-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وقف استيراد الوقود وعقود ضخمة وتعاظم الدور الجزائري

بالتفاصيل.. هذه إنجازات قطاع الطاقة خلال أربع سنوات

حسان حويشة
  • 2193
  • 0
بالتفاصيل.. هذه إنجازات قطاع الطاقة خلال أربع سنوات
أرشيف

لعل أبرز ما ميز السنوات الأربع الماضية طاقويا، هو تعزز مكانة الجزائر عالميا بشكل لافت، ما جعل منها محور اهتمام دولي وأوروبي بصفة خاصة، في ظل التحولات الجيوسياسية الحاصلة، وتطلعات لأن يتعاظم الوزن الجزائري بقطاع الطاقة خلال السنوات القادمة، كما تم خلالها أيضا وقف واردات الوقود لأول مرة منذ عقود، مع توالي الاكتشافات النفطية والغازية، وإطلاق أكبر مناقصة للطاقات المتجدّدة في تاريخ البلاد.
رغم انتشار جائحة “كوفيد 19” بداية عام 2020، وما خلفته من شلل في عديد المجالات، ونجم عنه تراجع كبير في إيرادات البلاد من تصدير المحروقات وانخفاض أسعار النفط إلى مستويات دنيا، إلا أن قطاع المحروقات سرعان ما استعاد حيويته وسجل العديد من الاكتشافات في مجال النفط والغاز، أغلبها من طرف الشركة الوطنية للمحروقات “سوناطراك”.
ففي الفترة ما بين بداية عام 2020 ونهاية 2022، حققت الشركة الوطنية ما مجموعه 35 كشفا نفطيا وغازيا، واحد منها فقد كان بالشراكة مع مجموعة الطاقة الإيطالية “إيني” والبقية أي 34 بمجهود ذاتي لـ”سوناطراك”.
وعلى نفس المنوال، نسجت “سوناطراك” خلال العام الجاري، من خلال تحقيق 10 اكتشافات جديدة للنفط والغاز في السداسي الأول من 2023، ومن المرجّح جدا أن تعلن الشركة الوطنية عن اكتشافات أخرى تتعلق بالسداسي الثاني.

اتفاقيات ثنائية لتطوير حقول نفطية وغازية
وكون قانون المحروقات الجديد قد دخل حيز التنفيذ نهاية 2019، وصدرت نصوصه التنظيمية والتطبيقية في عام 2020، فقد وقّعت الشركة الوطنية للمحروقات عدة اتفاقيات كبرى مع شركات طاقة عالمية لتطوير اكتشافات نفطية وغازية خصوصا بولايات الجنوب.
وكترجمة لذلك، وقعت الشركة الوطنية على عدد معتبر من الاتفاقيات الثنائية على غرار “إيني” الإيطالية و”توتال” الفرنسية و”أوكسيدنتال” الأمريكية وسينوباك الصينية وغيرها، لمباشرة استثمارات في حقول بالجنوب الكبير، سيكون لها مفعولها على المديين المتوسط والبعيد في زيادة إنتاج البلاد النفطي والغازي بشكل لافت.

تعاظم الدور الطاقوي العالمي للجزائر
هبت رياح الحرب الروسية – الأوكرانية بما تشتهيه سفن الطاقة في الجزائر، وخصوصا ما تعلق بالغاز، وأيضا أسعار النفط التي قفزت إلى مستويات قياسية لم تبلغها منذ نحو 15 سنة.
ومباشرة بعد اندلاع الحرب وتحول الاهتمام الأوروبي إلى دول أخرى للبحث عن مصادر غاز بديلة للإمدادات الروسية، حتى تعاظم الاهتمام بالدور الجزائري كمورد بارز بهذا المصدر الطاقوي، خصوصا وأن القارة العجوز ترتبط بها عبر 3 خطوط أنابيب اثنان منها في حالة نشاط والثالث توقف منذ نوفمبر 2021.
وعلى إثر ذلك، تحولت “سوناطراك” إلى أول مورد لإيطاليا بالغاز الطبيعي بعد التناقص التدريجي للإمدادات الروسية، وأيضا عقب توقيع اتفاق مع شركة “إيني” في 11 أفريل الماضي، يقضي بإمداد البلد الأوروبي بكميات إضافية من الغاز تصل 9 مليارات متر مكعب، باستغلال قدرات النقل المتاحة عبر خط الأنابيب “ترانسماد-إنريكو ماتاي” الذي يربط البلدين عبر البحر المتوسط مرورا بتونس.
كما عادت الجزائر إلى سوق الغاز السلوفينية بعد غياب دام عشر سنوات، عقب توقيع عقد في 15 نوفمبر بين “سوناطراك” شركة “جيوبلن” السلوفينية، يقضي بتصدير الغاز الجزائري نحو سلوفينيا بداية من شهر جانفي 2023 وإلى غاية عام 2026، بكميات تقدّر بـ300 مليون متر مكعب سنويا.
وفي خضم كل ذلك، صارت الجزائر مقصدا لعديد المسؤولين الغربيين سواء سياسيين أم مديرين عامين لشركات طاقوية كبرى، بحثا عن عقود جديدة أو لزيادة الإمدادات الغازية، فضلا عن مسؤولين سامين أيضا من الاتحاد الأوروبي.

