-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

!OUI.. MAIS

عمار يزلي
  • 939
  • 1
!OUI.. MAIS

منذ 8 ماي 45، ونحن نعيش على “الأمل” المناقض في الجوهر المتناغم في الكلام بصيغة “نعم.. ولكن..” ..(Oui.. Mais).. بدأ الأمر مع نقض فرنسا الناقضة للعهود كدأبها، مع 45 ألف شهيد خرجوا إيمانا بأن فرنسا الجديدة، ستفي بالعهود.. فرنسا اليسار الذي قاد المقاومة ضد النازية، وبخاصة الشيوعيين بعد دخوله في السرية باسم (l’OS)، هذا الاسم، الذي كان مُلهما للجناح الوطني في “حزب الشعب ـ حركة انتصار الحريات الديمقراطية”، ويكون محمد بلوزداد وآيت أحمد من وراء استلهام هذا الاسم المختصر (المنظمة الخاصة) في تأسيس (l’OS) في الجزائر تمهيدا لتفجير الثورة المسلحة.
فرنسا اليسارية واليمينية التي لا نعول على كلامها وأفعالها لا كثيرا ولا قليلا، هي التي نقضت العهد، بصيغة “نعم.. ولكن” بدءاً من الدستور الفرنسي الجديد بعد الحرب، مرورا بالانتخابات العامة التي أعدِمت في المهد من طرف “شوطان”، من خلال عمله الشيطاني كما كان ينعته الشيخ البشير الإبراهيمي، وبعده “نيجلن”، سيِّئ السمعة، الذي صار مثالا في التنكيت والنذر بشأن كل انتخابات مزوَّرة على المكشوف، حتى صارت الانتخابات المزوَّرة يطلق عليها “انتخابات على الطريقة النيجلية”، نسبة إلى نيجلن الحاكم العام!
عشنا طول فترة ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى وإلى غاية الثورة التحريرية على أمل أن تحل هذه المعادلة “نعم ولكن”.. لكن، نعم هذه، بقيت معلقة إلى آخر يوم من الاستفتاء على تقرير المصير وقال الشعب الجزائر برمته (أكثر من 97 في المائة).. لا لقصة “نعم.. ولكن”! “نعم.. ولكن”، هذه ستبقى حتى مع تأسيس أول حكومة في الدولة الوطنية الجديدة، بسبب الخلافات بين الإخوة الفرقاء.. نعم للاستقلال، لكن.. لا لكذا وكذا.. وبدأت صيغ الامتلاءات الفردية والجماعية من مختلف العصب الثورية: جهويات، إيديولوجيات، زعامات فردية، تكتلات.. إلى أن حُسم الأمر بانقلاب وضع حدا لمعادلة “نعم.. ولكن”. لكن، هذه الـ”لكن”، سيكون لها “نعم” آخر: لكن مع ذلك، سنستمرُّ في الخيار الاشتراكي وسيبقى معنا في الفلك فقط من يؤمن بالخيار الاشتراكي منهجا: لا، للرجعيات الدينية والبرجوازية، لا للرأسمالية والليبرالية التي ستعيد لنا الاستعمار من النافذة بعد أن أخرجناه من الباب.. الواسع، وبقيت حالة “نعم.. ولكن” مستمرة إلى غاية منتصف الثمانينيات، وبدأ العد التنازلي للتنازل عن الخيار الاشتراكي، الذي لم يكن خيارا، بل بصلا، والدليل لدى داعمي هذا الرأي والتوجه الجديد نحو الانفتاح على الغرب، هو “إفلاس” التنمية الاشتراكية مما يستدعي إعادة هيكلة كل ما تم إنجازه والانتقال من “الشركات الوطنية” إلى “المؤسسات”، والتراجع عن التأميمات، وفتح المجال أمام الاستيراد على نطاق واسع.. نعم للاشتراكية.. لكن لا للميزيرية! (حتى إن نكتة قيلت وقتها: الفرق بين بومدين والميزيرية هو أن بومدين كان كولونيل أما لاميزير فكانت جنرال!) وجاءت أحداث أكتوبر 88، وكان الراحل الشاذلي أول من استعمل هذه المعادلة: “نعم.. ولكن” حيث وجه هذا الكلام إلى جهاز الحزب منتقدا إياه لكون هذا الأخير يقول: “نعم للاصطلاحات”، لكنه يقول لها “لا” في الممارسات، وكان عليه أن يغيِّر الدستور في 89، ما مهد لتعددية غير مدروسة ومتسرعة، وعادت نغمة “نعم.. ولكن” وكانت كلمة “لا” هي المسموعة من طرف الشعب الذي طال انتظاره للوفاء بعهد الشهداء.
ويستمرُّ العيش على الأمل بين الـ”نعم” والـ”لكن..”، إلى اليوم، بعدما تداخلت نعم.. مع “لا”، وتداخلت مع “لكن”، ومع ما هو كائن، وما قد كان، ثم، ما قد يكون!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    في بداية الثمانينات إقترضت الجزائر من صندوق النقد وكان ذلك بداية التحول .لماذا الإشتراكية لم تفشل في الصين والنرويج وفي فرنسا لماحكمها الإشتراكيون على مدى سنوات؟ الناس فقط ترى ما يظهر من جبل الجليد وتبني على ذلك آراءها وذلك ليس بالعدل ولا بالمنهج السليم ..فالبحث المعمق هو السبيل ونشر الحقائق مهما تعارضت مع أي مصالح.
    الخطأ الوحيد الذي قد يكون إرتكبه بومدين إقتصاديا هو الصناعة الثقيلة..كان يستطيع أن يبدأ بالصناعة المتوسطة قبل كل شيء لأنها نتائجها تكون أسرع وبالتالي لايستغرق الوصول الى باقي الصناعات كل ذلك الوقت و فترة إرتفاع أسعار البترول كانت في طريقها للإنقضاء رغم أنه ترك بعده ميزانية جيدة