الحركى الجدد
أصبحت اتهامات عصابات بنغازي الإجرامية تجاه الجزائر لا تتوقف، حتى تبدأ من جديد وبكثافة وجرأة أكبر من السابق، وبعد اتهام الجزائر بدعم نظام العقيد معمر القذافي بالمرتزقة، والطيران الحربي في بداية الأزمة الليبية، ها هي هذه العصابات تذهب إلى أبعد، وتقول إن ميناء جيجل بالجزائر أصبح محطة لتفريغ شحنات الأسلحة قبل شحنها برا نحو ليبيا.. المخيف والمحير في هذه الاتهامات التي يطلقها الانقلابيون ورؤوس العصابات، أنها تجد أذانا صاغية لدى أكبر الدول الغربية المتورطة في الأزمة الليبية، مثل بريطانيا، وأمريكا التي لمحت إلى أنها بصدد التحقق من صحة هذه الاتهامات، كما صرح أحد زعماء الانقلاب المدعو الجنرال عبد الفتاح يونس، وزير دفاع هذه العصابات، أن حلف النيتو نفسه كمؤسسة تدير الحرب وعملية الانقلاب على الشرعية في ليبيا، قد وجه إنذارا للجزائر بالكف عما اسماه “مساعدة نظام القذافي”..
- حتى وإن كانت هذه المواقف والاتهامات تتناقض مع ما يبديه ويتبناه بعض المسؤولين الامريكيين والبريطانيين، في مختلف الدوائر السياسية والعسكرية، بخصوص الثناء على الجزائر في اندماجها في مكافحة الارهاب الدولي، وتعاونها اللامشروط مع الغرب في هذا المجال، إلا إن ثمة ما يبعث على الاعتقاد، بأن هناك نوايا مبيتة لهذه الدول تجاه الجزائر والمنطقة ككل، وأن الثورة المزعومة في ليبيا ما هي إلا مجر ذريعة أو مرحلة أو قاعدة خلفية لتثوير الجزائر وشيطنتها، وإدخالها في مشاكل خطيرة..
- نوايا لا يمكن حجبها بما تقذف به الدوائر الغربية للجزائر من حين لآخر، من ثناء ومديح على اندماجها في العملية الدولية لمكافحة الإرهاب، وعلى بعض الخطوات السياسية والاجتماعية الداخلية، وما يزيد في تأكيد التوجه المعادي للجزائر في هذه الثورة الليبية، هو الاحتضان اللافت لها من طرف فرنسا واعتنائها بالمتمردين والانقلابيين، من حيث توفير الأموال والسلاح والتدريب والتشجيع على ارتكاب أبشع الجرائم والمجازر في حق بقية الليبيين، بالإضافة إلى القصف المدمر الذي تشنه طائراتها على مختلف المنشآت، ودون أدنى تفريق بين المدني والعسكري أو بين الثكنات العسكرية والمستشفيات والمدارس والأحياء السكنية، خاصة في العاصمة طرابلس، وهو الوضع أو العلاقة التي جعلت من هؤلاء المتمردين وقادتهم حركى جددا وليفيفا أجنبيا جديدا، لتحقيق الأهداف الفرنسية في الجزائر، إلى درجة جعلت وزير دفاع هذه الشرذمة يتوعد الجزائر بالويلات، من طرف هذه الثورة بعد الانتهاء من أمر القذافي، كما صرح أول أمس، وهذا ما يجعل الجزائر تعاني الأمرين من هذه الحرب الأهلية القذرة في ليبيا: مرّ الأجندة الفرنسية ومر القوى الغربية الكبرى ككل في سباقها المحموم على النفوذ والتموقع في منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى، حيث الاحتياطات الهائلة من المحروقات والمعادن الثمينة والمواقع الاستراتيجية الحاسمة للمصالح الحيوية، وهذا ما يفرض على الجزائر التصرف السريع والحازم تجاه هذه التهديدات، وباستعمال كل الوسائل والإمكانيات المتاحة، سواء بالالتجاء إلى الشرعية والهيئات الدولية أو غير ذلك، قبل فوات الأوان، ولكن بدل ذلك تبدو السلطات الجزائرية منشغلة في الزهو بما يوزع عليها من طرف القوى الطامعة من نقاط استحسان ومديح مسموم..