-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مدونات

9 أيام فقط!

دليلة حباني
  • 2022
  • 1
9 أيام فقط!
ح.م

لم أكن أعلم بأن الحياة صعبة حتى قبلت جبيني عزيزين التفا في طيات كفن أبيض، بياض قلبهما، ليرحلا إلى الأبد تباعا..

تسعة أيام فقط كانت كافية لتأخذ مني نبضي برحيل من نبض قلبي في أحشائها لأول مرة، وهي لم تتجاوز الخمسين إلا بسنتين.. رحلت فأخذت معها الحياة..

 تسعة أيام فقط كانت كافية لتجعل القبر قبرين والكفن كفنين والجنازة جنازتين، ولكن هذه المرة لتأخذ أخي سندي، في ربيع عمره الذي لم يكتمل.. أخ يحمل من الطيبة ما اشتقه من طيبة أمي.. أخ لم يشفع له جسده القوي وسنه الصغيرة من الانهيار أمام القدر الذي أخذ روحه وهو يبكي روحه وروحنا جميعا.. أخ لم يتقبل رحيل أمه رغم إيمانه القوي بقضاء الله وقدره فكان قدره مثل قدرها فتجاورا إلى الأبد.. لم يتفارق أخي وأمي أبدا في الدنيا فجمعهما الله في نفس الأرض، ونفس البرزخ، وبإذن الله في نفس الجنة..

 لم أكن أعلم أن الحياة صعبة يا أماه إلا بعدما أدركت أن الأم عماد البيت وغيابها ينزل السقف على من فيه ويشتت شمل من فيه، والأصعب من هذا أن لا ترى بين جدرانه إلا مجرد صور من صنع خيالك لمن كانوا يملؤون هذا البيت ابتسامة وحياة، وذكريات تحمل أصوات ضحكاتهم، ولكن اليوم لا الابتسامة دامت، ولا الضحكات، ولا الحياة كذلك..

لم أكن أعلم أن الحياة صعبة إلا بعدما قررت أن أكون الأخت والأم لأخي وأختي بعد رحيل حبيبتي، والأصعب أن تزف أختا بلا أم لتمتزج دموع الفرح بدموع الحزن الذي لم ولن يفارق قلبا بكاهما ويبكيهما إلى الأبد في صمت كي لا ينهار من حولي من شدته..

لم أكن أعلم أن الحياة صعبة إلا بعدما أدركت أنني يجب أن أكون دائما قوية ليس من أجلي لكن من أجل من هم حولي.. حاولت أن أكون قوية وأنا أرى والدي يحبس دموعه كي لا ينهار أمامنا وهو من غيبته الظروف عن رؤية أمي إلا ساعات قليلة قبل رحيلها، وهو أيضا من أراد ذات صباح أن يوقظ ابنه ليذهب إلى عمله ليجد ابنه البار جثة بلا روح..

لم أكن أعرف أن الحياة صعبة حتى أدركت أنني يجب، ورغم خيبات الأمل التي تكسر قلبي في كل مرة، أن أكون قوية مبتسمة رغم الظروف، وكلي أمل وإيمان بأن الغد سيكون أفضل بحول الله الذي لا يخيب معه أمل رغم الألم.. الحياة صعبة والأصعب أن تعيشها دون أمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كلمة انصاف

    الى كل من فقد الاحبة فاعلم ان الدنيا دار شقاء و امتحان ليست دار بقاء, و كل بيت سيذوق طعم الفراق الحاجة و الحزن لا محالة. فاستمدوا قوتكم و صبركم من القوي و تصوروا كيف كان يريد الراحلون رؤيتنا في هذه الدنيا سعداء مبتسمين اقوياء مؤمنين راضون بقضاء الله و قدره. ما دام الدهر بسرور على سلطان و ما تم فالزمان من يبقى سالي. و الايام كفيلة بملئ قلب المؤمن رضى سعادة و ذكريات جميلة.