من بناء ديمقراطية حقيقية. ليس فقط لأن الإجماع لا يمكن أن يَحدُث في المسائل السياسية، بل لأنه غير ممكن أصلا وهو تحايلٌ واضح على الممارسة السياسية السليمة. لأن السياسة في جوهرها إنجازٌ ورقابة، وبقدر ما كانت الرقابة قوية بقدر ما كان الإنجاز متينا، وإلا كان كل شيء شكليا ومُصطنَعا.
في كل تجارب العالم الناجحة اليوم، دائما يحصل المكلف بالإنجاز في حدود النصف أو الزيادة بقليل من أصوات الناخبين، ويتوزع الباقي على المكلفين بالرقابة الحقيقية أي المعارضة. فلا يكون لدى الحاكم أيُّ مجال للاستبداد، أو لتبديد المال العام أو العمل على هواه.. أما في التجارب الفاشلة فغالبا ما يَدَّعي الحاكم فيها أنه حصل على إجماع الشعب، وفاقت نسبة الراضين عن سياسته التسعين في المائة وأحيانا قاربت المائة في المائة.. مما يُلغي كل أمل في بقاء مَن يراقبه أو يحاسبه، إلا نفسه طبعا، أو الهيئات الشكلية “المعارِضة” التي يُنشئها برضاه وعلى عينه، مِمَّا يمكِّنه من فعل ما يشاء وادِّعاء ما يريد…
لذلك، نحن اليوم أمام خيار صعب بشأن المستقبل: إما أن نستمر في إيهام أنفسنا بالحل عن طريق الإجماع المزعوم، أو نُباشر بشجاعة تجربة تعددية حقيقية عن طريق الاحتكام إلى قاعدة أغلبية غير مُزيّفة تتولى مهام الإنجاز ومعارضة فعلية تتولى مهام الرقابة والنقد إلى حين الاحتكام مرة أخرى للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة.
والخيار الثاني بلا شك هو الأصعب، ولكنه هو الأصح، وعلينا التحلي بالشجاعة الكاملة للأخذ به إذا ما كُنَّا بالفعل نريد أن نجعل من السياسة مرادفا لبذل مزيد من الجهد والعطاء لأجل تحقيق الرفاه للآخرين، وليس كما يراها اليوم كثيرٌ من أشباه السياسيين مرادفة لتحقيق المكاسب والامتيازات ومزيدا من المتاعب للآخرين.
في تركيا، فاز الرئيس طيب رجب أردوغان بـ52.59% وتحصل معارضه الأساسي محرم إنجه على 30.64%، وفي ماليزيا تحصل تحالف المعارضة بقيادة مهاتير محمد على 51% فقط من مقاعد البرلمان ليعود إلى الحكم، وفي تشيكيا لم تزد النتيجة على 51.4 بالمائة وفي الدور الثاني، وفاز الرئيس الفنلندي بـ62.7% والقبرصي بـ56% وفي الدور الثاني. ولم يفز أي حزب بالأغلبية المطلقة في كوستاريكا، وفي سيراليون فاز الرئيس بـ52.6 بالمائة وفي الدور الثاني أيضا… وهكذا في سنة 2018 كل العالم بدأ يتوجه نحو النسبية إلا أقلية منه مازالت تؤمن بديمقراطية الإجماع، على الطريقة المصرية التي يفوز فيها المترشح “الحر” بـ97.1% من الأصوات، وما كان ليرضى دونها نتيجة لتحقيق الرفاهية والاستقرار لشعبه زعمًا.
هكذا هي الخيارات وعلينا أن نكون: إما من فصيلة الـ51% تكفي لعلنا نُعيد الأمل للناس، أو من فصلية الـ90 بالمائة فما أكثر.. التي بلا شك تجعل الحاكم محبوب الجماهير وملهمهم الذي لا يُشق له غبار ولكن، نفاقا وكذبا وتزلفا حتى لا نقول أكثر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • aliolo

    أرى أنه من المؤسف أن لا نجد نماذج للديمقراطية السليمة و الناجحة في الدول العربية ة الاسلامية. وفي رأيي تركيا لم تعد نموذجا بعد أن طغى حاكمها وسجن معارضيه وطرد آلافا من الموظفين بحجة أنهم ضده.

