أمهات يتفرغن لهواياتهن ويلقين بواجباتهن على عاتق البنات
مع بلوغ الفتاة سن العاشرة، تشرع الكثير من الأمهات في تعليمها أساسيات العمل المنزلي، من ترتيب وجلي الأواني وتنظيف الأسطح، ليتم تهيئة الفتاة تدريجيا لتكون امرأة مسؤولة ونشيطة يمتثل بها في المستقبل. أما بعض الأمهات، فينتظرن هذا العمر بفارغ الصبر حتى يشرعن في تسليم مسؤولياتهن كربات بيوت، حتى يحصلن على متسع من الأوقات الخاصة التي تتيح لهن التمتع بالهوايات وجلسات الفضفضة وحتى السفر.
فتيات يدفعن صحتهن مقابل تهور أم أنانية
جليلة، سيدة في نهاية الثلاثينيات، أم لطفلين، تسنيم ووسيم، تؤكد أنها كانت تنتظر أن تبلغ طفلتها البكر سن التاسعة أو العاشرة، حتى تنجب طفلا ثالثا: “هكذا تفعل الكثير من الأمهات، السبب ليس إعطاء ابنتي الكثير من الاهتمام، وإنما أريد منها أن تصل إلى العمر الذي يسمح لها بمساعدتي في أمور بسيطة، أعتمد عليها حتى أتفرغ قليلا للتربية، كأن تغسل الصحون أو تنظف الأرضية أو ترتب الغرف، ولم لا، تعتني بالصغير وتلعب معه عندما أنشغل بالخياطة”. الأستاذة نادية جوادي، أخصائية نفسية، تستنكر بشدة هكذا تصرفات وتعتبرها: “انتهاكا صريحا لحقوق الطفل والإنسان، إذ لا يعقل أن تسلب الأم طفولة ابنتها، بواجبات فرضت عليها وهي من يجب أن تقوم بها، نظرا للتأثيرات التي تتراكم على البنت لتنتج لنا في المستقبل، إما أما صارمة قاسية وتعاني من كومة عقد تترجمها بالعنف، أو أما متساهلة ومهملة، فتعويض فرص التعلم البطيء والاكتشاف التي يجب أن تكون في حياة الطفل، بإقحامه المباشر في مسؤولية البالغين، قد يشكل لديه انفصاما خطيرا، ويفوت على البنات قبل سن 16 خاصة، التمتع بمرحلة عمرية ضرورية، وهو ما يسبب للكثيرات أزمات نفسية وصحية أيضا، من ضمنها تأخر البلوغ أو البلوغ المبكر، اختلال الهرمونات، حب الشباب المزمن، ومشاكل الغدد.. لهذا على الأمهات تخفيف الضغط عن البنات الأصغر سنا وجعلهن يمارسن هوايات مختلفة ورياضات وتكوين علاقات اجتماعية لتقوية شخصيتهن ومساعدتهن على اتخاذ القرارات الصائبة في حياتهن المستقبلية، في ما يخص الدراسة والعمل والارتباط.
الاستغلال أكثر ما يفسد علاقة الأم بابنتها
تقول السيدة منيرة، عندما بلغت من العمر 13 سنة، كان بإمكان أمي تأميني على والدي وأخوتي ذوي 10 و9 سنوات، وكانت تغادر مع أختي الصغرى للضيافة في ولاية بعيدة جدا، حيث أهلها وعشيرتها، تستمر رحلاتها أحيانا إلى أسبوعين، أتحمل فيها الطبخ والتنظيف والترتيب والعناية بأخوتي.. هذا الأمر، أثقل كاهلي وجعلني أكره المسؤولية وأنظر إلى الزواج على أنه عقوبة، مع أني أجيد عمل كل شيء، رفضت الارتباط، وعندما فرض علي لم أكن أرغب في القيام بدوري كزوجة، لأني أشعر بالاستغلال.. تشكلت لدي حالة نفسية مستعصية، ترتب عليها كسل شديد وتمرد، وتطلب الأمر من زوجي سنوات طويلة من التفهم والمراعاة، وقد بلغنا عتبات المحاكم، قبل أن أهتدي لوحدي إلى وظيفتي في الحياة.. حاليا، لا آمر ابنتي بالقيام بأي شيء لو لم تختر هي مساعدتي، وأرفض جعلها تتحمل عني أي مشغلة مهما كانت بسيطة”. في هذا الصدد، تشير الأستاذة مريم بركان إلى فئة النساء اللواتي يتعاملن مع أبنائهن بدكتاتورية، كملكية خاصة يتصرفن بها، أنهن عادة يعانين من علاقة سيئة مع الأبناء، فالفتاة التي تجد نفسها محرومة من اللعب، أو من متابعة سلسلة كرتون أو ممارسة الرياضة، لأن والدتها التي تقضي وقتا في جمع المال، أو القيام بالتسوق أو الرياضة لفقدان الوزن، كلفتها بتنظيف الحمام، أو ترتيب الصالة وغسل الصحون، لابد من أن تشعر بالاستغلال والحرمان والكره حيال والدتها”.