-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مجلس قضاء الجزائر: 6 سنوات حبسا بحق طاهر علاش

نوارة باشوش
  • 10404
  • 0
مجلس قضاء الجزائر: 6 سنوات حبسا بحق طاهر علاش
أرشيف
طاهر علاش

أدانت الغرفة الجزائية الأولى لدى مجلس قضاء الجزائر، الأحد، المدير العام السابق لمطار الجزائر طاهر علاش بـ 6 سنوات حبسا نافذا في قضية فساد.

ويوم 5 جويلية 2022، وقَّع رئيس القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمَّد، القاضي محمد كمال بن بوضياف، عقوبة 8 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها مليون دينار مع إيداعه الحبس في الجلسة.
وبعد يوم كامل من المحاكمة في ملف الفساد المتعلق بصفقة إنجاز مطار الجزائر الدولي، وبعد غلق باب المرافعات ومنح الكلمة الأخيرة وفقا للإجراءات القانونية للمتهمين الذين طالبوا جميعهم بالإنصاف، أعلن رئيس القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، محمد كمال بن بوضياف انسحابَ هيئة المحكمة وإدخال القضية للمداولات، ليطلب من رجال الشرطة، التحفظ على المتهمين داخل المكان المخصص للموقوفين.
وأعلن القاضي بن بوضياف الأحكام؛ إذ افتتح الجلسة بتلاوة الجنح الثابتة في حق المتهمين المدانين في ملف الحال، حضوريا وجاهيا وابتدائيا، والبداية من الرئيس المدير العام السابق لشركة تسيير الخدمات ومنشآت المطارات طاهر علاش، الذي أدين بـ8 سنوات حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 1 مليون دينار، مع إيداعه الحبس في الجلسة، في حين تم توقيع عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا ضد المدير المكلف بمشروع مطار الجزائر المدعو “خ. محمد” وغرامة مالية قدرها مليون دينار.
بالمقابل، تراوحت الأحكام الصادرة التي نطق بها رئيس القطب الاقتصادي والمالي بن بوضياف بين عام موقوفة النفاذ و5 سنوات حبسا نافذا بحق بقية المتهمين، في حين نزلت أحكام القاضي بردا وسلاما على عدد من إطارات مطار الجزائر، الذين برَّأتهم محكمة القطب من كل التهم الموجهة إليهم.
وألزمت محكمة القطب الاقتصادي والمالي المتهمين المدانين بدفع 10 مليون سنتيم تعويضًا للخزينة العمومية، والشركة الصينية بـ4 مليون دينار مع تبرئتها من تهمة تبديد المال العام، ومصادرة الكفالة المقدر بـ60 مليون دينار.
من جهته، التمس وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، مساء الاثنين توقيع عقوبة 15 سنة حبسا وغرامة مالية قدرها مليون دينار ضد المدير السابق لمطار الجزائر الطاهر علاش مع إيداعه الحبس في الجلسة، مقابل بتسليط عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا ضد المدير المكلف بالمشروع بمطار الجزائر “خيذر. م” وغرامة مالية تقدر بمليون دينار مع الإيداع في الجلسة.
وتراوحت الأحكام التي التمستها النيابة بين عامين و5 و10 سنوات حبسا نافذا مع مصادرة جميع المحجوزات من الأموال والأملاك العقارية والمنقولة الصادرة عن قاضي التحقيق واسترجاع مبلغ الكفالة المقدر بـ60 مليون دينار.
وقد رافع وكيل الجمهورية مطولا، واعتبر أن “علاش ومن معه داسوا على جميع القوانين والنظم وخرقوها طولا وعرضا”، قائلا: “من يحب خدمة القانون في هذه البلاد مرحبا به لكن من يحاول المراوغة به.. فهذا هو مصيره”.
وتابع ممثل الحق مرافعته “لعل خصوصية هذه القضية تنبع من أهمية المشروع كونه واجهة للجزائر، مشروع تجاوزت قيمته 8 آلاف مليار سنتيم، منها 6 آلاف مليار مدعمة من خزينة الدولة بموجب قرض بنكي وبموجب امتيازات الوكالة الوطنية للاستثمار التي من خلالها استفاد مطار الجزائر من إعفاءات جمركية وضريبية”.
وعادت النيابة إلى قانون الصفقات العمومية “للأسف سيدي الرئيس يقف أمامك مسؤولون لا يعرفون قانون الصفقات العمومية أو بالأحرى يتظاهرون بأنهم لا يعرفون، لو كان هذا المشروع بأموال المؤسسة فنحن ملزمون بأن نطبق التشريع الداخلي، لكن هذا المشروع مرَّ على المجلس الوطني للاستثمار وعلى الوكالة الوطنية للاستثمار”.
