لهذا السبب يجب الحجر على مرضى الزهايمر

يصادف تاريخ 21 سبتمبر، من كل عام، اليوم العالمي لداء الزهايمر، الذي صار يعرف تناميا رهيبا في مجتمعنا، في ظل عدم كفاية التكفل الطبي والرعاية الاجتماعية بتلك الفئة من المرضى، الذين يعانون في صمت رفقة عائلاتهم ومن يتكفل بمرافقتهم، فضلا عما يتعرضون له من نصب وسرقة لأموالهم وممتلكاتهم، سواء من قبل الغريب أم القريب. الأمر الذي يجعل الحجر عليهم أكثر من ضرورة.
اضطراب دماغي
مرض الزهايمر، هو اضطراب دماغي يُدمر الذاكرة ومهارات التفكير ببطء، إلى أن يصل المريض إلى العجز عن القيام بأبسط مهامه واحتياجاته اليومية، كالأكل والشرب والنظافة الشخصية، مع نسيان أبنائه وأقاربه وزوجته، إلخ.. وتبدأ أعراض المرض بالظهور بعد سن 65 عاما، في 70 بالمئة من الحالات.
وتتمثل في التوهمات، الوساوس والشكوك، التوتر، قلة النوم، نسيان الأحداث القريبة، وتكرار الأسئلة.. إلا أن هذا الداء بات يمتد ويفتك بالفئات الأقل سنّا، بسبب عوامل متعددة، منها الاستهلاك المفرط للتبغ والكحول.
وفي هذا الإطار، تؤكد السيدة جميلة مقراني، رئيسة جمعية “ونسني” لمساعدة مرضى الزهايمر، الكائن مقرها بالرغاية “أنه لا توجد إحصائيات رسمية من وزارة الصحة، حول عدد المصابين بالزهايمر في الجزائر، ولكن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أكثر من 300 ألف جزائري مصاب بالزهايمر، يعانون من جملة من الأمراض العضوية والاضطرابات النفسية والاجتماعية والمعرفية المصاحبة للمرض، أبرزها تدهور العمليات المعرفية، كالإدراك، الانتباه، حل المشكلات، ضعف الذاكرة، الاكتئاب، القلق، الضغوط النفسية، الاضطرابات الجنسية، أمراض الجهاز العصبي والهضمي، أمراض القلب والأوعية الدموية إلخ.”
أعباء وتحديات تواجه مرافقي المرضى
والمؤسف، أن معاناة مرضى الزهايمر قد تمتد لتشمل عائلاتهم وأقاربهم وجيرانهم، وخاصة الأشخاص الذين يتكفلون برعايتهم الصحية، فنجدهم يعانون في صمت من جملة من المشاكل، منها كما تقول السيدة مقراني: “عدم الإلمام بأساليب الرعاية الصحية السليمة، الأمر الذي يستنزف صحتهم ووقتهم، الإحراج الذي يتعرضون له إذا ما قام مريض الزهايمر بتصرفات غريبة كالتفوه بألفاظ نابية أو خلع ملابسه أمام الملء، فضلا عن الشعور بالذنب، إذا ما
قصّروا يوما في مراقبة المريض، وهي الحالات التي أدت أحيانا إلى ضياع الكثير من مرضى الزهايمر، أو إقدامهم على ارتكاب كوارث في حق الآخرين أو في حق أنفسهم، كحرق المنزل مثلا.”
لهذا، تضيف محدثتنا: “من أهم التحديات التي تواجه المرافقين الأسريين لمرضى الزهايمر: فهم فيزيولوجيا المرض، وكيف ينعكس على الجانب البيونفسي والاجتماعي للمريض والمرافق له، بالإضافة إلى ضرورة اكتساب مهارات لتسيير الأعراض المصاحبة للمرافقة، مثل العبء النفسي، الجسمي، الاجتماعي، والمادي. ومختلف الاضطرابات النفسية والأمراض العضوية المصاحبة لمرافقة مريض الزهايمر، وذلك للتقليل من حدتها، سواء عليه أم على المرافق له.”
مرضى زهايمر يتعرضون للسرقة
ولأن المصائب لا تأتي فُرادى، فإنه وإضافة لمشاكلهم الصحية والاجتماعية، يتعرض الكثير من مرضى الزهايمر لسرقة أموالهم وأملاكهم، سواء من طرف الغرباء أم الأقارب. تؤكد السيدة مقراني: “إذ قد ينفرد أحد أولاد المريض باستغلال منحة تقاعده، وخاصة إذا كانت بالأورو، دون بقية إخوته، الذين قد يحرمهم حتى من رؤيته أو زيارته، فأنا أعرف سيدة قامت بكراء منزل لوالدتها المريضة بالزهايمر كي لا يعرف باقي أولادها إليها سبيلا لتستولي على منحة تقاعدها.
كما أن الكثير منهم يتعرضون لسرقة منحة تقاعدهم، حينما يذهبون لمركز البريد لسحبها. مثلما حدث مع المرحوم أبي، الذي كان مصابا بالزهايمر، حيث سحب كل أمواله بالعملة الصعبة ومنحها لأشخاص غرباء، لم نستطع لحد اليوم تحديد هوياتهم. لهذا، ننصح كل من لديه مريضا بالزهايمر، بأن يقوم بالحجر عليه، لكي يحميه من الاحتيال عليه، وما قد ينجر عن سرقة أي طرف لأمواله واستغلالها دون وجه حق.”
الحجر أصبح أكثر من ضرورة
وفي ذات السياق، تؤكد الأستاذة مرايدي رقية، محامية معتمدة لدى المحكمة العليا، أن “ظاهرة النصب والاحتيال على مرضى الزهايمر وسرقة أموالهم في تزايد مستمر، للأسف. وتحدثنا، في هذا الإطار، عن قضية شهدتها مؤخرا، لمريض اتضح أن زوجة ابنه الذي كان يرعاه، حوّلت منحة تقاعده إلى حسابها الخاص، بالتواطؤ مع موظف بمركز البريد.
ولم تكتشف بناته ذلك إلا بعد وفاته. والاحتيال على هؤلاء لا يقتصر على أقاربهم فقط، وإنما الغرباء كذلك، قد يستغلون وضعهم الصحي. فأنا أذكر حالة لمريض زهايمر، تم النصب عليه بتواطؤ عدة أشخاص
ليقوموا بنقل ملكية عقاراته لصالحهم، رغم أنه محجور عليه من طرف أهله، الذين اكتشفوا الأمر بعد وفاته، لتذهب القضية إلى العدالة قصد إلغاء البيع.”
ولأجل تفادي كل ذلك، وحماية أملاك وأموال مرضى الزهايمر، تحث المكلفة بالشؤون القانونية بجمعية “ونسني” لمساعدة مرضى الزهايمر، المحامية رقية مرايدي “بضرورة الحجر على هؤلاء، بمجرد أن تظهر عليهم أعراض المرض، سواء من طرف أحد الأقارب أم من طرف النيابة العامة، لمنعهم من التصرف في أموالهم وتكليف مُقدّم يتصرّف في ذمتهم المالية. وحبذا، لو يكون شخصا له ضمير، كي لا ينهب بدوره أموال المريض ويرعاه رعاية تامة. كما نتمنى إثراء قانون الأسرة بمواد إضافية، تحفظ حقوق هذه الفئة من المرضى، وتحميهم من الاستغلال والاحتيال.”