أوروبا توافق على تمويل ممر الهيدروجين الجزائري
وفي ظل تعاظم الدور الطاقوي للجزائر، وافق الاتحاد الأوروبي رسميا على إدراج ممر (رواق) الهيدروجين الجنوبي الثاني، الذي ينطلق من الجزائر ويصل ألمانيا عبر تونس وإيطاليا والنمسا، كمشروع ذي أهمية مشتركة، ما يتيح تنفيذه بإجراءات سريعة، وأيضا تمكينه من أرصدة مالية لتمويله.
ونهاية نوفمبر الماضي، أصدرت المفوضية الأوروبية بيانا ذكرت فيه أن مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي الثاني المعروف بـSoutH 2 Corridor، الذي ينطلق من الجزائر ليصل ألمانيا، قد تم إدراجه في القائمة السادسة لمشاريع الاتحاد الأوروبي ذات الاهتمام المشترك.

فرض مراجعة أسعار الغاز على معظم شركاء سوناطراك
وفي ظل التطورات والتحولات الجيوسياسية التي فرضتها الحرب الروسية – الأوكرانية منذ فيفري 2022، فرضت الجزائر من خلال شركة “سوناطراك”، على معظم شركائها الغازيين مراجعة أسعار هذا المورد الطاقوي، بما يتماشى مع مقتضيات وواقع السوق التي أملتها الأزمة.
وتم على إثر ذلك، مراجعة أسعار الغاز ورفعها في إطار العقود التي تربط الشركة الوطنية مع كل من “إيني” و”إينال” و”أديسون” وهي شركات إيطالية، فضلا عن “ناتورجي” و”إينديسا” الإسبانية وشركاء آخرين في أوروبا خصوصا.

وقف واردات الوقود لأول مرة منذ عقود
وخلال عام 2020، أعلنت “سوناطراك” وقفا نهائيا لواردات البلاد من الوقود، بعد سنوات طويلة من استيراد هذه المادة في ظل عدم قدرة منشآت التكرير المحلية على تلبية الطلب الداخلي من المشتقات النفطية.
وتشير حصيلة الشركة الوطنية لعام 2020 إلى أنه تم وقف واردات المازوت اعتبارا من شهر مارس، أما البنزين، فقد توقف شراؤه من الخارج اعتبارا من شهر أوت.
وفضلا عن وقف الواردات، ذكرت حصيلة “سوناطراك”، أن عام 2020 تصدير هذه المشتقات النفطية إلى الخارج، منها 620 ألف طن من المازوت و93 ألف طن من البنزين.

أكبر مناقصة للطاقات المتجدّدة في تاريخ البلاد
بعد عقود وسنوات طويلة من الترنح والمد والجزر في ملف الطاقات المتجدّدة، أطلقت أخيرا مناقصة إنتاج 2000 ميغاواط كم الكهرباء انطلاقا من محطات للطاقة الشمسية وهي الأكبر في تاريخ البلاد.
وقبل أيام قليلة جرى فتح الأظرفة الخاصة بهذه المناقصة التي تضمنت انجاز 15 محطة شمسية كهروضوئية بسعة تتراوح من 80 إلى 200 ميغاواط لكل واحدة منها، والتي ظفرت بها مجمعات صينية وتركية وأخرى جزائرية.
وتعتبر هذه الخطوة إيذانا بدخول الجزائر رسميا نادي الطاقات المتجدّدة، بالنظر للمقدرات الهائلة التي تتوفر عليها وتصنيفها من طرف الوكالة الدولية للطاقة على أنها تحتوي على أكبر حقل شمسي في العالم من حيث عدد ساعات سطوع الشمس في السنة، لكن ولعقود طويلة، ظل إنتاج الكهربائي من مصادر متجدّدة ضعيفا.
وستمكن هذه المحطات الـ15 من إنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء النظيفة، ستضخ في شبكة النقل الوطنية، لكنها أيضا ستوفر على البلاد و”سوناطراك” حرق ملايير الأمتار المكعبة من الغاز الذي كان يستخدم لإنتاج الكهرباء، وسيستخدم إما للاستهلاك الداخلي أو التصدير للخارج.