وتطرَّق وكيل الجمهورية في مرافعته بالتفصيل إلى مراحل إنجاز مشروع مطار الجزائر انطلاقا من الدراسات مرورا بالإنجازات وصولا إلى الامتيازات، وتساءل وكيل الجمهورية عن غياب القرار الوزاري المشترك المنصوص عليه في قانون الصفقات، مؤكدا أن علاش وباقي المتهمين عجزوا عن تبرير كيفية اللجوء إلى التعاقد بهذه الطريقة مع الشركة الصينية، وأضاف أن الاستشارة الانتقائية تمت مع شركتين فقط والقانون يتوجب 3 على الأقل، كما تم اللجوء إلى التراضي بدون تبرير حالة الاستعجال.
وبلغة شديدة اللهجة، خاطب ممثل الحق العام هيئة المحكمة مشيرا بأصبعه إلى علاش، قائلا: “عندما يصل مسؤول مؤسسة عمومية إلى طلب مزايا غير مستحقة أي بالمعنى الواضح “رشوة” لكي يمنح المشروع لفلان أو علان، فإن هذا يضر ويمس بمصداقية مؤسسات الدولة.. نعم سيدي الرئيس، 500 ألف أورو هي قيمة الرشوة التي تلقاها علاش رفقة المتهم “ك. ف” لإدخال الشركة في مساومات بغرض إفادتها بصفقة الإعلام الآلي”.
وتابع: المتهم “جابلنا قالب” وقال إن الشركة الصينية تعتبر رائدة.. كما أن المتهمين “جاو حافظين الميم”، وأجمعوا على أن علاش هو الكل في الكل، فأين محلكم أنتم من الإعراب؟.. وأعتقد أن قضية الحال لم تأخذ منحناها الحقيقي حتى تعيد للعدالة هيبتها”.
من جهته، وصف ممثل الخزينة العمومية الأستاذ زكرياء دهلوك، وقائع الحال بـ”الخطيرة”، وقال إن الطاهر علاش ومن معه تسببوا في خسائر رهيبة للخزينة العمومية، ضاربين قانون الصفقات العمومية عرض الحائط، وبدّدوا أموالا عمومية من خلال منح امتيازات غير مبررة للغير، وطالب المحامي دهلوك من هيئة محكمة القطب تعويض الخزينة العمومية بـ500 مليار دينار.

مواجهة ساخنة بين القاضي وعلاش
واجه رئيس القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، القاضي محمد كمال بن بوضياف خلال جلسة محاكمة الاثنين، المتهم طاهر علاش بحقيقة التجاوزات والخروق التي حدثت في إنجاز مشروع مطار الجزائر الدولي، وردّ علاش أن المطار مفخرة للجزائر، وأنه لا يوجد فلس واحد تم تبديده أو التلاعب به طيلة إنجاز هذا المشروع.
القاضي: أنت متابَعٌ بتهم تبديد الأموال، وإساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات بغرض الحصول على منافع غير مستحقة ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات والتنظيمات العمومية، وطلب مزايا غير مستحقة في مجال الصفقات العمومية، هل تعترف بهذه التهم أو تنكرها؟
علاش: لا سيدي الرئيس أنكرها جملة وتفصيلا.
القاضي: ماذا عن مشروع توسعة المطار؟ كيف تم تمويل الصفقة؟ هل تم عرض المشروع على مجلس مساهمات الدولة؟ وما هو السبب؟
علاش: تم تمويل المشروع بجزء من أموال الشركة، ثم تم عرضه على مجلس مساهمات الدولة ووافق على نسبة 2 بالمائة من القيمة الإجمالية للمشروع، يتم دفعها خلال 7 سنوات واخترنا مكتب دراسات وتم اختيار الشركة الصينية وكانت شركة معروفة على المستوى الدولي.
القاضي: بكم تقدَّر قيمة المشروع؟
علاش: 88 مليار دينار منها 26 مليار دينار من الشركة والباقي عبارة عن قرض بنكي. المشروع ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: مشروع إنجاز المحطة، ومشروع إنجاز 43 موقفا للطائرات، و4200 موقف للسيارات، وكل مشروع كان يستغرق وقتا وكان علينا الشروع في إنجاز المحطة أولا، إذ واجهنا عدة عراقيل على غرار عدم حصولنا على المخططات، استغرقنا نحو 4 أشهر لتهيئة الأرضية ثم مباشرة الأشغال.