  • عبد الله

    من يظن أن الشعوب هي التي تختار الحكام والسياسات التي يطبقونها في أوربا أو أمريكا فهو مسكين ساذج. الديموقراطية في الجزائر معناه أن يختار الجزائريون عامتُهم من يحكمهم ولا أحد منّا يجهل نوعية هذا "الشْعب" ومستواه الثقافي والأخلاقي!! الديموقراطية معناها ذلك أن البلد يذهب إلى الهاوية بكل تأكيد وبدون أدنى شك. كيف يكون اختيار من ليس لهم ضمير وأدنى شعور بالمسؤولية في بيوتهم وأبنائهم؟ كيف تكون ديموقراطية قوم طبيبهم تاجر وتاجرهم غشاش و....؟ مقارنة الجزائريين بالأتراك والماليزيين عبث..

  • انسان

    الى محمد4
    رغم ان الديمقراطية هي في نظري افضل وسيلة اخترعها الانسان لاختيار الحاكم الا انها لا تخلو من عيوب... فإختيار الشعب ليس دائما صواب لان الشعوب عادة غير قادرة على التحليل السياسي و لا تملك كل المعطيات للاختيار السليم... و لكن حتى و إن كان اختيار الشعب حطأ فان ذلك الحاكم المنتخب يبقى هو الأنسب (و ليس الافضل) لهذا الشعب... أي: الشعب الفاسد سيختار حاكم فاسد و العكس صحيح. و الحاكم المناسب لأي شعب هو من يختاره هذا الشعب و ليس هو دائما الحاكم المثالي.. و لذلك فالديمقراطية هي وسيلة اختيار و ليست وسيلة تغيير.
    باختصار: الحاكم الصالح لا يصلح لشعب فاسد و الحاكم الفاسد لا يصلح لشعب صالح

  • محمد

    هل الديمقراطية حقا خيار الشعب ، هل كل الشعب قادر فعلا على التحليل السياسي والإقتصادي والإجتماعي وله معرفة تامة بالمعطيات الخارجية والمؤامرات الدولية والأجندات المستقبلية ؟ ... هل الديمقراطية حقا خيار الشعب ، إن كانت تحدد نتائجها رؤوس الأموال ومن يسيطر عليها ، ومن يمول الحملات الإنتخابية ، ومن يتحكم في الإعلام ، ليتحكم في الشعب ، على طريقة سياسة القطيع نحو المسلخ؟
    لاندري..ربما علينا النظر من جديد في الديمقراطية التي يحاولون فرضها علينا من وراء البحار ..ونرجع إلى تراثنا "ديمقراطية الحكماء" أي الإختيار من بين الأحسن علما وحكمة وأخلاقا مجلسا ألفيا يختار مرشحا يبايعه الشعب (بالإستفتاء) .

  • الطيب

    كيف يا أستاذ بـ 99 % و لم نقلع و تريدنا أن نقلع بـ 51 % برك !؟
    حنا هذاك 1% اذا كتب ربي رانا حابين نزيدوه باه نقفلوها ...!

  • ابن الشهيد

    تعرف يا دكتور ما هو الحل لهؤلاء المهوسين بالحكم وما يدره عليهم وعلى حاشيتهم أنتم النخبة أن تكفوا عن الكتابة العمومية وتقديم النصح لهم قوموا باضراب شامل عن الكتابة باستثناء الحديث للطلبة والقاعات لأن هؤلاء لا يؤمنون بشئ الا بانفسهم وكتابتكم تساعدهم في أيجا بوصلتهم في التحرك وعدم الكتابة يصبحون في ويط موج لا يعرفون من أين يأتيهم هدا هو الحل في بلاديييييييييييييييييييي

  • معا الواقف

    مازلنا بعيدين جدا عن الديمقراطية الحقيقية مادام فينا عقلية: (معا الواقف) !
    لازم نبدلوا العقلية شوي رانا في القرن 21 و الناس رايحة للمريخ و حنا مازال نضربوا في الشيتة للرئيس و المدير و المسؤول!!! و كأن المسؤول نبي معصوم... لابد من معارضة حقيقية تنتقد بشجاعة و صدق و لابد من حكومة تتقبل النقد بصدر رحب ... هكذا تنموا الامم نحو التقدم و الازدهار و ليس بالطاعة المطلقة لولي الامر... شكرا يا سليم