العملاق النائم بـ”غار جبيلات” يتحرك أخيرا
وفي ملف المناجم، يبرز مكمن “غار جبيلات” للحديد بولاية تندوف، الذي قيل عنه الكثير لعقود باعتباره واحدا من بين الأكبر عالميا من حيث الاحتياطات، بتقديرات تفوق الـ3 مليار طن، لكنه بقي دون استغلال لفترة طويلة.
وفي 30 نوفمبر 2023، أجرى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون زيارة رسمية إلى ولاية تندوف خصص حيز منها لهذا المشروع الضخم، والذي دخل أولى مراحل الاستغلال قبل نحو عام.
وخلال الزيارة، وضع رئيس الجمهورية حجر الأساس لمشروع إنجاز مصنع المعالجة الأولية لخام حديده، الذي يعد أحد أهم المشاريع الهيكلية التي تعول عليها البلاد لتنويع الصادرات وتثمين المقدرات الوطنية.
وألح رئيس الجمهورية في عديد المناسبات على ضرورة تجسيد هذا المشروع ضمن مقاربة “مدمجة وبشكل تكاملي” مع مختلف المشاريع الصناعية والبنى التحتية المرتبطة به، فضلا عن الالتزام بأجندة زمنية محدّدة لتنفيذه على ارض الواقع، ورفع مستويات الإنتاج في أقرب الآجال وتسريع إنجاز خط السكك الحديدية المرافق الرابط بين تندوف وبشار (950 كلم) المخصص لنقل خام الحديد نحو مواقع التحويل والاستغلال.
ويتربع المنجم على ثلاث مناطق استغلال وهي “غار جبيلات غرب” و”غار جبيلات وسط” و”غار جبيلات شرق”، فيما تضم منطقة الغرب احتياطيا يقدر بنحو 1.7 مليار طن.
وسيمر هذا المشروع الهيكلي بعدة مراحل ممتدة من 2022 إلى 2040، حيث سيتم خلال المرحلة الأولى الممتدة من 2022 إلى 2025، استخراج 2 إلى 3 مليون طن من خام الحديد ونقله برا إلى بشار، في انتظار إنجاز خط السكة الحديدية الرابط بين بشار و”غار جبيلات”.
أما المرحلة الموالية، ابتداء من 2026، فستنطلق مباشرة بعد إنجاز خط السكة الحديدية، حيث سيتم استغلال المنجم بطاقة كبرى تسمح باستخراج 40 إلى 50 مليون طن سنويا.
وضمن إطار المقاربة المندمجة لتثمين الثروة المنجمية لـ”غار جبيلات“، سيتعزز هذا الأخير بمركب للحديد والصلب بولاية بشار والمقرر استلامه سنة 2026 باستثمار قوامه 1 مليار دولار.
وفي ذات السياق، أطلقت شركة “سونلغاز” دراسة لإنشاء محطة شمسية لإنتاج الكهرباء وتزويد هذا المشروع الحيوي بالطاقة من مصادر نظيفة لا تنضب.

منجم الزنك ببجاية يخرج أخيرا من الأرض
كما خرج مشروع منجم الزنك والرصاص بأميزور بولاية بجاية من النفق، حيث أشرف وزير الطاقة والمناجم مطلع نوفمبر 2023 على وضع الحجر الأساس لاستغلاله.
وبعد عقود من الانتظار ستتمكّن البلاد من استغلال مقدرات هذا المنجم الهام، الذي هو ثمرة شراكة جزائرية-أسترالية، والذي تقدّر احتياطاته بنحو 34 مليون طن من المعدن الخام سنويا، سينتج 170 ألف طن من مركز الزنك و30 ألف طن من مركز الرصاص، وسيسمح باستحداث 800 وظيفة مباشرة و4000 منصب آخر غير مباشر، فضلا عن تلبية حاجيات السوق المحلية وتصدير الفائض على الخارج.

