-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
التقرير السنوي لمجلس المحاسبة يدق ناقوس الإفلاس:

مؤسسات عمومية غارقة في الديون وعاجزة عن الدفع

إيمان كيموش
  • 5908
  • 0
مؤسسات عمومية غارقة في الديون وعاجزة عن الدفع

كشف تقرير مجلس المحاسبة لسنة 2022 عن مؤشرات سلبية لأداء المؤسسات العمومية الاقتصادية خلال السنوات الماضية، والتي أكّد أن معظمها غارقة في الديون وعاجزة حتى عن السداد، كما قدّم جملة من التوصيات للخروج بها من هذه الوضعية، منها حل مجلس مساهمات الدولة واستبداله بهيئة جديدة أكثر صرامة لمتابعة أداء هذه المؤسسات وتكريس الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتنفيذ برنامج خوصصة بعض المؤسسات، وضمان تكوين أحسن في مجال التنفيذ والإدارة وتطبيق البرامج والمخطّطات الخاصة بالتسيير.

استثناء “جيكا” و”ساربور” و”كوسيدار” و”مدار” بتسجيل تدفقات معتبرة

وانتقد تقرير مجلس المحاسبة لسنة 2022 بشكل واضح صعوبات في تنفيذ مخطّطات التنمية للمؤسسات العمومية الاقتصادية، حيث سبق وأن شرعت السلطات في برنامج واسع وطموح لتحديث المؤسسات وإعادة تأهيلها، من خلال مخطّطات تنمية يتم تمويلها بقروض بنكية مدعومة.

استهلاك 619 مليار من القروض و85 ألف مليار من مبلغ الاستثمارات دون جدوى

ووصل المبلغ الخاص بالتكوين والتجهيزات والاستثمارات وإطلاق مشاريع جديدة لوحده 1397 مليار دينار إلى غاية 31 مارس 2020، بما في ذلك مبلغ 855 مليار دينار تم استهلاكه أي بنسبة 61 بالمائة.

وواجه هذا البرنامج الذي ورثته المجمّعات العمومية صعوبات في التنفيذ، فبعض المؤسسات لم تكن مستعدة لخوض مثل هذا البرنامج، ناهيك عن التسرع في إعداد التقديرات المالية والتقنية لاحتياجات بعض المؤسسات العمومية الاقتصادية دون دراسة مسبقة أو الاستعانة بالخبرات الخارجية الوطنية أو الدولية إلى إفراط المؤسسات المعنية في الاستثمار، أو حيازة تجهيزات بتكنولوجية عالية، دون امتلاكها للتأهيل من أجل تشغيلها.

اقتراح حلّ مجلس مساهمات الدولة واستبداله بهيئة لمتابعة صرف الأموال

وأدت هذه الوضعية إلى سوء استغلال القدرات وعدم الحصول على حصص في السوق، وتفاقمت الوضعية، بسبب صعوبات الحصول على تكوين لاكتساب التأهيل الضروري لغياب المراكز والمعاهد والتخصصات الجامعية التي توفّر التكوين المطلوب، حيث استهلكت المؤسسات دون تحسين وضعيتها 6196 مليار دينار، وهو ما يمثّل 27 بالمائة من القروض الممنوحة.

كما انتقد تقرير مجلس المحاسبة عدم وجود توحيد شامل للبيانات الاقتصادية والمالية للقطاع العمومي التجاري، وغياب إطار محاسبي موحّد ومناسب على مستوى وزارة المالية يتعلّق برؤوس الأموال التجارية للدولة، كما أكّد أن رؤوس الأموال التجارية ملكية غير محقّقة تتابعها المديرية العامة للخزينة، بدلا من المديرية العامة للأملاك الوطنية، وندّد بضعف تداول المعلومة الاقتصادية والمالية حول المؤسسات العمومية الاقتصادية.

