-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سليمان حاشي يتحدث لـ"الشروق" عن مشاريع المركز الإقليمي

توظيف خبرة الجزائر لحماية التراث الثقافي الإفريقي

زهية منصر
  • 1298
  • 0
توظيف خبرة الجزائر لحماية التراث الثقافي الإفريقي
أرشيف
سليمان حاشي

يعتبر المركز الإقليمي لحماية التراث الثقافي اللامادي الإفريقي، الذي تحتضنه الجزائر، أحد أهم المراكز الإقليمية السبعة التي أنشأتها منظمة اليونسكو عبر العالم، التي تعمل على تأطير الدراسات والبحوث والملفات التي لها علاقة بالتراث الثقافي، حيث تتواجد بآسيا أربعة مراكز تحتضنها كل من الصين، إيران، اليابان، كوريا الجنوبية، ومركز واحد في أوروبا، يتواجد في بلغاريا، ومركز في أمريكا اللاتينية ومقره في البيرو، بينما تحتضن الجزائر المركز الإقليمي لقارة إفريقيا. في هذا الحوار، يتوقف مدير المركز، البروفيسور سليمان حاشي، عند دور ومهام المركز وكذا مشاريعه للعام الجاري، خاصة أن اليونسكو خصصت عام 2023 للاحتفال بعام إفريقيا، إضافة إلى الوقوف على تقييم اتفاقية 2003، بعد مرور عشرين عاما على بداية العمل بها.

أنشئ المركز الإقليمي لحماية التراث الإفريقي اللامادي في 2014 ومقره الجزائر، كيف تقيمون مسيرة وعمل هذا المركز حتى الآن؟

المركز الإقليمي لحماية التراث الثقافي الإفريقي هو أحد المراكز الإقليمية السبعة، التي أنشأتها منظمة اليونسكو، وتتشرف الجزائر باستضافة مقره. هو مركز من الفئة 2، ينشط تحت مظلة اليونسكو، تم إطلاقه بعد اتفاقية بين الحكومة الجزائرية والمنظمة الأممية، في فيفري 2014، وتمت المصادقة عليه بمرسوم رئاسي في ديسمبر 2015، وانطلق في العمل سنة 2016 كمركز تابع للمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ.. وهذا شيء طبيعي وعادي، لكون العمل الذي كان مركز “السي أن بي أش” يقوم به على المستوى الوطني سيقوم به المركز الإفريقي على المستوى القاري.
أطلق المركز نشاطاته سنة 2015 على هامش تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية بتنظيم ورشة حول السياسيات العمومية في مجال صون التراث الثقافي في إفريقيا، لأننا لاحظنا أن بعض الدول في القارة لديها نقص في هذا الجانب، ولا يمكن صون التراث في ظل غياب سياسية عمومية تؤطر وتسطر البرامج والخطط.
الورشة انتهت بجملة من الملاحظات والتوصيات المتوجهة للدول الإفريقية حول كيفية تسطير السياسيات العمومية في مجال حماية التراث. وهذا بحضور ممثلين وخبراء عن 24 دولة من قارة إفريقيا.
الجزائر تملك تجربة رائدة في هذا المجال، حيث يوفر قانون 98/04 المؤرخ في 1998 إطارا لحماية وصون التراث وقد تم تعزيزه بمراسيم رئاسية ومقررات وزارية التي تسمح للجزائر اليوم بأن تكون نموذجا يمكن عرضه لغيرنا من الأصدقاء الأفارقة، ونحن على تواصل وتعاون دائم مع أصدقائنا وشركائنا في عدة دول إفريقية.. على سبيل المثال، كوت دفوار، غينيا، وغيرهما من الدول.. وهذا في إطار التوصيات التي خرجت بها هذه الورشة.
الورشة الثانية التي أشرف عليها المركز، كانت في جويلية 2019 في تيبازة بالعاصمة، وتناولت موضوع تدابير الحماية وصون التراث اللامادي. وهذا ضمن نشاطات اتفاقية 2003. وهذا بحضور 40 خبيرا دوليا في مجال حماية التراث و28 دولة إفريقية. وخرجت أيضا هذه الورشة بتوصيات. وفي نفس السنة، أي في 2019، احتضنت الجزائر الاجتماع الدوري للمراكز الإقليمية. وهذا بحضور مدراء المراكز السبعة الذين اجتمعوا في الجزائر وطرحت أفكار ومشاريع، بعضها على المدى القصير وأخرى على المدى الطويل، حول صون التراث الثقافي من بينها الاشتغال على أطلس عالمي يجمع كل التراث العالمي المصنف بما فيها إيجاد نسخة رقمية من الأطلس الذي يمكن المتصفح من الولوج إليها عبر عدة مواضيع منها المهارات وأماكن التصنيف والزيارات والموسيقى وغيرها.

