-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ديمقراطيون بلا انتخاب

عمار يزلي
  • 1364
  • 9
ديمقراطيون بلا انتخاب
ح.م

فرنسا التي حاولت أن تساعد نظام بوتفليقة على الخروج الآمن.. له ولها، تثبيتا لمصالحها الدائمة في الجزائر، هي من كانت وراء اتصال السعيد بوتفليقة مع الفريق مدين ومجموعة البليدة حاليا، وذلك قصد ترتيب أوراق المرحلة الانتقالية. تعامل الجيش بطريقة مهنية ومنهجية علمية مع مؤامرة المرحلة الانتقالية التي كانت ستفضي إلى استمرار مصالح فرنسا عن طريق نظام يحمي الاوليغارشيا ونظام بوتفليقة من المحاكمات ومن الاقتصاص ومن النيل من الكيد الفرنسي عن طريق عصابتها في الحكم وخارج دوائر الحكم، هو ما أزعج الدوائر الفرنسية التي حرَّكت أذرعها في كل الاتجاهات بشكل متخبط، لكن مزعج.

الأحزاب المجهرية الجهوية والعرقية “الديمقراطية بلا انتخابات” والمال السياسي والإعلام البزناسي، هم من كانوا يمثلون الأذرع القوية وميليشيات فرنسا في ضرب مؤسسة الجيش عن طريق تعفين الوضع وإطالة عمر الأزمة، محاولة منهم إضعاف قوة الجيش وتيارها الوطني الشاب الذي يقف وراء مشروع كبير وطويل النفس لتطهير البلاد من دنس فرنسا منذ 1830.

هذا الإصرار من طرف الجيش على احترام الدستور، غير المحترم من طرف نظام العصابة، هو من نقل معركة “صفين” إلى معركة “حطين”، عندما أرغم التيار المعاكس، على التخلي تكتيكيا عن فكرة المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي، بعدما خاب أملها في ذلك واصطفّ أغلبية الشعب والحَراك وراء مطلب رئاسيات شفافة وديمقراطية سريعة ومحاسبة بقية المفسدين، واستبدل التكتيك بخطط أوحتها لهم الدوائر الاستخباراتية الفرنسية، كون هذا التيار يستحيل أن يشتغل بمفرده.. بفكرة “العصيان” التي روَّج لها مرتين وفشلت المؤامرة مرتين، حتى قبل الفكرة.. وهذا بفعل بداية فهم الحَراك والشعب المعادلة التي تحكم جزءا من الحراك. وعليه، عادت هذه الأيادي حاليا لتعمل على مخطط آخر هو خلق بؤر فتن اجتماعية ومطالب قطاعية، الهدف منها خلق مناخ من عدم الارتياح والتشويش على لجنة الحوار والوساطة. هذه اللجنة التي أكلت من الوقت الإضافي شهرين، فقط لإرضاء هذه الفئة التي لن ترضى بأي شيء سوى ما يمليه عليه رضا فرنسا.. ذلك أن السلطة كانت ستذهب إلى انتخابات مضمونة الشفافية والنزاهة حتى في ظل حكومة بدوي.. لأن الإرادة سابقة على المراد.

بقي جانبٌ آخر من المشهد، هو موقف الإسلاميين؛ هذا الموقف يمكن تفهُّمه لدى أنصار ومهاجري التيار الإسلامي الراديكالي الذي بقي مستبعَدا من المشهد السياسي زمن العصابة واليوم أيضا. طبيعي ألا يثق هؤلاء في إرادة الجيش والسلطة في التغيير نحو الأفضل، لأنهم غير معنيين بالتغيير. لكن، يجب فهم هذا من باب تخوف السلطة من إثارة حساسية الموقف الخارجي من الإسلاميين، لهذا تحاول السلطة عدم إشراكهم في التحوُّل، لكن هذا لا يعني أنها تحاربهم بنفس الطريقة التي عوملوا بها سابقا، والدليل أن خالد نزار مطلوبٌ للعدالة ومتابَع في مسألة التآمر على البلد، ولكن القضاء سيطال أيضا كل الجانفيين المتبقين وكل من شارك في الانقلاب على الإرادة الشعبية، إن ليس بهذا العنوان فبعنوانٍ آخر هو الزج بالجزائر في أتون حربٍ أهلية لصالح فرنسا وبأمر منها.. أي نبقى دائما في دائرة التهم بالخيانة والتآمر ضد الوطن.