وأكد تقرير مجلس المحاسبة أن جل الملاحظات السلبية لهذه المؤسسات الاقتصادية، انصبت حول النظام المعمول به والذي يتضمن نقائص تتعلّق خصوصا بممارسة مهام الهيئات المكوّنة للنظام وآليات التنسيق وتبادل المعلومة الاقتصادية والمالية فيما بينها وتوحيد البيانات والتسجيل ومتابعة الأموال العمومية المستثمرة، ناهيك عن عدم استقرار النظام وتناقض مع السياسات العمومية منذ استحداث هذه المؤسسات.

انخفاض رقم أعمال المؤسسات بـ8 بالمائة إلى غاية 31 ديسمبر 2019

وسجّل تقرير مجلس المحاسبة بأن التحليل المالي والتقييم الاستشرافي إلى غاية 31 ديسمبر لسنة 2019 حول نشاط 12 مجمّعا وفروعه التابعة لوزارة الصناعة والمناجم وقتها، بما في ذلك أفضل مجمّعات القطاع العمومي التجاري من حيث الأداء وهي “جيكا” و”صيدال” و”كوسيدار” و”مدار”، سجّلت انخفاضا في رقم أعمالها الإجمالي بلغ 8 بالمائة وقيمتها المضافة عادل 7 بالمائة وفي إجمالي فائض استغلالها الخام عادل 34 بالمائة.

الصناعة تكشف عن خطّة للخوصصة وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص

وبخصوص المديوينة، وإلى غاية 31 ديسمبر 2018، بلغت الأصول الصافية للقطاع العمومي التجاري، باستثناء البنوك وشركات التأمين 22 ألف و378 مليار دينار ممولة بنسبة تقارب 52 بالمائة بالديون، أي 11 ألف و578 مليار دينار، منها 8369 مليار دينار تعود لمجمعي سوناطراك وسونالغاز ما يعادل 72 بالمائة من إجمالي ديون القطاع العمومي التجاري.

ديون “إيميتال” و”أس أن في إي” وأخرى تجاوزت 90 بالمائة في 2017

أما بالنسبة لمجمعات “أس أن في إي” و”إيميتال” و”أو أن بي إي” فقد تجاوزت 90 بالمائة، حيث أن هذه الديون تم اقتراضها بشكل أساسي مع الخزينة والبنوك العمومية، وبلغت هذه الديون نهاية 2017 للمجمّعات والمؤسسات العمومية الاقتصادية، دون سوناطراك وسونالغاز واتصالات الجزائر 2350 مليار دينار، وهو ما يمثّل 187 بالمائة من رؤوس أموال هذه المجمّعات، وقد سجّل مجلس مساهمات الدولة المديونية المفرطة للمؤسسات العمومية والاقتصادية وخطر عدم قدرتها على تسديد ديونها، باستثناء مجمّع جيكا، ساربور ، كوسيدار ومدار التي تسجّل تدفقات نقدية معتبرة.

وعرفت المؤشرات المالية والاقتصادية تدهورا خلال السنوات الموالية، وفق ذات التقرير

ووفق التوصيات المتضمنة في تقرير مجلس المحاسبة لسنة 2022، يحث المجلس السلطات العمومية على إنشاء هيئة وطنية لتسيير مساهمات الدولة خلفا لمجلس مساهمات الدولة “سي بي أو”، لممارسة صفة مساهم لحساب الدولة، مدعومة بالصلاحيات والوسائل اللازمة من أجل التكفّل بتسيير ومتابعة مساهمات الدولة المباشرة وغير المباشرة، ذات أغلبية أو أقلية وتمثيل الدولة داخل هيئات المداولة للمؤسسات المستفيدة من مساهمات الدولة.

وينص التقرير أيضا على تحليل وتوحيد الوضعية الاقتصادية والمالية لمحفظة الدولة والقيام بكل الدراسات الاستشرافية من أجل دعم أداء المؤسسات العمومية الاقتصادية واستقلالية نموّها وفحص استراتيجيات ومخطّطات تطوير وتمويل المؤسسات العمومية الاقتصادية بالتعاون مع القطاعات الوزارية وإبداء رأي فيها، وتنفيذ سياسات واستراتيجيات الدولة المساهمة، وتقديم تقرير سنوي على الأداء الشامل للقطاع العمومي التجاري.