الخبير بغداد مندوش: تتويج جهود الرئيس الدبلوماسية بمكاسب كبرى
وفي السياق، يرى الخبير بمجال الطاقة والإطار السابق بشركة “سوناطراك”، بغداد مندوش، أن الجزائر اغتنمت عديد الفرص في السنوات الأربع الماضية في المجال الطاقوي، وحققت العديد من الإنجازات، كما توجت الجهود الدبلوماسية للرئيس عبد المجيد تبون بالتوقيع على اتفاقيات ضخمة وتاريخية.
وأوضح مندوش لـ”الشروق”، أن الشركة الوطنية للمحروقات “سوناطراك” اغتنمت الفرصة جيّدا في 2022، بالنظر للوضع الجيوساسي الذي نجم عن الحرب الروسية – الأوكرانية، وتمكّنت على إثر ذلك من تصدير مزيد من الغاز لأوروبا، وخصوصا فرنسا التي تضاعفت الكميات المصدّرة إليها في السداسي الثاني من العام الماضي والثلاثي الأول من 2023.
واعتبر مندوش أنه بالنسبة للجزائر كان الحدث الأبرز والتاريخي ما تعلق بالمشروع الضخم لـ”سوناطراك” مع مجموعة “إيني” الإيطالية في جويلية 2022، والذي توج جهود الدبلوماسية للرئيس عبد المجيد تبون مع الرئيس الإيطالي ورئيس الوزراء حينها ماريو دراغي، الذي تنقل إلى الجزائر العاصمة للتوقيع على العقد.
وأشار المتحدث إلى أن هذا العقد الضخم الذي تبلغ قيمته 4 ملايير دولار يهدف إلى إنجاز أشغال إضافية للبحث والتنقيب بمئات الآبار بحوض بركين، كما يستهدف أيضا زيادة حجم صادرات الغاز نحو إيطاليا بنحو 4 مليارات متر مكعب ما سيرفع الحجم الإجمالي للمبيعات نحو هذا البلد بحلول 2030 إلى 27 مليار متر مكعب.
وعرج مندوش على ما وصفه الاتفاق الاستراتيجي بين “سوناطراك” و”إيني” لتطوير الطاقات المتجدّدة، وخصوصا الشمسية لتزويد منشآت الشركة الوطنية في الجنوب بالكهرباء، ما سينجر عنه استرجاع الغاز الذي كان موجها للمحطات الكهربائية وتصديره.
كما سجل أيضا إطلاق مشروع هام للبيتروكيماويات، حسب مندوش، بأرزيو بولاية وهران لإنتاج البيلوبروبيلان، بقيمة 1.5 مليار دولار والذي أسندت أشغال انجازه لـ”بيتروفاك” البريطانية وشركة صينية.
ولفت محدثنا إلى أن السنوات الأربع الماضية تميزت أيضا بجهود حثيثة لاسترجاع الغازات المحروقة في الحقول قدّر حجمها ما بين 4 غلى 5 مليار متر مكعب في العام، إضافة لاستثمارات جرى تنفيذها وأخرى مستمرة في إطار جهود بلوغ صفر (0) غاز محروق، وهي إجراءات سيكون لها مفعول مباشر على حجم الغاز المصدّر أو المستهلك محليا، وحماية طبقة “الأوزون” وتفادي دفع رسوم حرق الغازات.
ومن الإنجازات أيضا تحدث مندوش عن مشروع رفع الإنتاج بحقل حاسي الرمل أو ما يعرف بـ”بوستينغ”، إضافة إلى مركز حاسي مسعود الجديد لمعاجلة المحروقات بطاقة 60 ألف برميل نفط يوميا، و2 مليون متر مكعب من الغاز، يضاف لهما مشروع شبكة جمع الغاز بحقل تينهرت الذي سينتج 10 مليون متر مكعب يوميا من الغاز بحلول 2025.
كما تمكنت الجزائر، يؤكد محدثنا، من وقف واردات الوقود من خلال إنتاج كاف من مصافي التكرير، ما وفر على البلاد واردات كانت تصل 2 مليار دولار، كما تم إطلاق مشروع مصفاة حاسي مسعود الجديدة.
وبخصوص الطاقات المتجدّدة، شدّد مندوش، على أن الرئيس عبد المجيد تبون، كان قد أعطى توجيهات وتعليمات في عام 2021 للوزارات والهيئات المعنية لجعل الجزائر فاعلا عالميا في هذا المجال، من خلال تحديد عدة أهداف رئيسية، منها جعل إسهام هذا النوع من الطاقات يصل 27 بالمائة في المزيج الطاقوي الوطني.
وعرج نفس الخبير على ملف المحطات الشمسية الكهروضوئية، وقيام مجمع “سونلغاز” بفتح الأظرفة الخاصة لمشروعين كبيرين، الأول لإنجاز 15 محطة بطاقة 2000 ميغاواط، والثاني 5 محطات بطاقة 1000 ميغاواط.
وختم بالقول: “المناقصة شهدت مشاركة 130 شركة أجنبية و30 وطنية ما يدل على جاذبية الجزائر في هذا المجال، خصوصا أن البلاد تتوفر على 3000 آلاف ساعة لسطوع الشمس سنويا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!