الإسلاميون الوسطيون، متهمون سياسيا بالعمل ضمن صفوف سلطة الموالاة الخلفية، مثلهم مثل بقية أحزاب السلطة مع اختلاف نوعي: معارضة وموالاة.. لهذا فالسلطة لا تتعامل لا مع أحزاب الموالاة ولا مع المعارضة التي اشتغلت لحسابها في زمن العصابة، وهو ما يفسِّر محاولة جمع شمل أنصار التغيير القادم في تيار واحد هو التيار “الباديسي النوفمبري”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • ياسين

    الدم-قراط، يريدون ديمقراطية "الكواليس و الغرف المظلمة" على شاكلة ديمقراطية "مجلس الخماسة لسنة 92" ديمقراطية "الانقلاب على إرادة الشعب و إلغاء المسار الانتخابي" التي قام بها "خالد نزار" و أحزاب الدم-قراط التي ساندته أمثال الأرسيدي و جماعته...فهم لا يريدون ديمقراطية الصندوق الشفاف؟ و صوت الشعب الحر...إنهم يريدون "ديمقراطية التزوير و الصندوق المظلم غير الشفاف؟ هذا ما يريده السعدي و طابو و غيرهم من الدم-قراط؟؟؟

  • Saïd

    لمذا لا تتكلم علي تدهور الحريات و التعتيم الاعلامي الذي ينبع من فكر دكتاتوري لا يتحمل الراي الاخر، المثقف لا يعطي صك على. بياض لسلطة احترفت التزوير و تريد تجد.يد نفسها، اما عن البادسية النفمبرية المزعومة فانتم و اسيادكم بعيدون كل البعد عنها ...

  • العارف بدهاليز السياسة

    ديمقوقراطيون باللعب تحت الطاولة

  • حقائق تاريخية موثقة

    ..جمع شمل أنصار التغيير القادم في تيار واحد هو التيار “الباديسي النوفمبري”. عجيب من يحاول الجمع بل التزاوج بين النوفمبريين الذين رفعوا السلاح في وجه فرنسا والبادسيين الذين كانوا يمدحون فرنسا من خلال كتاباتهم في الجرائد الناطقة باسمهم كجريدة السنة 17 04 1933 :
    لسنا أعداء فرنسا و لا نحن نعمل ضد مصالحها بل نعينها ..
    أوفي جريدة الشريعة 17 07 1933 :المسلم الجزائري مستعد للدفاع عن الارض الفرنسية كما يدافع عن أرضه الجزائرية..
    غايتنا النبيلة تثقيف الشعب الجزائري المرتبط بفرنسا ورفع مستواه الى ما يخدم سمعة فرنسا ..
    بل حاولوا الحاق الجزائر بفرنسا في المؤتمر الاسلامي 1936بمعية الادماجيين والشيوعيين

  • محمد

    هذه المخاوف صحيحة والتصدي لأصحابها واجب لكن الإجراءات غير موفقة لأن الديمقراطية تقتضي إشراك المواطنين في عملية واسعة تستهدف توضيحها لإقناعهم بما يقوم به الجيش من عمليات تكون مبنية على العدالة فقط.الإملاءات التي تعودنا على استقبالها كل أسبوع ليست وسيلة إقناع بل تعطي للمناوئين مبررات لقبول انتقاداتهم.أما دور فرنسا وغيرها فلا مجال للتشكيك في فعاليته لكن لولا تقبل كثير من المواطنين لهذا الاعتداء السافر لما استطاع أي كان أن يتدخل في شؤوننا.القضية القصوى هي كم عدد الموالين للأعداء بيننا؟منذ استقلالنا لم نتحصن ضد استباحة وطننا من طرف من لا يزالون يستعمروننا ثقافيا واقتصادي وحتى سياسيا.ما زلنا عاجزين.

  • مامون

    يجب تغليب مصلحة الوطن فلقد جربنا تسيير اذناب فرنسا فأوصلتنا الى الهاوية فحانت المقاطعة والبدء. مع تيار وطني« مخلص فمدعون الديمقراطية هم من اطاح بها في التسيعينان ووقفوا مع جنرالات فرنسا.

  • دونكيشوت

    ستفهم فرنسا وزبلتها اليوم او غدا بأن دوام الحال من المحال

  • جزائري حر

    لا ديموقراطيون ولا هم يحزنون . بطنيون oui وماللي خلقت الدنيا وسيبقون

  • ياسين

    شكرا الأستاذ عمار على الموضوع القيم...الذي يشرح و يكشف عورة من يسمون أنفسهم "بالديمقراط" الذين يمثلون أذرع الأخطبوط المنفذون لأوامر رأس الأخطبوط "فرنسا"؟ التي لن يهدأ لها بال إلا إذا رأت البلاد تسبح في الفوضى الخلاقة كما حال كثير من الدول "ليبيا، سوريا..." الذين وقعوا في فخ "الاستعمار الخفي" الذي يتحرك بأيدي ابناء البلد و يتكلم لغتها؟ فالحذر كل الحذر من مكر فرنسا و أذرعها الخبيثة؟