يجري حاليا التفكير في تغيير الصبغة القانونية للمركز، لماذا؟

في 2020، منحنا للمركز صبغة قانونية كمؤسسة بحثية ذات طابع إداري، ولكن هذه الصيغة تواجه عدة صعوبات، منها عدم تمكنه من العمل على المستوى الدولي وعدم الانتظام في صرف ميزانية سنويا بشكل دوري.. لهذا يجري العمل حاليا على تغيير الصيغة القانونية للمركز ليصبح مؤسسة بحثية ذات طابع علمي وتكنولوجي. وبالمناسبة، نحيي جهود الوزيرة مولوجي، التي تسهر معنا على تحقيق هذا التغيير. وصدر قرار وزاري مشترك لتوظيف باحثين ومهندسين وإداريين وتوظيفات أخرى لصالح المركز.
لدينا الخبرة والتجربة من خلال أعمال سابقة ضمن المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، الذي ينتظر أن يصبح مركزا متخصصا في البحث في تراث شمال إفريقيا، لدينا الخبرة من خلال إدارة عدة ملفات، بما فيها تلك التي أنحزت بالشراكة مع دول شقيقة وصديقة، يمكن استغلال هذه التجربة في الإثراء والدفع بأعمال المركز الإفريقي.

ما أبرز مشاريع المركز الإفريقي للتراث لسنة 2023؟

هناك عدة ملفات ومشاريع يشتغل عليها المركز حاليا، من بينها دوره في التنسيق بخصوص رفع ملف تصنيف لعبة شعبية إفريقية، تعرف عندنا “بالخربقة”، حيث تم الاتصال بنا من الاسيسكو “منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم”، قصد التنسيق مع الدول الإفريقية المسلمة لتقديم ملف تصنيف اللعبة في الاسيسكو، تمهيدا لرفع ملف التصنيف لليونسكو حول لعبة الخربقة، هي لعبة شعبية معروفة في أغلب الدول الإفريقية وتختلف تسميتها من دولة إلى أخرى لكن مبدأها واحد.
سيعقد اجتماع تنسيقي في 22 فيفري الجاري بنواقشط، وسنكون ضمن الوفود المشاركة، لدينا أيضا عدة مشاريع تنسيق وتعاون لتقديم الاستشارة والمساعدة عن طريق المركز لعدة بلدان إفريقية لجرد تراثها على غرار جزر القمر، مالي، البنين، موريتانيا، وغيرها.

اختارت اليونسكو سنة 2023 لتكون سنة إفريقيا لديها، ما دور المركز في هذا الاتجاه؟

ستكون سنة 2023 عام حافل بالنشطات لأن هذه السنة اختيرت من طرف اليونسكو لتكون سنة إفريقيا لدى اليونسكو. وبهذه المناسبة، ستحتضن الجزائر خلال الفترة الممتدة من 24 إلى 30 أفريل المقبل ورشة لتقديم التقرير الإقليمي الدوري بحضور 44 دولة في اجتماع رفيع المستوى لتقيم اتفاقية 2003 بعد 20 سنة من إقرارها، حيث يجري الحديث عن مكاسب إفريقيا من هذه الاتفاقية والوقوف على النقائص، فمن بين 700 عنصر صنف عبر العالم لم تسجل إفريقيا إلا 90 فقط، وهذا رغم كون إفريقيا معهد وحاضنة التراث الإنساني.
إفريقيا اليوم تعاني من نقائص في الجمعيات العاملة في مجال التراث والخبرة اللازمة في مجال حفظ وصون التراث، نحاول خلال هذا الاجتماع بحث النقائص والحلول الممكنة.
لدينا بعض الأفكار لاقتراحها مثل التنسيق بين المراكز الوطنية والجهوية في إفريقيا وربطها مع المراكز الدولية ونشيط دورها لتوجيه العمل الفكري للخبرة ولفائدة التراث الإفريقي. كما سيعرف هذا الحدث على الهامش تنظيم معرض للتراث الإفريقي، الذي يضم كل العناصر الإفريقية التي تم تصنيفها.
وفي إطار البرنامج نفسه نعمل على برنامج لترجمة نصوص التراث الإفريقي، منها اتفاقية 2003 إلى اللغات الإفريقية، بحيث نعمل كل سنة على ترجمة إلى ست لغات حتى نغطي كل اللغات الإفريقية.
يشتغل المركز في شكل فرق بحث تم إطلاقها في انتظار إتمام التعديل القانوني للمركز وتنشطيها. ويتعلق الأمر بفريق بحث حول الألعاب الشعبية الإفريقية، فرقة حول التصوف الإفريقي، وفريق حول الموسيقي والروحانيات، فريق بحث آخر حول السياسيات العمومية للتراث في إفريقيا، وفريق آخر حول الحكاية الإفريقية.. وأخيرا، فريق حول كيف يتصور الإنسان الإفريقي نفسه، ويتضمن الوشم التجميل الأقنعة.

هل ثمة مشاريع تعاون مشتركة مع دول إفريقية؟

نحن دائما على تواصل مع الأشقاء والأصدقاء في القارة السمراء، الجزائر لديها تجربة رائدة يمكن تقاسمها، بحيث تتوفر الجزائر على إطار قانوني محكم يمكن أن يكون نموذج للتعاون مع أصدقائنا في إفريقيا.
الجزائر كانت سباقة إلى إطلاق بنك للمعلومات في مجال التراث الثقافي في 5 أكتوبر 2003، الذي جاء كتكملة لقانون 04/98، المؤرخ في 1998 الذي يعنى بحماية وصون التراث الثقافي، البنك الوطني للمعلومات، الذي يدخل في صلب المجموعة الإفريقية في مجال حماية التراث، كونه خطوة مهمة في مجال الجرد وحماية التراث اللامادي، لكون التراث شيئا حيا، يطلب دائما التحيين والعمل على تغذية هذا البنك بالمعلومات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!