القاضي: وماذا عن تعاقدكم مع مكتب دراسات اسباني؟ وهل تمت استشارته بخصوص المشروع؟
علاش: نعم، تعاقدنا معه وبالتأكيد في كل الخطوات، كان هدفنا إتمام المشروع في الوقت المحدد واحترام التكلفة الإجمالية للمشروع.
القاضي: وبخصوص دفتر الشروط؟
علاش: سيدي الرئيس، كانت هناك متابعة تقنية من طرف المكتب الاسباني مع الشركة الجزائرية وعملنا وفقا للنظام الداخلي للشركة، أما الجانب التقني فلم تكن لدينا خبرة في هذا المجال.
القاضي: لماذا لجأتم إلى إبرام الصفقة عن طريق التراضي البسيط؟
علاش: أجل، كانت هناك مبرِّراتُ التراضي البسيط، كان علينا احترام آجال انجاز المشروع وكذا احترام التكلفة الإجمالية للمشروع.
القاضي: القرارات التي تم اتخاذها هل كانت فردية أم سياسية؟ يعني هل اتصل بكم شخص وطلب منكم اتخاذ هذه القرارات وضغط عليكم لإبرام صفقة عن طريق التراضي البسيط أو غير ذلك؟
علاش: أبدا، هذه القرارات كانت خاصة بالشركة ولم تكن هناك أي ضغوط، كنا مجبرين على الشروع في انجاز المحطة أولا، لأنها تستغرق أكبر وقت، وكان علينا إتمامها قبل سنة 2018، كان علينا إبرام صفقة انجاز المحطة قبل باقي الصفقات، ونحن الآن في نزاع مع الشركة الصينية التي طلبت مبلغ 200 مليار ونحن رفضنا دفع المبلغ، نحن فرضنا عليها شروطنا التي هي لصالح المشروع.
القاضي: تم إنشاء لجنة “كوميكس” على مستواكم، ما هو دور هذه اللجنة؟ ما هو الهدف من انشائها؟
علاش: بطبيعة الحال هو قرارٌ إداري، الهدف منه اتخاذ قرارات جماعية سليمة وليست انفرادية وعشوائية، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الاستراتيجية، هذه اللجنة لم تكن تضم المديرين فقط، بل حتى التقنيين والمهندسين.
القاضي: لماذا وقع الاختيار على الشركة البريطانية ” Ultra Électroniques” لتزويد المطار بنظام الإعلام الآلي؟
علاش: هذه الشركة كان لديها عدة مميزات ونحن كنا نبحث عن شركة لإنجاز الإعلام الآلي، وتم تزويدنا بمعلومات خاطئة، إذ أن هذه الأخيرة متخصصة في السلاح وقد طلبت منا مبلغ مليون أورو ونحن كنا نبحث عن شركة تقوم بتلك الأشغال في إطار المرافقة مجانا.
القاضي: هذه الشركة تقول إنكم سحبتم منها المناولة؟
علاش: تحصّلنا على معلومات خاطئة حول هذه الشركة وعلى هذا الأساس تعاقدنا مع “سيتا السويسرية” وهي شركة عالمية معروفة في مجال الإعلام الآلي على مستوى مطارات دولية، ونحن في هذا العرض شدَّدنا على أن من يجيبنا أولا هو من نتعاقد معه وكانت شركة “سيتا” هي أول من ردَّ علينا.
القاضي: لماذا راسلتَ الشركة الصينية؟
علاش: ربما راسلوني وأنا قمت بالرد عليهم.. لا أتذكر جيدا.
وكيل الجمهورية: قانون الصفقات لسنة 2010 يحدد الطريقة التي تم اختيارها من طرفكم وهي الاستشارة الانتقائية، وقلت في تصريحاتك إنك خضعت للقانون الداخلي للشركة والذي يلزمكم بأن يكون خيارُكم يتماشى وقانون الصفقات الذي يؤكد أنّه في الاستشارات لابد أن يكون هناك قرار وزاري لوزيري المالية والنقل، هل هذا القرار الوزاري موجود؟
علاش: لا، القرار الوزاري غير موجود.
القاضي: هل أخبرتم الأطراف المعنية بعدم وجود قرار وزاري؟
علاش: القرارات التي اتخذناها هي الأولى من نوعها في الجزائر، إذ تم تمويل مشروع بهذه القيمة من أموال الشركة وليس عن طريق قرض، كما أننا من خلال المشروع ربحنا فندقا بالقرب من المطار.