فرض استقلالية قرارات مسيّري المجمّعات العمومية لضمان الشفافية

وتضمن التقرير أيضا تحديد بوضوح علاقات القطاعات الوزارية مع المجمعات الصناعية والمؤسسات العمومية الاقتصادية غير المنتمية، بغرض ضمان استقلالية القرار العملي لمسيري المجمعات والمؤسسات العمومية الاقتصادية، وترقية سياسة الشراكة مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي لضمان أفضل حوكمة للمؤسسة والسماح من جهة أخرى للدولة للتفرّغ للمؤسسات العمومية الاقتصادية، التي تعتبرها استراتيجية.

وردّ وزير الصناعة في ذات التقرير، بأن دائرته الوزارية شرعت في إجراء هو قيد الدراسة حاليا لاستحداث هيكل جديد لإدارة مساهمة الدولة، وذلك وفق تعليمات الوزير الأول وتوصيات الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي المنعقدة أيام 4 و5 و6 ديسمبر من سنة 2021، حيث أن هذه المؤسسة الجديد تضمن تسيير مساهمة الدولة كما سيتعيّن عليها تحديد العلاقات بين الدولة وأوصالها مع المجمّعات والشركات غير المنتسبة.

كما سيتعيّن على السلطة الجديدة أن تعزّز الشفافية لاسيما حيال الوزارات المعنية وكذا الوزارة الأولى من خلال نشر معلومات موثوقة وشاملة عن القطاع بطريقة دورية منتظمة وهذا من أجل تقييم أفضل لممتلكات الدولة، مع السهر على تحسين الإدارة والبحث عن الأداء الاقتصادي ومن خلال الدعم الفعال لتنميتها التي يجب أن تهدف إلى تحقيق نمو مربح.

وفيما يتعلق بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي، نص تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الصناعة على إنشاء إدارة مخصّصة بشكل خاص للشراكة، بهدف التشجيع والإشراف على الشراكة بين الشركات لاسيما بين الخاصة والعامة ومراقبة تنفيذها، وترقية وتحديد فرص الشراكة بين المؤسسات العمومية الاقتصادية الصناعية والمتعاملين الخواص الوطنيين والأجانب بالتنسيق مع الأطراف المعنية، وهذا يدلّ على الاهتمام الذي يوليه قطاع الصناعة لتعزيز الشراكة بجميع أبعادها العامة ـ عامة والعامة ـ خاصة الوطنية والأجنبية، ناهيك عن إنشاء قسم إعادة الانتشار المتعلّق بتعزيز الشراكة من خلال المساهمة في إعداد برنامج تطوير وإعادة انتشار وخوصصة وفتح رأسمال القطاع العمومي الصناعي ومتابعة تنفيذه، واقتراح كل إعادة تنظيم من شأنها تعزيز تنافسية وفعالية المؤسسات العمومية الاقتصادية التابعة للقطاع الصناعي.

ويتضمّن التقرير أيضا تحضير برامج فتح رأسمال وخوصصة المؤسسات العمومية والاقتصادية التابعة لقطاع الصناعة بالاتصال بالأطراف المعنية، واقتراح كل تدبير بهدف تحسين المنظومة التشريعية والتنظيمية المتعلّقة بخوصصة وفتح رأسمال المؤسسات العمومية الاقتصادية الصناعية، والسهر على تسيير ومتابعة العمليات الخاصة ومساهمات الدولة بالأقلّية أو الأغلبية في رأسمال المؤسسات المخوصصة.

ورد وزير الصناعة بخصوص التفكير في إصلاح القطاعات الاستراتيجية التي يتعيّن على الدولة أن تضمن لها مراقبة المؤسسات التي ستشملها، بالمقترح الصائب واقترح في هذا الصدد إنشاء نظام مرجعي يسمح بتصنيف المؤسسات الاقتصادية العامة اعتمادا بشكل خاص على الأهمية الاستراتيجية، القطاع وخصوصية النشاط، حجم الشركة، عدد العاملين، الموقع الجغرافي، الوضع الاقتصادي والمالي للشركة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!