القاضي: كم قيمة الأرض التي تم شراؤها لإنجاز المشروع؟
علاش: لا، لم نشتر أي أرض، هي تابعة لنا وأنا كنت أسيِّرها وأشرف عليها.
وكيل الجمهورية: لماذا تم تجزئة المشروع إلى ثلاثة أجزاء وهو مشروع واحد، كيف يتم تجزئته؟
علاش: واجهتنا عدة صعوبات، لم يكن لدينا مخططات وكان علينا مباشرة انجاز المحطة واحترام الآجال، كان علينا انجازها خلال 40 شهرا وموقف الطائرات خلال 24 شهرا وموقف السيارات خلال 12 شهرا، ولهذا أبرمنا صفقة المحطة أولا والتي تستغرق وقتا طويلا وبعدها تفاوضنا على صفقة موقف الطائرات وبعدها على صفقة موقف السيارات.
وكيل الجمهورية: قلت إن لجنة “الكوميكس” التي تم إنشاؤها هي بغرض أخذ قرارات بالإجماع، ما رأيك في تصريحات بعض أعضاء اللجنة الذين أكدوا أنك كنت تتخذ قرارات انفرادية وبعدها يمضون على قراراتك فقط؟
علاش: لا، أبدا، هذا غير صحيح؛ قبل الإمضاء على المحضر يمر عبر عدة مراحل، إذ يتم الإمضاء على الحضور وبعدها يتم تحرير المحضر والاطلاع عليه وقراءته جيدا، ثم يمضى عليه ويوزع على الأعضاء، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يتدخل أي عضو ليعترض على المحضر؟ من أدلوا بهذه التصريحات تعرضوا لضغوط للإدلاء بتصريحات ضدي، أنا وضعت كاميرات مراقبة بالصوت والصورة لتسجيل كل ما يدور في الاجتماع، حتى وإن اتخذت قرارات انفرادية فهذا من حقي، أنا طلبت منهم المساعدة وكنت أستشيرهم، لم اتخذ أبدا قرارات انفرادية وأنا فخور بما أنجزته، اخترنا شركات عالمية لإنجاز المشروع بمعايير دولية ولم أترك أي سنتيم يضيع في هذا المشروع.
القاضي: هذه ليست مِنَّةً منكم، من حقنا مطار بمعايير دولية، هذا واجبكم.
وكيل الجمهورية: ما رأيك في تصريحات الشاهدة “ز.ع” التي أكدت أن مكتب الدراسات الاسباني سحب دفتر الشروط رغم عدم أحقيته في ذلك، وبعدها طلبت منها حذف شرط تعجيزي في دفتر الشروط حتى يتمكن مكتب الدراسات الاسباني من المشاركة؟
علاش: في البداية تم الإعلان عن الصفقة والتي كانت من دون جدوى بسبب عدم تقدُّم أي متعامل بسبب الشرط التعجيزي وحتى نضمن في المرة الثانية مشاركة متعاملين، قمنا بحذف البند التعجيزي، من غير المعقول أن نضع نفس الشروط، وهذا أمرٌ عادي ومعمول به.
القاضي: هل تدخّلت وطلبت من المتعامل الصيني تخفيض قيمة المناولة من 4.1 مليون إلى 3.1 مليون رغم أن هذا من صلاحيات المتعامل الصيني وليس من صلاحياتك؟
علاش: لا، لم أقم بهذا، هذا ليس صحيحا، لم أكن أتابع كل شيء، أنا مدير عام ولدي الكثير من الالتزامات، أتلقى تقارير وبناء عليها اتخذ القرارات.
وكيل الجمهورية: باعتبارك صاحب المشروع لا يمكنك ترؤس لجنة الصفقات ومع ذلك كنت رئيسا لها، كان عليك أن تحرص على الشفافية؟
علاش: أنا التزمتُ بالقانون الداخلي للشركة، أنا من أعلن عن الصفقة وأنا من يطلب الأموال، لا يمكنني تعيين شخص آخر، هذا ليس قانوني.
من جهة أخرى، أنكر جميع المتهمين من إطارات مطار الجزائر، التهم المنسوبة إليهم، وأجمعوا على أنهم مارسوا مهامهم في إطار القانون، إذ أكد المدعو “خ.م” المدير المكلف بالمشروع أن مَهمَّته تقتصر على متابعة تنفيذ المشروع فقط، وأن القرار الأخير يعود إلى الرئيس المدير العام للمطار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!